كتبت في الخميس 29/ 4 / 1417هـ
الموافق 12 / 9 / 1996م
أقبل الشاب على أبيه الشيخ في مجلسه وقد أختلط في تقاسيم وجهه تعابير الألم والحيرة والإستفهام.
القى التحية وجلس شارد الفكر فإلتفت إليه الشيخ وقال : ماذا الم بك ؟
ـ قال الفتى : لاشيء فقط يوم من الدنيا جديد؟
ـ الشيخ : كل أيام الدنيا جديدة ، فما الجديد في يومك هذا ؟
ـ الفتى : سؤال أريد له جواباً.
ـ الشيخ : وما هو ؟.
ـ الفتى : الشخص منا يبحث عمن يبادله صدق المشاعر ويخلص في صداقته دون زيف أو تقصير فلا يجد.
لماذا الناس هكذا؟ ، لماذا الحال لا يدوم ؟ ، لماذا الصداقة تضمحل وتفنى كما يفنى العمر.
يضيق صدري بهمومي حتى كأن أضلاعي تخالفت فلا أجد من أشكوه بثي ، وأسكن إلى نجواه ، وأقتبس من هداه.
يا أبتي إن لكل وادٍ مستوقف يسكن فيه بعد سكون التيار ، فلما لا أجد لي مستوقفاً كمستوقف الوادي العرم.
ـ قال الشيخ : أي بني أعلم أن الضعف محتقر ، إذا كنت تعاني من إضطراب النفس فالعقل زمام النفس والحكمة دستور العقل .
فلا تشكو لغير الله وأحفظ سرك بين النفس والعقل وخالط الناس وأصبر على أذاهم.
ـ فقال الفتى : وأين الضعف في كوني أبحث عن صديق مخلص؟؟؟!!!.
ـ قال الشيخ : تلك هي نقطة الضعف.
قال..
وقال الشيخ..
حتى اتى السؤال..
احسن الشاب..
وأحسن الشيخ إذ قال:
العقل والعقل..
اذا اشتكت النفس اضطراب..
والصبر مفتاح لكل باب..
والشكوى لغير الله مذله..
امنت بالشيخ وقوله:
خالط الناس ولا باس...
أما وإن الاخلاص لصعب..
وإنه من الجنون لضرب..
أن نبحث عن ابرة غريقه..
في لجة بحـر عميقه..
وليس التصادق غاية الحياه..
وانما الصدق منجاه..
والصداقة وسيلة للعيش في أمن وسلام..
فهذا الزمان ..
غير كل الازمان..
لم تعد الصداقة اكبر الهمــوم..
لقد تشوهت صورتها..
ورخصت قيمتها..
تغيرت مبادئها..
وتنوعت اهدافهـا..
وقاني الله التشاؤم..
ورزقني تفاءلا من عنده..
انه اهل الجود والاحسان..
سبحانه...
قالو قديما
المستحيلات ثلاث
الغول والعنقاء والخل الوفي
فالغول اختلف الروايات فيه والاقوال
حتى ان البعض او اكثرهم اقر ان المقصود هو
نوعا من القرود كانت تقطن جزيرة العرب
وانقرضت هنا ولم يتبقى منها الا الموجود
في افريقيا(الغوريلا).
فهناك من راها وذكرها باسم الغول.
اذا كانت موجوده وعندما انقرضت قال العرب
قديما من المستحيل وجودها.
العنقاء ايضا وجد لها بقايا طائر ضخم وانقراضه قريب
ووجد عظامه وليس مستحثاته في نيوزيلندا.
اذا كان البحاره العرب هم من راه وذكروه
ولم يصدقهم احد فعتبروه ايضا مستحيل.
وبعد ان ثبت وجود اثنين بالتاكيد الثالث موجود.
وان لم يجده الكثيرين فهذا لاينفي وجوده.
فهل لنا من الجلد مايكفي للبحث عن ذلك الخل الوفي!!؟
او حقا البحث عن الصديق هي نقطة الضعف!!؟
اجدني اختلف مع ذلك الشيخ كثيرا فيما نحى اليه
فنحن ارواح لاتعيش الا متالفة متقاربة .
والا لماذا الجفاء يقتلنا وقد قضى على الكثيرين من جنسنا سابقا!!؟
لهذا يجب ان لانضعف ونستمر بالبحث عنه حتى نجده او نفنا ونحن نبحث عنه.
الاديب ابو عزام قصة مختصرة رائعة فيها الكثير
من حكمة ذلك الشيخ الجليل
يخرج المتبصر منها بالوفير والجزيل
وهذا ماستطعت ان استرسل فيه فقط في جانب منها.
تقبل الاعجاب بقلمك وان لم يكن هذا الاعجاب بجديد.
الثناء منك محل تقدير وغبطة صاحبك فلك الشكر والتقدير
أما رأيك في وجوب إيجاد الصديق لعلنا نتفق حين أقول لك ان الخاطرة اعلاه تتكلم عن من يكون محل الثقة المطلقة ومستودع كل الأسرار ، ولعلك تلاحظ التاريخ الذي كتبت به فقد كتبت في مرحلة إضطراب للنفس وقبل وصول العقل سن البلوغ والنضوج ، ولكني دائماً أحترم كل ما كتبت وفي كل مرحله لأنها كانت خطواتي على أول الطريق .