25-11-12, 11:38 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو ماسي مميز
| الرتبة: | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Mar 2010 | العضوية: | 2780 | الاقامة: | السعـــــــوديه | الجنس: | ذكر | المواضيع: | 1678 | الردود: | 3083 | جميع المشاركات: | 4,761 [+] | بمعدل : | 0.89 يوميا | تلقى » 9 اعجاب | ارسل » 2 اعجاب | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 50 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
المجلس العام الاحتقار.. آثاره وأسبابه .. د.السيد محمد نوح "الاحتقار" آفة أخلاقية واجتماعية خطيرة، وحتى يخلص منها من ابُتلي بها، ويحترز منها من سلمه الله عزَّ وجلَّ منها، فإنه لابد من تصور دقيق لأبعادها ومعالمها وذلك من خلال هذه الجوانب: أولاً: ما هية الاحتقار لغة، واصطلاحاً: لغة: الاحتقار:
1 الإذلال، والاستهانة، يقال: حقر الشيء: حقراً، وحُقرة، وحقارة: أذله، واستهان به، وفلان حقير، أي: ذليل، وهيِّن.
2 الاستصغار، تقول: تحاقر: تصاغر، وتحاقرت إليه نفسه: تصاغرت(1) ومنه قوله {: "إياكم ومحقِّرات الذنوب... الحديث"(2)، يريد: صغائر الذنوب. ولا تعارض بين هذه المعاني، إذ الاحتقار، هو: الاستصغار المؤدى إلى الإذلال والإهانة مطلقاً.
اصطلاحاً: أما الاحتقار اصطلاحاً فهو: استصغار شخص ما أو طائفة لشخص آخر، أو لطائفة أخرى في نفسه، أو فيما يصدر عنه بصورة تؤدي إلى الإذلال والإهانة مع المبالغة أو بلا مبالغة. ثانياً: سمات الاحتقار وموقف الإسلام منه:
للاحتقار سمات تدل عليه منها:
1 مقاطعة الكلام، ومصادرته، وإظهار معايبه.
2 محاكاة السلوك القولي والفعلي.
3 السبُّ، والشتم، والإهانة.
4 إلابعاد عن الصدارة، والريادة.
5 الترفع عن مشاركة المحتقر الحديث.
إلى غير ذلك من السمات.
ويقف الإسلام من الاحتقار موقف الرفض، بل والتحريم إذ يقول {: "... المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ههنا" ويشير إإلى صدره ثلاث مرات: "بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه"(3).
وقال أبوجُرَيٍّ جابر بن سليم: رأيت رجلاً يصدر الناس عن رأيه، لا يقول شيئاً إلا صدروا عنه، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا رسول الله { قلت: عليك السلام يا رسول الله، مرتين، قال: "لا تقل: عليك السلام، فإن عليك السلام، تحية الميت، قل: السلام عليك"، قال: قلت: أنت رسول الله {؟ قال: "أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضرٌّ، فدعوته كشف عنك، وإن أصابك عام سنة، فدعوته أنبتها لك، وإذا كنت بأرض قفراء، أو فلاة فضلَّت راحلتك، فدعوته ردَّها عليك"، قلت: اعهد إليَّ، قال: "لا تسبَّنَّ أحداً"، قال: فما سببت بعده حراً، ولا عبداً، ولا بعيراً، ولا شاة، قال: "لا تحقرنَّ شيئاً من المعروف، وأن تكلِّم أخاك، وأنت منبسط إليه وجهك، إن ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين. وإياك وإسبال الإزار، فإنها من المخيلة، وإن الله لا يحب المخيلة، وإن امرؤ شتمك، وعيَّرك بما يعلم فيك، فلا تعيِّره بما تعلم فيه، فإنما وبال ذلك عليه"(4). وقال {: "يا نساء المسلمات، لا تحقرنَّ جارة لجارتها، ولو فرسن شاة"(5)، وقال {: "إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير الحق"(6)، إلى غير ذلك من الأحاديث.
ومن قبل قال الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى" أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى" أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون (11) (الحجرات). ثالثاً: آثار الاحتقار، وعواقبه:
أ على العاملين:
هناك آثار سيئة للاحتقار، وعواقب وخيمة، على العاملين نذكر منها:
1 الحرمان من التأييد، والعون الإلهي:
ذلك أن الله يعطي نصره بسبب الصالحين، والضعفاء، وعليه فالواجب احترامهم، وتوقيرهم، لمكانتهم في الأمة، فإن قوبلوا بالاحتقار والحط من أقدارهم سحب الله نصره، وتأييده من أولئك الذين حطوا من أقدارهم واحتقروهم.
جاء في بيان فضل الصالحين والضعفاء، قول نوح عليه السلام رداً على الملأ الذين احتقروا الضعفاء، والفقراء، طالبين منه طردهم: ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون 30 (هود).
وقول النبي {: "ابغوني الضعفاء، فإنما تنصرون، وترزقون بضعفائكم"(7).
2 الغضب والسخط الإلهي: ذلك أن الله جعل رحمته في صحبة الضعفاء، ومجالستهم. فإذا ما نُظِر إلى هؤلاء نظرة احتقار، وانتقاص وإهانة كان العقاب الإلهي المتمثل في غضبه، وسخطه سبحانه.
إذ يقول أبوهبيرة عائذ بن عمرو المزني وهو من أهل بيعة الرضوان رضي الله عنه: إن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر، فقالوا: ما أخذت سيوف الله من عدو الله مأخذها، فقال أبوبكر رضي الله عنه: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيِّدهم؟ فأتى النبي { فأخبره فقال: "يا أبا بكر، لعلَّك أغضبتهم؟ لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك"، فأتاهم، فقال: يا إخوتاه أغضبتكم؟ قالوا: لا، يغفر الله لك يا أخيُّ"(8).
3 ضياع رصيد المحتقِر من الحسنات: ذلك أن الاحتقار يكون سبباً في تضييع رصيد المحتقر من الحسنات لأنه يقضي عمره في سبِّ الآخرين، وقذفهم، وسلب أموالهم، وسفك دمائهم، وكل ذلك على حساب رصيده من الحسنات.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله {: "أتدرون ما المفلس؟"، قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال: "إن المفلس مَنْ يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام، وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضي ما عليه: أُخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثم طرح في النار"(9).
4 الاعتداء على حرمات المحتقَر: ذلك أن المحتقِر ينظر إلى المحتقَر على أنه ضعيف، لا حول له ولا قوة، وقد تحمله هذه النظرة على العدوان عليه في حرماته من سفك دم، وانتهاك عرض، وسلب مال، ونحو ذلك، على نحو ما صنع ويصنع الكبراء في كل عصر ومصر مع الضعفاء، والفقراء.
5 تسليط الجبَّارين على المحتقرين: ذلك أنه مضت سنة الحق سبحانه أنه كما يدين المرء يُدان، وعليه فإن المحتقرين للضعفاء والفقراء يبتليهم الله بمن هو أقوى منهم يستذلونهم، ويسومونهم سوء العذاب، من باب وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين 40 (الشورى:40).
ومن باب: وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون 129 (الأنعام:29).
6 كراهية الناس للمحتقرين والابتعاد عنهم: ذلك أن الناس يحبون من يحنو عليهم، ويعرف قدرهم، وعلى العكس يبغضون من يقسو عليهم، ويهينهم، ويبتعدون عنه. وعليه فإن من كانت مسيرته في الحياة احتقار الآخرين، والعدوان عليهم، فإن الناس يبغضونه، وينفضون عنه ولا سيما في ساعات الشدائد والمحن، فيندم ولا ينفع الندم، ويتحسر ولا تفيد الحسرة.
7 تعريض النفس لدعوات المحتقَرين المقهورين: ذلك أن المحتقَرين المقهورين لا يجدون ملاذاً ولا مأويً إلا الله، فتراهم بالليل والنهار يستغيثون الله، ويستصرخونه الانتقام ممن احتقروهم، وآذوهم، وهؤلاء لكونهم مظلومين، منقطعين يجيب الله دعاءهم، لحديث: "... وإياك ودعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب".(10) وحديث: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين"(11).
ب على العمل الإسلامي:
وكما أن للاحتقار آثاراً على العاملين، فإن له آثاراً على العمل الإسلامي، منها:
1 الحرمان من كسب الأنصار: وتكون العاقبة الحرمان من العون والتأييد الأخوي، وكما قيل: المرء قليل بنفسه، كثير بإخوانه.
2 الفرقة والقطيعة: ذلك أن عملاً يقوم على احتقار أبنائه بعضهم بعضاً، فماذا يرجى منه أو ينتظر سوى الفرقة والقطيعة؟ الأمر الذي يمكِّن الأعداء من رقاب المسلمين، ويكون ما لا تحمد عقباه.
3 طول الطريق وكثرة التكاليف: ذلك أنه إذا تمكن الأعداء من رقاب الأمة، واستنزفوا خيراتها وثرواتها، وفكر الناس في التحرر، وخلع ربقة الأعداء، فإن الأمر يتطلب منهم كثرة تكاليف وتضحيات، ويطول الطريق إلا أن تدرك الناس رحمة الله.
رابعاً: الأسباب المؤدية إلى الاحتقار:
هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى الاحتقار، نذكر منها: 1 احتقار الأسرة للآخرين:
قد ينشأ المرء في أسرة شأنها احتقار الآخرين، والنيل منهم، وتكون العاقبة سريان هذا الداء إليه من حيث لا يدري، لا سيما وأن تأثير السلوك أوقع وأفعل في النفس من تأثير القول.
2 احتقار الأصدقاء للآخرين: كما قد يعيش المرء في جو من الصداقة، شأنه احتقار الآخرين والاعتداء على حرماتهم، ويأخذ في الاقتداء بهم، أو على الأقل محاكاتهم والتشبه بهم، حتى يصبح الاحتقار للآخرين خلقاً من أخلاقه. 3 الاغترار بالنعمة ونسيان المنعم: إذ قد يختص الله عز وجل بعض الناس بنعمة أو أكثر من مال، أو أهل، أو ولد، أو وجاهة، أو رياسة، أو علم، أو نحو ذلك، فيقف عند هذه النعمة أو تلك النعم، وينسى المنعم، وتكون النتيجة احتقار الآخرين، والنيل منهم. 4 الجهل بميزان التفاضل في هذا الدين: ذلك أن ميزان التفاضل في هذا الدين ليس بالمال، والأهل والولد ونحوها.. إنما هو بالإيمان، والعمل الصالح، والتقوى كما قال سبحانه: وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى" إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون 37 (سبأ)، وكما قال: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى" وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير 13 (الحجرات)، ومن يجهل هذا الميزان يقع لا محالة في آفة احتقار الآخرين والنيل منهم، والعدوان عليهم. 5 عدم عناية المرء بمظهره:
ذلك أن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده سواء في الملبس، أو المركب، أو المسكن، أو نحوها. والذي يخفي لنعمة ويظهر بمظهر غير لائق به إنما يفتح الباب أمام الآخرين لاحتقاره والنيل منه، والعدوان عليه، وربما على أهله، وذويه.
6 عدم قيام المجتمع بواجبه: ذلك أن واجب المجتمع حماية الفضيلة، ومحاربة الرذيلة، ومن ذلك مقاومة احتقار الناس بعضهم بعضاً، وإذا لم يقم المجتمع بواجبه في مقاومة داء الاحتقار، والقضاء عليه، فإنه يتفشى وينتشر.
7 تقصير ولي الأمر: ذلك أن واجب ولي الأمر في الأمة: حفظ الأمن والنظام، وضبط كل شؤون الحياة، ومن ذلك مقاومة الاحتقار، والقضاء عليه بكل ما منحه الله من أساليب القوة، ووسائل المواجهة وحين يهمل في القيام بذلك يتفشى الاحتقار، وينتشر.
8 نسيان الآثار والعواقب المترتبة على الاحتقار: قد يكون نسيان الآثار والعواقب المترتبة على الاحتقار من بين أسباب الوقوع فيه، سيما إذا كانت النفس تميل إلى ذلك وتهواه.
9 عدم مراقبة الله والغفلة عن اليوم الآخر: ذلك أن عدم مراقبة الله والغفلة عن اليوم الآخر وما قد يكون فيه من شدائد وأهوال قد تقود جميعاً إلى احتقار الآخرين والنيل منهم، والعدوان عليهم. * نقلا عن مجلة المجتمع الكويتية
|
| |