ذات مساء حالم كنا سويا قد إجتمعنا بعد طول غياب وفراق ..
فشكا لي الحال من دنيا تكالبه و هوى يخالجه ..
فقلت له وهو يتأملني بكل جوارحه :
يا ضايق الصدر بالله وسع الخاطر = دنياك يازين ماتستاهل الضيقه
الله على ما يفرج كربتك قادر = والله له الحكم في دبرة مخاليقه
ياصاحبي ألا تعلم ..
أن الهموم بقدر الهمم
وأي الناس تصفو مشاربه
فقال لي بعد أن أنشرحت أساريره :
أعلل النفس بالآمال أرقبها = ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
دع المقادير تجري في أعنتها = ولا تبيتن إلا خال البال
مابين غمضت عين وإنتباهتها = يغير الله من حال الى حال
ولعلمي بما يجول في خاطره من أيام الهيام و الوصال ..
قلت لنديمي :
لا تخف ما صنعت بك الأشواق = وأشرح هواك فكلنا عشاق
ولما أنس لحديث العشق والعاشقين
و قد رسمت له ألوانا من الأعذار عله يبوح بما يسره في نفسه الهائمة في بحور الهوى
وإستأذنت الرافعي فقلت :
لا تلم ذا الهوى على أن يبوحا = هكذا العطر دأبه أن يفوحا
فثار إبراهيم ناجي ولسان حاله يقول :
أعطني حريتي أطلق يدي = إنني أعطيت ما ستبقيت شي
آه من قيدك أدمى معصمي =لم أبقيه وما أبقى علي ؟
و إذا ذكرت أحاديث الجمال و الوصال لا بد لنا بالنزاريات :
قولي أحبك كي تزيد وسامتي = فبغير حبك لا أكون جميلا
سأغير التقويم لو أحببتني = أمحو فصولا ، أو أضيف فصولا
وأرى القادم عبر البحر أنه شاعر المهجر إيليا أبو ماضي ..
ملوحا بكلتا يديه وهو يتغنى وكأنه زرياب أو الموصلي :
أي شيء في العيد أهدي إليك =ياملاكي ، وكل شيء لديك
أسوارا ؟ أم دملجا من نضار = لا أحب القيود في معصميك
ليس عندي شيء أغلى من الروح = و روحي مرهونة في يديك
لعلي أكون أنست صاحبي و أنستكم أحبتي ..