إنصفوا الشعراء

أعود وأقرأ بعض قصائدي القديمة فأجدها في ألف شأن

والحق أنها وإن كانت حقبة نمو وتطور وبحث عن قيمة أمثل ، إلا أنها لم تكن تعاني من التناقض ، ولم تكن تسعى لغير هدى ، على عثراتها ووكساتها ونكساتها .

كانت بمجملها تعني مرحلة النمو والتطور ، وخط سير يكاد يكون متصلاً ، وماض إلى الهدف ، ولكن ببطء.

وقفت أتأمل تلك القصائد هل كانت متناقضة ، هل كانت تعبر عن أكثر من عقلية ونفسية ؟

هل كان الشاعر يعاني من انفصام في شخصيته ؟

الحق أقول ، وعن علم أقول ، لأني أعرف الناس بهذا الفتى مذ كان صبياً في بداية التمييز ، أنها لم تكن شخصيته ولا أفكاره متناقضة ، بل إنها فيما يبدو لي تتسم بالثبات والعمق والموضوعية .

لكن لماذا إذن كانت قصائده في ألف شأن ؟؟ وعلى أكثر من جهة ؟؟

لماذا تارة نسمعه يتغنى بحب الحياة ، وتارة نجده يعلن ويقرر أنه سئم الحياة ، وأنه خُلق بنفس تعلقت الفرقدين وكُبت إلى النوح بين القبور ، كما عَبّر ؟

فكرت طويلاً في أشعاره وكيف سيقرؤها الناس ، ثم استدعاني التأمل للنظر في حال أمة من الشعراء خلت ، كيف نظر لهم الزمان وكيف حكم عليهم التاريخ .

ووجدت أن الزمان أنصفهم وأنصفهم العقلاء ، ولكن لم ينصفهم الغالب العام من الناس .

فلما ؟؟؟

أنا عندي قناعة راسخة ، أن أعذب الناس شعراً أرهفهم حساً وأوضحهم بصيرة .

لذا أنا متأكد أن الشاعر الفذ لا تناقض في شخصيته ولا في أفكاره ، فهذا ينتفي تماماً مع وضوح البصيرة .


إذا لماذا أوحت قصائده بهذا لغالبية الناس ؟؟

أنها حقيقة الشعر التي يغفل عنها غالبية الناس ، فلا يدركون أن الشعر ترجمة في المقام الأول لشعور الشاعر

فهو ترجمة لحظية لشعور النفس ، تشرح ما يعتمل في صدر الشاعر في اللحظة التي سبكت فيها القصيدة.

وينسى الناس بنسيان هذه الحقيقة أنه يفترض أن لا يتعدى المنظور الذي تلقيه القصيدة والخلفية التي تعطينا

عن الشاعر ، ذات الوقت الذي كتبت فيه .

فلا حقيقة للتناقض في شخصية ومذهب الشاعر ، والشعر ترجمة لحظية لشعوره وما يحس به .

لأن تلك الترجمة اللحظية لابد وأن تكون ناقل لاضطرابات وخلجات ووساوس النفس ، ورصد لتقلباتها .

والله تعالى يقول : (( َالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ [الشعراء : 224] أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ [الشعراء :

225] وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ [الشعراء : 226] إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً

وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ [الشعراء : 227] ((.

وهذا من وجهة نظري ناتج لكون الشعراء يتخذون الشعر في الغالب لترجمة الشعور اللحظي .

لذا طبيعي جداً أن يكون في ألف شأن ، وأن يعكس شيئاً أشبه بالتناقض .

فيجب ـ من وجهة نظري ـ أن لا نأخذ على الشاعر كون قصيدته تعبر عن ردة فعل لحظية ، وأن لا نفهم مطلقاً أن ذلك الشعور اللحظي هو عقيدة عند الشاعر .

فأنصفوا الشعراء.

عبدالله بن غنام الفريدي
25 / 7 / 1429 هـ
__________________

ابو عزام

لافض فوك وصح لسانك وبيض الله وجهك

تمعن ودراسة تسلط الضوء على جانب مهم من حياة الشعراء

وهذا أيضاً من فرط حساسية الشعراء

فالشاعر بطبعه حساس جداً ويسجل كل مايمر بحياته اليوميه ولو في بيت واحد

والقصائد الخاصة لدى الشاعر أو سجل يومياته ضعف القصائد القابلة للنشر لديه

مما يعطي دلالة واضحة على كل ماتفضلت به

شاكر لك

ودم بالوجود

مقالة جدا اعجبتني وقد اصبت بما ذهبت إليه - الشعر ترجمة للشعور الإنساني اللحظي والمتأني-
ومشكور على روعة السبك أما ترجمة الآيات فالله أعلم .

نازف الحرف

نقطة مهمة كانت بحاجة لمثل هذا التوضيح لأن الكثير ممن يدعون نقد الشعر يغفلون مثل هذ الجانب...
كل الشكر ابوعزام على هذه الفائدة..

ابو عزام
اجدت في هذه المقالة الرائعة كما هي عادتك دائما
اخي الكريم ان احساس الشاعر باعتقادي يختلف عن اي شخص اخر
ولذاك ابدع وتوج هذا الاحساس من خلال قصائدة
ولذاك فان متذوق الشعر يظهر له مدى احساس الشاعر
بقصيدته فان كانت مصنوعة صناعة يجد ذلك واذا كانت
عبارة عن احاسيس عفوية نظمها الشاعر يجد المتذوق ذلك
من خلال صدق ابياتها ....
مقالة رائعة جدا تجعلنا نقف احتراما لتلك الكلمات الجميلة وقائلها
فدمت لنا مبدعا

اقف أحترام لهذه الاحاسيس والمشاعر
ووصفها الدقيق لما يجول بخاطر الشاعر
وتعبيره عنها بهذا الوصف الدقيق عبر هذه المقالة القيمة

تحياتي ابو عزام

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مقبل بن نمران

ابو عزام

لافض فوك وصح لسانك وبيض الله وجهك

تمعن ودراسة تسلط الضوء على جانب مهم من حياة الشعراء

وهذا أيضاً من فرط حساسية الشعراء

فالشاعر بطبعه حساس جداً ويسجل كل مايمر بحياته اليوميه ولو في بيت واحد

والقصائد الخاصة لدى الشاعر أو سجل يومياته ضعف القصائد القابلة للنشر لديه

مما يعطي دلالة واضحة على كل ماتفضلت به

شاكر لك

ودم بالوجود

ابو ياسر تأييدك للنظرة يعطيها القوة ولاشك

وأنت طبعاً من فحول الشعراء

فلك شكري ومحبتي وتقديري

على مرورك وإضافتك وثناءك الطيب الكريم

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نازف الحرف

مقالة جدا اعجبتني وقد اصبت بما ذهبت إليه - الشعر ترجمة للشعور الإنساني اللحظي والمتأني-
ومشكور على روعة السبك أما ترجمة الآيات فالله أعلم .

نازف الحرف

ابو ماجد لا هنت على المرور والإضافة والتأييد شاكر ومقدر .

وثناءك الطيب مناط غبطة أخيك بلا أدنى شك

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد العزيز بن نمران

نقطة مهمة كانت بحاجة لمثل هذا التوضيح لأن الكثير ممن يدعون نقد الشعر يغفلون مثل هذ الجانب...
كل الشكر ابوعزام على هذه الفائدة..

مرحباً بك عبدالعزيز / مشتاقين والله لقلمك الرائع .

نعم أخي أنا ع نفسي أراها غاية الأهمية ، في الحكم على الشعراء .

على عقلية الشاعر ونفسيته ، أو حتى مذهبه وعقيدته .

والشكر لك عبدالعزيز فمرورك وتعليقك تميز للموضوع أبحث عنه دائماً.

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منصور الوسوس

ابو عزام
اجدت في هذه المقالة الرائعة كما هي عادتك دائما
اخي الكريم ان احساس الشاعر باعتقادي يختلف عن اي شخص اخر
ولذاك ابدع وتوج هذا الاحساس من خلال قصائدة
ولذاك فان متذوق الشعر يظهر له مدى احساس الشاعر
بقصيدته فان كانت مصنوعة صناعة يجد ذلك واذا كانت
عبارة عن احاسيس عفوية نظمها الشاعر يجد المتذوق ذلك
من خلال صدق ابياتها ....
مقالة رائعة جدا تجعلنا نقف احتراما لتلك الكلمات الجميلة وقائلها
فدمت لنا مبدعا

الله يسلمك ابو محمد ما عليك زود الله لا يهينك

ومن حسن الفأل أن أكسب مرورك على هذه المشاركة .

وهذا دليل شاعريتك ولاشك .

لأن أعتقد أن الموضوع هذا يهم الشعراء ، وأشك في أن كل الأسماء التي ردت عاجلاً هم بالتأكيد شعراء ولاشك .

وقولك عن الإحساس الذي يكتب به الشاعر ، وأنه العمدة في تمييز قصائده لدى المتذوقين ، صحيح ولا شك في نظري ، وأظنك أوردته كتأكيد وتأييد لقولي أن الشاعر هو من يملك الحس المرهف البصير.

شاكر ومقدر مرورك العلم

والإبداع دائماً يقفو أثرك