( ودع التعليم بدرس )
قامةٌ تربوية شامخة ، ووجيهٌ اجتماعيٌ بارز
شرفت بمعرفته وزمالته ؛ إنه الأستاذ/ حديد بن محمد بن حديد الفريدي
عرفه الجميع مدرسةٌ بأخلاقه وتعامله
سيرة طيبة ، ومسيرةٌ مباركة ، سنواتٌ في التعليم عاشها وهو يُعلم جيلًا جيلا ، وينشئ أنفسًا وعقولًا .
رأت إدارة المدرسة - مشكورةً - أن يقام له حفل تكريم وفاءً لعطائه ولكنه اعتذر تمامًا عن فكرة التكريم قائلًا بأنه لا يريد أن يسُنَّ سنّةً يُحرج فيها منسوبي المدارس مستقبلًا وأن كل من تقاعد يوضع له حفل تكريم .
مغادرًا الميدان التربوي ومودعاً التعليم بهذا الدرس العملي ، ضاربًا بهذا أروع مثال في البعد عن الأضواء والشاشات ، متنازلًا عن حقه في التكريم مراعاةً وتكريماً للآخرين .
ولا شك أن هذا بُعدُ نظر ، وسعةُ أفُق ، ومنطقُ عقل ، ولسان حكمه ؛ ومن أوتيَ مثل هذا فقد أوتي خيرًا كثيرًا .
وفي رفضه فكرة التكريم درسٌ عملي لأولئك الذين يلهثون وراء الشاشات والأضواء في أن يرفقوا بأنفسهم وبغيرهم ، وأن يكونوا قدوةً للأجيال في البعد عن الجَلَبَةِ والضجيج ، وأن لا يكسروا ظهورَهم بظهورهم .
ومثل هذه المواقف التربوية لا تُطوى فتُنسى بل تُشهَر فتُشكر ؛ لتكون نبراساً للباقين، ونموذجًا للغابرين .
وهكذا غادرنا - الأستاذ حديد - بصمتٍ ودرس ، وخطىً واثقة ، غادرنا لا ليتوقف عن العطاء ولكن لينتقل إلى آفاقٍ أوسع في ميادين الحياة .
تركي بن معضد الحربي