اعلم يا نور الاعيان وأعز من انسان عيون الاجفان ، أن ( مقلة العين ) في اللغة هي الشحمة التي تجمع السواد والبياض ، سميت بذلك من قولهم : مقلت الرجل في الماء : اذا غوصته فيه ، وتماقل الرجل في الماء : اذا غاص فيه ، وتماقل الرجلان في الماء : اذا تغاوصا فيه ليعلم أيهما أصبر على الغوص ، فلما كانت – حبة العين – غايصةٌ في مائها سميت : المقلة ، ويقال : ما مقلت عيني مثل فلان أي : ما نظرت ، قال شهاب الدين احمد الحاجبي :
( الحدقة ) : هي السواد الاعظم في العين وسميت بذلك لأن البياض محدق بها ويقال: ( أحدق القوم به وحدقوا به – لغتان – أي : أظافرا به من جميع نواحيه.
قال الشريف الرضى :
يـا قلـبُ لا تفيـقُ وقـد رأت
عيناكَ كيف مَصارع العشـاق ؟
فتكت بكَ الحَدَقُ المِراضُ ولم تزل
تُشجى القلوبَ جنايـةُ الاحـداق
( الناظر ) : السواد الاصغر الذي يبصر فيه الرائي شخصه والعرب تقول : هو مثالها ، وانسانها ، ودوابها ، وناظرها ، وبصرها ، وصبيها ، وغيرها ، ولعبتها ، وبؤبؤها ، وسوادها ، وحبها ، ومذلكها.
قال ابن مطرف : وهذه الاسماء كلها لموضع البصر الذي في حاسة البصر ، والجمع : نواظر. وليس الذي يرى الرائي صورة نفسه في ذلك الماء لصفائه ، ويستدل على صحة الحاسة بما تخيل فيه .
( الناظران ) ايضا : عرقان في العين يسبقان الانف يقال : إنه لمرتفع الناظر ، ويقال للذي استحى من امر : خفض له ناظريه والناظر قال شارح كتاب الفصيح : نظرت بعيني ونظرت : انتظرت وتنظرت . و( ونظرت ) بمعنى :
رحمت وتفكرت . وأنظرت الرجل : أخرته ، وانظرته : جعلته ينتظرني 0
قال برهان الدين القيراطي :
يا قاتلي بنواظـرٍ أجفانُهـا
بسيوفها الامثالُ فينا تُضربُ
قل للغزالِ أو الغزالةِ إذ رَنَت
أو لاح يهَرَبُ ذا وتلك تُغَيَّبُ
ولعل ابلغ ما قالته العرب في وصف العين ما قاله جرير:
ان العيون التي في طرفها حور(ن)
قتلنـا ثـم لـم يحيينـا قتلـنـا