تأملات 4 رمضان / ١٤٤٢ هـ | *مرضي العفري
........................................................
فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ
من خلق هذا الجسد العجيب بتكوينه وأنسجته يعلم أن الفراغ لا يصلح له، وتجد أن المؤمن منجز في الدعوة والتأليف حتى في أعمال الدنيا، والحقوق التي عليه،
لأن الدين قائم على التنقل للواجبات والعطاء والبذل والمبادرة للخير، وأعمال البر الكثيرة،
والشريعة تحث على العمل، والحركة، والضرب في الأرض، والإتقان، وعدم العيش على هامش الحياة،
لهذا أهل الطاعة ناجحون، فكلما فرغوا من عمل شرعوا في عمل آخر، لأنهم يزرعون هنا كل محاصيلهم باستمرار راجين من الله نيل الثمار في جنان الخلد.
وكان الرعيل الأول يفعل هذا قبل أن يسمع
لحديث الأطباء عن فوائد العمل والحركة، هذا وقد سلموا من قيل وقال، ومن المعارك الصغيرة التي
يحدثها عادة ضعاف النفوس، والجهلاء.
والإنسان الذي لا يعمل يتعب، وتجد أن الأمراض النفسية والجسدية تغزوه كل وقت؛ لأنه متفرغ لها، فلو عمل السجين لما اعتمد على السرقات وما عند غيره،
ولو تحرك المتسول لما أهدر ماء وجهه،
أما الحفاظ على ديمومة العمل لا ينافي الاستجمام والراحة بعد العمل، فهو حق للجسد والنفس كي ينشطا للأعمال الأخرى، وقد امتلأ القلب من الراحة والسعادة من هذه الاستراحة ما يجعله يواصل المسير دون ملل.
يقولون: المعدة بيت الداء، وأقول: الفراغ بيت البلاء،
لهذا قال الذي خلقنا؛ وعلم ما يصلح لنا:
فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ
2