26-09-08, 08:42 AM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو مؤسس و اداري سابق
| الرتبة: | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Mar 2007 | العضوية: | 16 | الاقامة: | مجــالس الفــردة | المواضيع: | 237 | الردود: | 2689 | جميع المشاركات: | 2,926 [+] | بمعدل : | 0.45 يوميا | تلقى » 7 اعجاب | ارسل » 12 اعجاب | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 120 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
مكتبة المجالس الكلمة الطيبة ، والكلمة اللينة الحديث عن الكلمة الطيبة والموعظة بالتي هي أحسن ، يجرنا لأكثر من محور
فلابد أن يتطرق للحلم والسماحة
ثم الكلمة الطيبة وتفعيل مبدأ ( قل خيراً أو اصمت )
ثم يحيط ويوجه ويحث على سعة الأفق . فهل هذه المحاور مترابطة فعلاً ؟؟
نحن بشر لسنا أنبياء لنا حدود طاقات ، وعن نفسي قد لا أكون وهبت الحلم والأناة ، وقد أغضب وتحتد لغة
خطابي ، وأنا أرى أنها غضبة لله ، فهل أكون هنا خرجت عن الكلم الطيب ؟ أم خرجت عن الحلم فقط .
دعنا نأخذ مثلاً قريباً ونقيس عليه.
رجل أخطأ في حق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ـ جهلاً منه ـ ، قد أرد عليه ، وأضمن أني لا أملك الحلم
ولا الأناة مع مثل هذا الشذوذ الصارخ ، لكني أملك أن لا تكون غضبة لنفسي وأن تكون بموجب الدين الذين أزن
به . هنا كلمة طيبة وإن لم تكن حليمة ، فالحلم هنا هشاشة .
الكلمة الطيبة في نظري ، ليست التي تصطبغ بالحلم ، وتتوشح بالأناة ، وتتسم بالسماحة واللين .
إنما الكلمة الطيبة ، هي كلمة الحق المتجردة للحق ، عن نوازع ومشاعر النفس .
وهي الكلمة المباشرة الصريحة التي تزن بميزان السماء . أما الحلم والأناة فيجب ـ في مواضع ـ أن تلغى تماماً .
وليس دائماً كل معني جميل يصلح في كل موقف .
أحياناً ثمة مواقف تحتاج إلى شي من إبداء الغرور أو الكبر ، والكبر منبوذ ، ودليل ذلك قول الرسول صلى الله
عليه وسلم عن رجل راءه يمشي مشية الغطرسة والخيلاء والكبر بين الجيشين : ( إن الله يكره مثل هذه المشية
إلا في هذا الموضوع ) . أو كما قال .
وكذلك قول موسى ( أني لأراك يا فرعون مثبوراً ) وقد أمر باللين معه بالقول ، لكن مؤكد أن الموقف الذي قيلت
فيه تلك الكلمة ـ التي تبدو لوهلة أنها فضة ـ لابد وأن الموقف أستدعى مثل هذا التعامل ، والله سبحانه وتعالى أقره
لموسى .
والهجر محرم في الشرع ، وخصوصاً لذي الرحم ، ولكن ثمة مواقف ـ أعتقد ـ أنها يجب فيها الهجر وجوباً ،
( قال فيما كنتم ، قالوا كنا مستضعفين في الأرض ، قال ألم تكن أرض الله واسعة ) .
إذا ليس شرطاً من شروط الكلمة الطيبة أن تكون حليمة ، وليس شرطاً فيها اللين والدعة.
الشرط أن تكون موزونة بميزان الحق
كما أن للتلطف واللين جانب آخر قد لا نعلمه
ننسى أو نجهل أحياناً أن الأهم هو مدخل الكلمة وليس الرونق واللغة ، فالله تعالى حين أرسل موسى إلى فرعون
قال له جل وعلى : اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى{43} فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى{44} قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا
أَوْ أَن يَطْغَى{45} قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى{46} فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي
إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى{47} إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى{48} قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى{49} قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى{50} قَالَ فَمَا بَالُ
الْقُرُونِ الْأُولَى{51} قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى{52} الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً
وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى{53} كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى{54} مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى{55} وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا
فَكَذَّبَ وَأَبَى{56)
أنظروا ـ أخوتي ـ التوجيه هنا في قصة هذا النبي الكريم..
كيف هو الطغيان المستفحل المستهدف( فرعون الذي يزعم أنه رباً ) ، وكيف كانت بداية الحوار معه ، وكيف
اللين في القول ، ليس اللين هنا في لغة القول ، ولكن في موضوع الحوار ..
فهو لينٌ مع الفطرة ... حديثٌ عن التوحيد والتعبيد لله تعالى لا يتصادم أبداً مع الفطرة ، بل ينساب معها انسيابا
بليونة ، فتذكير بالله تعالى بربوبيته وأفعاله وبالدار الآخرة والجزاء والحساب والبعث ، وأنه هو الخالق الرازق
المحيي الميت ، وكل البشر يعرفون الله تعالى ، وعبوديته تعالى ومعرفته من الفطرة التي فطر الناس عليها .
إذاً هذا هو اللين ، (موضوع الحوار ومدخله )، ليست لغة الخطاب ، ولو كان التوجيه لموسى باللين بلغة الخطاب
لما جاز له قول ( وأني لأظنك يا فرعون مثبوراً ) .
وهذا اللين ورد الحض عليه في السنة بقوله صلى الله عليه وسلم : ( حدثوا الناس بما يعقلون .. الحديث )
ووصيته لمعاذ حين بعثة لدعوة أهل اليمن : ( أنك تأتي قوماً أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا
إله إلا الله) .
فلنُعد قراءة الآيات مرة أخرى ، وانظروا كيف كانت الفطرة في المنظور في مواجهة أعتى طغيان بشري عرفه
التاريخ.
وكيف كانت البداية انسيابية مع الفطرة ، هينة لينة معها .
فلم تتصادم مع مفاهيم متأصلة ولا قيم دارسة ولا تقاليد ضاربة الجذور.
ولم نؤمر بالتصادم مع أولئك في مجال الدعوة وحتى تحقيق التعبيد لله تعالى ـ كما أفهم ـ . نقطة جديرة بطول مدارسة ، ولعلي يوماً ما أستعين على ذلك بمنّ الله وتوفيقه.
عبدالله بن غنام الفريدي
|
| |