20-08-08, 08:30 AM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو مؤسس و اداري سابق
| الرتبة: | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Mar 2007 | العضوية: | 16 | الاقامة: | مجــالس الفــردة | المواضيع: | 237 | الردود: | 2689 | جميع المشاركات: | 2,926 [+] | بمعدل : | 0.45 يوميا | تلقى » 7 اعجاب | ارسل » 12 اعجاب | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 120 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
مكتبة المجالس لمحات من عمق الفطرة لمحات من عمق الفطرة
في شخصية الفرد ، في نفسيته ، في سلوكياته ، في إمكاناته وحدود طاقاته ، في أفقه وفي معنوياته ...
شيء واحد فقط لا يفتأ يفاجئني ، في كل إنسان توسمت فيه ، مهما توسمت فيه ، ومهما رأيت ، مهما كان هذا الفرد ومهما كانت خلفيته التربوية ( عموماً ) ، ومهما كانت سعة ثقافته بتعدد زوايا المنظور لديه وإلمامه بأطياف شتى ، أي مهما كان مدى وعيه عامة ، أو قوة شخصيته...
أي شخص ـ على الإطـــــــلاق ـ بأي صورة كان ، لا يفتأ يفاجئني بأن بين طيات شعوره ، وفي صلب شخصيته ، تكمن قوة الإرادة ، غير بعيد ، تنتظر فقط ما يحركها ، ثم تصنع المعجزات.. وقوة الإرادة تمتلك كل المقدرة على تغيير شخصية الفرد كاملة ومن الجذور.. لذا كل إنسان مهما كان قابل للتغيير الجذري ، والإصلاح الشامل ، على أي صورة كان ...
ويبدو لي أن قوة الإرادة من صميم الفطرة ـ والله أعلم ـ وهي السر الباتع في مدى قوة هذا الإنسان.
إنها في كل فرد ، ولكنها في غالبية الأفراد تعيش بين الجنبين بسكون كسكون البذرة الذي قد يمتد لردح من الزمان.
والإرادة قوة في الإنسان لا تعدلها قوة ، ولن تتغلب عليها قوة ، لأنها بمجرد أن تسري في أطراف الجسد وحتى قبل شيوعها على كافة الجسد ، تُفَعل معها الاستقلالية والثقة بالنفس والطموح والأنفة والعزة والكرامة والتحرر . والذي يحي قوة الإرادة في ضمير الفرد شيء واحد فقط الحلم ( الأمنية : وهو الأمل ببلوغ قمة معينة ، تعني شيئاً جليلاً في ضمير الفرد ، أو سمها : الوازع ) الحلم الكبير لدى الفرد ن وهذا الحلم له أكثر من صورة ، وأكثر من حجم ، وأكثر من اتجاه ، ولكن ـ الحلم الواحد ـ عند الفرد الواحد يكون بصورة واحدة ( وتكون شديدة الوضوح للحالم ) وحجم واحد ( لابد أن يكون كبيراً في نظر متبنيه ) وفي اتجاه واحد كذلك ( ولابد أن يكون مقنعاً تماماً لعاطفته وفكره ، ليتملاه بالروح والعقل ، فيضمن له الإستمرار ، ويعيش عليه ولأجله ) ، وقد يكون عند الفرد أكثر من حلم ، وهذا زيادة في قوة الإرادة ويتناسب طردياً مع سعة الأفق ، والقرار الإنساني على قمة الكمال: ولنمثل بمثل بسيط :
قوة إرادة الوالد في رعاية واحتضان وتبني ولده ، هذا من منطلق أن ولده عنده ( حلم كبير ) ليست المسألة مجرد عاطفة بل هي غريزية ، ترتبط بقوة الإرادة ، فيعيش الوالد حالماً بولده مستميتاً في الدفاع عن ذلك الحلم من كل تهديد مهما بدا ذلك التهديد ضئيلاً ، حتى وإن كانت كلمة ضالة تعني التقليل من شأن ذلك الحلم ... وقس على ذلك كل حلم كبير عند الفرد. ومثل بسيط آخر :
المهلهل : قاد حرباً استمرت أربعين سنة ، فما الذي أحيى عنده قوة الإرادة على الاستمرار ، ليست عاطفته تجاه مقتل أخيه قطعاً ، إنما هو ( الحلم ) بالمجد التليد الذي قوضه جساس ، والأمل بأن يعود ذلك المجد ( الحلم ).
هذا ( الحلم ) شي أساسي من الغريزة لا يمكن أن يتعرض للنسيان أو التلاشي ، على عكس العاطفة وهي غريزة ثانوية قد تتحور وتتبدل وتتلاشى بل وتنسى بالكلية أحياناً.
أشير هنا ، أن الفرح والغضب والحزن والسعادة والألم ، لاتمثل الكرامة والعزة والأنفة والمجد ولكنها تساعد على تحقيقها ، فهي ثانوية : هي كأطراف العصب الذي يترجم الإحساس أي أنها قناة تنقل الإحساس وليست هي ( المخ ) مقر الإحساس فهي عوامل مساعدة يجب أن تتوازن مع بعضها وتتزن مع مقرها ( الفطرة أوالنفس ووازع تلك النفس أو صبغتها ) يجب أن تتناسب بما يخدم ( الوازع ، الحلم ) والا تطغى فينحرف ( الكل ) عن المسار والهدف البعيد والحلم المنشود. ونكتفي بهذه الإشارة.
ذاك ( الوازع ، الحلم ) شي من عمق الفطرة ( مركز الإحساس والعصب فيها ) ، وهو صبغة الله للفطرة ، هو خلقنا بهذه الفطرة ، وأرتضاها لنا وخط لنا ديناً يتماشى مع تلك الصبغة ، فبه فقط تستطيع تحقيق الهدف وبلوغ الحلم البعيد.
إن الإسلام ـ دين الله الذي خطه لفطرة البشر ـ يبارك عند الفرد أكثر من حلم بل يبارك عند الفطرة كل حلم معتدل تحلم به ، فرضى الله تعالى حلم ، والجنة وازع ، والهروب من الخسران والفشل وازع ، وعمارة الأرض وازع ، وإصلاح الناس وازع ، وفهم الحياة وطلب العلم حلم ، والإجتماع والإنضمام إلى صفوة الخلق والتميز معهم حلم ووازع ، وإن يكون الفرد قدوة يحتذى به ويذكر ويشكر بتميز مشهود ، كذلك وازع وحلم . وكل أمل بعيد وحلم مجيد للنفس البشرية يباركه الإسلام ويحتضنه ، مالم يكن من التعدي الذي لا ترتضيه العدالة.
وهكذا لن يشاد أحد هذا الدين الا غلبه ، لأن هذا الدين يتميز بالشمول ، ولن يوجد فرد يتميز بالشمول ـ فيحيط كما يحيط الدين بكل شي ـ ، كما أن توجهات الأنفس وأحلام البشر بل وعقول وخيالات البشر تنحى كل منحى وتتجه في كل إتجاه ، وهو دين لفطرتهم لذا جاء شاملاً كما هي طبيعتم ـ بجملتهم ـ الشمول.
الموضوع في نظري غزير ومتشعب ، ويحتاج إلى التناول من أكثر من جهة، ولكن حسبنا هنا مجرد الإشارة لتلكم اللمحات..
كتبه :
عبدالله بن غنام الفريدي
4 / 11 / 1428هـ
|
| |