روح الإنسان تحتمل مرضه أما الروح المكسورة فمن يحملها ؟!
متى شعرت بإنكسار روحك ؟
من من الأشخاص كسر روحك ؟
متى تنكسر الــروح ؟
وهل فعلا تنكسر الــــــــــروح ؟
الروح ليست مادة فتنكسر ولكنه تشبيه فالروح تصدمها التجارب الساحقة .. أو تثقلها الخطايا الكبرى .. أو تهزها الآمال الضائعة .. فتكسر تحت وطأة هذه الأمور منفردة أو متجمعة ..
الروح هي سر الحياة والجسد دون الروح ميت .. والنفس هي العاطفة والإرادة فتحب الله من كل قلبك ونفسك .. والجسد هو الهيكل الخارجي الذي يحوي الروح والنفس وحين تكسر الروح يصبح الإنسان كئيبا .. حزينا .. وحيدا .. يائسا .. وبائسا ..
لماذا يسمح الله بانكسار الروح ؟
وهل يستطيع أحد أن يكسر أرواحنا دون اذن الله ومشيئته ؟
يكسر الله أرواحنا ليحطم عناد قلوبنا .. ليعلمنا .. ليظهر لنا شناعة أخطائنا .. ليبين لنا أننا لسنا هكذا نحن أرقى من ذلك وأرقى مما نفعله .. ونستطيع أن نحقق الكثير .. ليرينا بأننا نستطيع فعل الكثير ..
احذر فإن الله يستطيع أن يكسر روحك ويخضعك فهل تكابر ولا تتواضع له وترد الفشل اليه وتعبده وتسجد له وتذلل إليه ؟ ..
الله يسمح بانكسار الروح لتفوح رائحته الزكية بواسطتنا كزجاجة العطر المكسور .. فكيف تفوح هذه القارورة دون انكسارها .. هذا الطريق صعب سلكه الأنبياء بشق الأنفس وإنكسار الروح وبمكابدة الليالي إلى أن وصلوا لجنة الراحة ولمكان الخلود .. وأكثر الصالحين والأنبياء دفعوا أنفسهم ثمناً لذلك الطريق .. فهذا يحيى وهذا زكريا قدموا الروح والأرواح .. وهذا عيسى الذي تآمر عليه أقرب الناس إليه ولم يقف معه أحد فوقف الله معه ورفعه إليه ..
وهذا يوسف الذي تغرب عن أهله وفقدهم ليس باختياره فكسرت روحه وقلبه في وحدة البئر وبعد خروجه كان في ذل العبودية .. وبعدها في فتن الغنى والنساء .. ثم في حبس السجن .. ثم في غدر الأصدقاء .. ثم في فتنة الملك .. ثم في حيرة الإنتقام أو العفو .. ثم اختار الله في كل مكان وموقف ..
وهاهو يعقوب قاسى انكسار قلبه وروحه من أبناء تعب في تربيتهم وامتلأت قلوبهم بالغيرة والحسد وحب الدنيا .. قاسى من ابتعاد أحب إنسان وأجمل إنسان وأروع إنسان ..
وهذا يونس الذي قاسى ظلمة الليل والحوت والبحر .. فنادى بلا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .. اعترف بخطأه وتكبره وعدم صبره على قومه فكافأه الله على انكساره أكثر من مكافأته على عمله مع قومه فأرجعه إلى مئة ألف أو يزيدون ..
وهذا هو موسى مع قومه قاسى كل خيانة وكل عذاب منهم فصبر وكان مع الله في ظمة الليل يبكي ويدعوا الله .. هذا موسى الذي أرسلته أمه ليكون لله ومع الله وليصنع في عين الله ليصنعه الله لنفسه فهل صنعنا الله له وهل نحن بأعين الله ؟ .. وها هو يتربى في بيت الملك والفساد والطغيان ليخرج الناس من ذل عبادة الناس لعبادة الله فهل نكون نحن ممن يخرج الناس من ذل الناس ؟؟ ..
وهذا هو خير الأنبياء عليه الصلاة والسلام وعلى الأنبياء أجميعن والصالحين .. من يتم إلى يتم ومن صحراء النفس إلى صحراء البادية لتنير وتخضر تلك الصحراء ويدر اللبن وينبت الزرع فلله دره .. ولد فأشرقت الحياة .. وأنارت الدنيا في عام الفيل نصر الله فيه بيته وكأنها إشارة أن الله سيحمي بيته وسينصره بمحمد .. الأسم الذي لم يسمى أحد باسمه من قبل .. فكان الأسم الفريد ليكون محموداً في الدنيا والآخرة فكان كذلك .. وتسمى باسمه من بعده أناس كثر فلم يكونوا نقطة في بحره .. قاسى عذاب الأهل وبعدهم وتكذيبهم .. قاسى رؤية الفساد أمامه فآثر خلوة العبادة مع الله وحبه واكتشاف الحقيقة في مكان يصعب الوصول إليه أحد ولكي لا يعود لتلك الدنيا الفانية .. كان قرآنه نفسه التي بين جوانحه وروحه التي خلقها الله منذ زمن لكي تكون أروع روح ولتكون في أجمل جسد .. رحم الله أبو بكر في كلمته طبت حياً وميتاً يا رسول الله فكان طيباً في حياته وطيباً في مماته رائعاً .. رائعا في كل خطوة عملها .. في كل نفس .. في كل كلمة قالها .. في كل موقف .. في حرقته .. في حبه للخير للآخرين ..
هل عرفت لم تكسر الروح ؟ لم الطريق صعب ولا نجتازه الا بشق الأنفس ؟
ولا أحد يعلم بكسر روحك إلا أنت وقلة قليلة من المحبين لك .. وربما علمها الشامتين بك فلا حول ولا قوة الا بالله ..
عندما تنكسر روحك تدعوا الله ليجمع شملك ويعود إليك عطرك ويبدلك الله عطرا خيرا منه ..
يشفي الله الأرواح المكسورة بيديه وبعونه .. قد تشعر بأنك لا تريد الحياة ولا تستطيع احتمالها كما كانت مريم عليها السلام .. ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً .. هنا يتدخل الله ويخبرك أن تستمر في طريقك ولا تتوقف عند هذا الحد فهو وضع هذا التحدي في حياتك لتخلد ولتكون قدوة وخير إنسان وتكون نجم يهتدى بك ونورا يستضاء بك .. سيرسل لك الرطب لكن بعد أن تهز النخلة .. سيرسل لك من يقول لك كلي واشربي وقري عيناً من حيث لا ندري سيأتي هذا الشخص ..
يشفي الله الأرواح المكسورة بالدعاء إليه .. فهذا هو الرسول الكريم الذي رفع يديه حتى سقطت عباءته فضمها عليه أبو بكر وقال له يارسول الله والله إن الله ناصرك .. والرسول رافعا يديه يقول يارب إن لم تنصرنا اليوم فلن تقوم للإسلام قائمة ولن تعبد في الأرض .. فلولا هذا الدعاء هل كنا مسلمين وهل كان الإسلام .. فأنزل الله الملائكة بالعصابات وبالسيوف .. خمسة آلاف من الملائكة الشداد .. لا يعصون الله ما أمره ويفعلون ما يأمرون ..
يشفي الله الروح المكسورة بتعويضها بعد كسرها كما فعل مع أيوب بعد أن كسرت روحه وأصبح لا يستطيع الحراك من فراشه وبعد الأهل ولم تبقى الا زوجته .. وهو لا يطلب من الله حياءاً منه فلله دره ما أعظمه إنه صبر أيوب .. ولم يدع إلا عندما باعت زوجته شعرها لتطعمه .. فعوضه الله بشفاء بعد أن اغتسل بالمغتسل البارد وشرب منه .. ألقى عليه جراد من ذهب وأغناه وأبدله صحة وعافية وأبناء خير من أبناءه فشافى الله روحه وجبر كسره ..
اللهم أجبر قلوبنا وأرواحنا واجعل كسرها في طاعتك ولمها لك وحدك .. ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا واجعل الجنة هي دارنا ..
اللهم أجبر قلوبنا وأرواحنا واجعل كسرها في طاعتك ولمها لك وحدك .. ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا واجعل الجنة هي دارنا ..