ركزوا ر ِفاتك في الرِمال لِواءَ

ركزوا ر ِفاتك في الرِمال لِواءَ= يستنهض الوادي صباح مساء َ
يا ويحهم نصبوا منارا من دم ٍ= يوحي إلى جيل الغـد البغضاءُ
ما ضر لو جعلوا العلاقة في غدِ = بين الشعوب مودة وإخاء ُ
جرح يصيح على المدى وضحية= تتلمس الحرية الحمراءُ
يأيها السيف المجرَّد بالفلا= يكسو السيوف على الزمان مضاء
تلك الصحارى غمد كل مهند= أبلى فأحسن في العدو بلاء
لو لاذ بالجوزاء منهم معقل= دخلوا على أبراجها الجوزاء
فتحوا الشمال سهوله وجباله= وتوغلوا فاستعمروا الخضراء
خُيّرت فاخترت المبيت على الطوى= لم تبن جاها أو تلم ثراء
إن البطولة أن تموت من الظما= ليس البطولة أن ترتوي بالماء
والمسلمون على اختلاف ديارهم= لا يملكون مع المصاب عزاء
والجاهلية من وراء قبورهم = يبكون زيد الخيل والفيحاء
لكن أخو خيل حمى صهواتها= وأدار من أعرافها الهيجاء
في ذمة الله الكريم وحفظه= جسد ببرقة وُّسِّـــدا الصحراء َ
وافاه مرفوع الجبين كأنه= ليثُ يجرّ إلى القضاة رداء ُ
شيخ تمالك سنّهٌ لم ينفجر= كالطفل من خوف العقاب بكاء َ
وأخو أمور عاش في سرائها= فتغيرت فتوقــــع الضراء َ
الأسد تزأر في الحديد ولن ترى= في السجن ضرغاما بكى استحياءَ
عضت بساقيه القيود فلم ينؤ= ومشت بهيكله السنون فناء َ
وتخيروا الحبل المهين منية= لليث يلفظ حوله الحوباء
يأيها الشعب القريب أسامع ٌ = فأصوغ في عمرا الشهيد ِ رثاء
ذهب الزعيم وأنت باق خالد = فانقد رجالك واختر الزعماء
وأرح شيوخك من تكاليف الوغى = واحمل على فتيانك الأعباء

من قصيدة شوقي في رثاء عمر المختار