رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح.
جزاك الله خيراً على مشاركاتك الرائعة .
لقد رأيت موضوعك : ( ســجل حــظورك بنــطــق الشــهادتــيــن )
فتعجبت وتساءلت : هل هناك دليل من القرآن أو السنة على أن نبدأ عملنا بنطق الشهادتين ؟
فالعبادات ـ كما هو تعلمون ـ موقوفة على النص من القرآن أو صحيح السنة ، ولا يوجد نص يأمر أن تفتتح أعمالنا بالنطق بالشهادتين ـ .
فإذا لم يوجد دليل فهذا بدعة . والبدعة : هي الأمر الْمُحدَث في الدِّين بِقصد القُربَـة والطاعة .
و ليس كل ما يُشرع على وجه العموم تُشرع آحاده وأفراده .
فالصلاة مشروعة (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) ، وقد ردّ العلماء الصلوات الْمُحدَثَة رغم أن لها أصلاً في الدِّين .
وإحداث أقوال أو صلوات على النبي صلى الله عليه وسلم لم تشرع من البدع .
قال الإمام الشاطبي:
فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مُخترعة تُضاهي الشرعية يُقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ، وهذا على رأي من لا يُدخل العادات في معنى البدعة ، وإنما يَخُصُّها بالعبادات.
وأما على رأي من أدخل الأعمال العادية في معنى البدعة فيقول : البدعة طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية . اهـ.
وقال الإمام القرطبي :
وسُمِّيَت البدعة بدعة لأن قائلها ابتدعها من غير فعل أو مقال إمام .
وقال:
وكل من ابتدع وجاء بما لم يأمر الله عز وجل به فقد فرّق دينه.اهـ .
والدليل العام لا يكون دليلاً على أمر خاص .
فابن مسعود رضي الله عنه أنكر على الذّاكرين ، الذين اجتمعوا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يَذكرون الله بالحصى ، ولم يَفهم ابن مسعود ولا غيره من الصحابة أن عموم الأدلة الدالة على فضل الذكر وإقامة ذِكر الله ، أنها تدل على تلك البدعة المخصوصة .
روى الدارمي وابن وضاح في البدع أن ابن مسعود رضي الله عنه أنه دخل على أقوام يُسبّحون بالحصى في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟
قالوا : يا أبا عبد الرحمن , حصىً نعدّ به التكبير والتهليل والتسبيح !
قال : فعدوا سيئاتكم ! فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء . ويحكم يا أمة محمد ! ما أسرع هلكتكم ! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون ، وهذه ثيابه لم تَـبْـلَ ، وآنيته لم تُـكسر . والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد ، أو مفتتحو باب ضلالة ؟
قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير !
قال : وكم من مريدٍ للخير لن يصيبه !
فبالله عليك - وفقك الله - نحن في غنى عن الوقوع في محظور الإحداث و الابتداع ..