وش أكتب !

يحتار القلم في اختيار موضوع ليكون محور تجاذب حروفه ، مما يوقع الكاتب في حيرة من أمره ، فيظل يبحث هنا وهناك ، ويفتش جيوب الأحداث ، ويستعين بجنود (التنبيش ) لتحرير عناوين مسجونة داخل حصون النشر وتفجير سراديب حقائق تحت أرضية الوجاهة الاجتماعية ، ويطارد فلول المحظور لعله يصطاد غنيمة دسمه ، يشبع نهم جوعه الكتابي في لذة حروفها وتنام موهبته على سطورها ، ولا تسأم أقلام الكاتب من الدوران خلف الحروف بل يجد فيها متعه الاختيار والتعبير والبحث عن عنوان يرضي بياض صفحته الاسبوعيه وربما اليومية ، ويكون في قمة المتعة عندما يمسك بعنوان المقال ثم تبدأ بعدها الحروف بالتساقط في حوض الفكرة لصياغة كلمات موجزه عن قضيه مواطن ووطن ، ثم تسكن أفكاره وتعود خيول إبداعه إلى عرشها ، ليجد بساط نجاحه ينتظره ليبدأ مراحل جديدة ، ولكن عليه الحذر من أن يتكئ على غرور نفسه ويدوس على تواضع قلمه ويرمي خلفه نقد متابعيه ، ظنا منه أن ارتشف من قهوة القمة رشفه وثقة النفس جرعه ، ترفعه مكانته الاعلاميه على سحاب الثناء والتكريم والإعجاب ، فيمر على أراضي القراء فيمسك ماء نفعه ، فتكون حروفه كزرع أعجب الصحاف لونه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما ، وأصعب ما قد يواجه الكاتب انه يكون متنفس لقارئ لا يجيد التعبير عن ما في داخله ومتحدث عن قضيته فهذا يجعل من انتقاء الحروف من حقول المجتمع أمرا شائكا ، يستوجب همه ومهارة عاليه حتى يتمكن من إعداد وجبته ألمقاليه بنكهات مختلفة يستمتع بها الجميع على اختلاف ذائقتهم ، وبرغم حرية التعبير التي تمنح للكاتب إلا أن هناك حدود مربعة الشكل تقيد في اغلب المواضيع كتابة الحقيقة ، فتكون محصورة على هامش صفحته لا يقرائها إلا هو ورئيس نقطة تفتيش الحروف فيمنعها من التحرير ، وسبحان من سخر القلم واقسم به ليسطر به المسطرون حروف تبقى على مر الدهور ، فلا يميل عن الحق المنشور ولا يثني على أفعال الظالم ويكتم به حقوق المظلوم ، ، فماذا اكتب ؟ أو عن ماذا اكتب ؟ إذا تم إغلاق أرصفة القضايا الاجتماعية وعلق مصباح الثناء على بوابة وزارتنا الحكومية ، ليظل يردد كل كاتب عندما يمسك القلم ( وش أكتب ) ، فهذا هو من يبحث عن الحقيقة أما من يعرف ( وش يكتب ) ولم يسأل نفسه يوما ( وش اكتب ) فهو كاتب متمرس على مزج التزييف و المجاملة مع قليلا من الحقيقة ليسقيها مطالب المواطن المغلوب .

أنباء ـ ( لا يزال الوطن يبحث عن قلم يجسد مشاكله كما هي دون زيادة أو نقصان )

الحقيقة ـ ( لا يستطيع الكاتب تلبية حاجات المواطن في النشر عن قضاياها في ظل زيادة الطلب وقلة المنافذ )

http://www.anbaanews.com/?page=view_news&Id=3442