30-07-08, 05:30 AM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | ::عضو نشط::
| الرتبة: | | البيانات | التسجيل: | Mar 2008 | العضوية: | 981 | الاقامة: | ل | الجنس: | ذكر | المواضيع: | 6 | الردود: | 49 | جميع المشاركات: | 55 [+] | بمعدل : | 0.01 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 50 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
المجلس الإسلامي خيرة الله
****** خيرة الله ..
د . عائض القرني
*****
العبد لضعفه ولعجزه لا يدري ما وراء حجب الغيب ، فهو لا يرى إلا ظواهر الأمور ، أما الخوافي فعلمها عند ربي ، فكم من محنة صارت منحة ، وكم من بلية أصبحت عطية ، فالخير كامن في المكروه . أبونا آدم أكل من الشجرة وعصى ربه
، فأهبطه إلى الجنة ، فظاهر الأمر أن آدم ترك الأحسن والأصوب ، ووقع عليه المكروه ، ولكن عاقبة أمره خير عظيم وفضل جسيم ؛ فإن الله تاب عليه وهداه واجتباه وجعله نبيا وأخرج من صلبه رسلاً وأنبياء وعلماء وشهداء وأولياء ومجاهدين وعابدين ومنفقين ، فسبحان الله كم بين قوله تعالى : ( اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً ) ، وقوله : ( ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ) ؛ فإن حاله الأول سكن وأكل وشرب ، وهذا حال عامة الناس الذين لاهمّ لهم ولا طموحات ، وأما حاله بعد الاجتباء والاصطفاء والنبوة والهداية فحال عظيمة ، ومنزلة كريمة ، وشرف باذخ .
وهذا داود عليه السلام ارتكب الخطيئة فندم وبكى ، فكانت في حقه نعمة من أجلّ النعم ؛ فإنه عرف ربه معرفة العبد الطائع الذليل الخاشع المنكسر ، وهذا مقصود العبودية ، فإن من أركان العبودية تمام الذل لله عز وجل .وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن قوله صلى الله عليه وسلم : ( عجباً للمؤمن لا يقضي الله له شيئاً إلا كان خيراً له ) – رواه أحمد في مسنده - هل يشمل هذا قضاء المعصية على العبد ؟ قال : نعم ، بشرطها من الندم والتوبة والاستغفار والانكسار . فظاهر الأمر في تقدير المعصية مكروه على العبد ، وباطنه محبوب إذا اقترن بشرطه . وخيرة الله لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ظاهرة باهرة ؛ فإن كل مكروه وقع له صار محبوباً مرغوباً ، فإن تكذيب قومه له ومحاربتهم إياه كان سبباً في إقامة سوق الجهاد ومناصرة الله والتضحية في سبيله ، فكانت تلك الغزوات التي نصر الله فيها رسوله ، وفتح عليه ، واتخذ فيها من المؤمنين شهداء جعلهم من ورثة جنة النعيم ، ولولا تلك المجابهة من الكفار لم يحصل هذا الخير الكبير والفوز العظيم ، ولما طُرد صلى الله عليه وسلم من مكة كان ظاهر الأمر مكروهاً ، ولكن في باطنه الخير والفلاح والمنة ، فإنه بهذه الهجرة أقام صلى الله عليه وسلم دولة الإسلام ووجد أنصاراً ، وتميز أهل الإيمان من أهل الكفر ، وعُرف الصادق في إيمانه وهجرته وجهاده من الكاذب . ولما غلب المسلمون في أحد كان الأمر مكروهاً في ظاهره شديداً على النفوس ، لكن ظهر له من الخير وحسن الاختيار ما يفوق الوصف ، فقد ذهب من بعض النفوس العُجب بانتصار يوم بدر والثقة بالنفس والاعتماد عليها ، واتخذ الله من المسلمين شهداء أكرمهم بالقتل كحمزة سيد الشهداء ، ومصعب سفير الإسلام ، وعبدالله بن عمرو والد جابر الذي كلمه الله ، وغيرهم ، وامتاز المنافقون بغزوة أحد وفُضح أمرهم وكشف الله أسرارهم ، وهتك أستارهم .
إن من عرف حسن اختيار الله لعبده هانت عليه المصائب ، وسهلت عليه المصاعب ، وتوقع اللطف من الله واستبشر بما حصل ؛ ثقةً بلطف الله وكرمه وحسن اختياره ، حينها يذهب حزنه وضجره وضيق صدره ، ويسلم الأمر لربه جل في علاه ، فلا يتسخط ولا يعترض ولا يتذمر ، بل يشكر ويصبر حتى تلوح له العواقب وتنقشع عنه سحب المصائب.
|
| |