11-07-07, 04:06 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | ::عضو فعال::
| الرتبة: | | البيانات | التسجيل: | Jul 2007 | العضوية: | 574 | المواضيع: | 26 | الردود: | 84 | جميع المشاركات: | 110 [+] | بمعدل : | 0.02 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 50 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
المجلس الإسلامي تصوير الحالات النفسية في القرآن الكريم منقوووول
من نواحي الإعجاز في القرآن الكريم أنّه يصور الحالات النفسيّة كأنّها نموذج إنساني واضح للعيان , فإذا أراد سبحانه
وتعالى أن يبيّن أن الإنسان لايعرف ربَه إلا في ساعة الضيق حتى إذا جاءه الفرج نسي من كان يدعو , لم يقل ذلك في
كلمات مباشرة , وإنما في صورة مشاهدة ملموسة , قال سبحانه : { هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم
في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا
اللهَ مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين * فلما نجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق}
ألا ترى كيف تحيا هذه الصورة وتتحرك , وتموج وتضطرب , وترتفع الأنفاس مع تماوج السفينة وتنخفض , ثم تؤدي في
النهاية ذلك المعنى المراد أبلغ أداء وأوفاه.
وإذا أراد القرآن الكريم أن يُبرز حالة (نموذجاً) من الناس ظاهرهم يُغري وباطنهم يؤذي رسم لهم هذه الصورة :
{ ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على مافي قلبه وهو ألد الخصام * وإذا تولى سعى في
الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لايحب الفساد} هنا تبرز المفارقة بين الظاهر والباطن في نسق من
الصور المتحركة في النفس والخيال .
ومن أمثلة التصوير المشخص لمشاهد الحوادث الواقعة قوله سبحانه { إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفلَ منكم وإذ زاغت
الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديدا}
فقد رسم في هذه الآيات مشهداً كاملاً برزت فيه الحركات الظاهرة والانفعالات المضمرة والتقت فيه الصور الحسيّة
بالصورة النفسيّة وكأنما الحادث معروض من جديد دون أن يغفل منه قليل ولا كثير .
ويصف القرآن الغضب فيخلع عليه صفة الأحياء من السكون والسكوت فيقول سبحانه { ولما سكتَ عن موسى الغضب
أخذ الألواح } . ومن مناظر الطبيعة المتحركة يعرض القرآن صورة الطير التي تطير باسطة أجنحتها صافة أقدامها , ثم
تقبض أجنحتها كذلك عند الهبوط فيقول سبحانه { أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن
إنّه بكل شيء بصير } وهي صورة حيّة متحركة يراها الناس كل لحظة , فيمرون عليها غافلين , فهو يلفت إليها أنظارهم
ليروها بالحس الشاعر المتأثر , دليلاً على قدرته ورحمته .
ويتحدث القرآن عن حالة نفسية معنوية هي حالة الضيق والضجر فيجسمها في صور حسيّة تجعل ضيق الأرض
المعنوي ضيقاً حسيّاً واضحاً جلياً وواقعياً , إذ يصف القرآن ثلاثة من الصحابة تخلّفوا عن الغزو مع رسول الله في جيش
العسرة ثم ندموا وتابوا فيقول تعالى { وعلى الثلاثة الذين خلّفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم
أنفسهم وظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم}
فالتصوير في القرآن هو الأداة المفضلة في أسلوبه المعجز وهو القاعدة المتكررة فيه للبيان وهو الطريقة التي يتناول
بها جميع الأغراض ومن ذلك تصوير الحالات النفسية .. وهكذا تتكشف للناظر آفاق وآفاق , من التناسق والاتساق
فمن نظم فصيح , إلى سردٍ عذب , إلى معنى مترابط , إلى نسق متسلسل إلى لفظٍ معبّر , إلى صور معبرة ..
إلى تصوير مشخص , إلى تخييل مجسم , إلى موسيقى داخلية , إلى اتساق في الأجزاء إلى تناسق في الإطار
ليتحقق الإعجاز .. فكما يعرض الكون الفسيح أمام الإنسان فإنه يستعرض النفس البشرية بكل أسرارها
فلو تأملت هذه الآية مثلاً وهي قوله تعالى { بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون}
لرأيت مشهداً أمامك تنظر إلى هؤلاء الناس وقد اجتمعوا في مجلس , أحدهم يقول : إن القرآن أضغاث أحلام لايعلم
صحيحها من سقيمها ولا حقها من باطلها . فيجيب الثاني : كلا بل افتراه محمد من عند نفسه . فيرد الثالث : بل هو
شعر تنزلت به الشياطين , فهي صورة متحركة لجمع مضطرب يهذي كالمحموم يحاول أن يلصق بخصمه أي تهمة ..
وهناك جوانب متعددة من إعجاز القرآن , منها ما أدركه العلماء ومنها ما عجزوا عنه ولايزال الزمان وتجدده , والعلم
وتطوره يكشفان من إعجاز هذا الكتاب كل جديد .
|
| |