23-08-11, 09:20 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو مجلس الإدارة
| الرتبة: | | البيانات | التسجيل: | Jun 2007 | العضوية: | 539 | الاقامة: | بـريـدة - الحي الاخضر | الجنس: | ذكر | المواضيع: | 2042 | الردود: | 12058 | جميع المشاركات: | 14,100 [+] | بمعدل : | 2.21 يوميا | تلقى » 45 اعجاب | ارسل » 172 اعجاب | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 598 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
مكتبة المجالس كلمة وفاء ((بقلم /فايز بن عبدالله الحربي )) كلمة وفاء بقــــــلم فايز بن عبدالله الحربي الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً.. أما بعد: فلقد كتب الله على نفسه البقاء وعلى خلقه الفناء قال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}، والمعنى: أن كل من على الأرض من إنسان وحيوان وغيرهما سائر إلى الزوال لا محالة. فهذه رسالة وفاء سطرتها بقلمي إلى فقيدنا والدي -رحمه الله- وردٌ لأهل الفضل فضلهم وإحسانهم؛ ففي يوم الأحد التاسع والعشرين من ربيع الآخر من عام 1432هـ في تمام الساعة السابعة صباحاً رنّ هاتفي النقّال ففتحت الخط وإذ بالطرف الآخر مدير المستشفى الذي يرقد والدي فيه بعد وعكة صحية ألمت به، وتحدث معي عن حالة والدي، فبادرته هل جرى لوالدي شيء، فقال: إن والدك يطلبك الحال؛ فقد توفي -رحمه الله- وهذا هو حال الدنيا.. فوقع عليّ الخبر كالصاعقة لم أتمالك نفسي وكأني غير مصدق، ولسان حالي يردد: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ لقد ذهبت يا والدي بهذه السرعة قبل أن نودعك ونرتوي من مجالستك وحديثك ونمتع عيوننا برؤيتك، هكذا ترحل وتتركنا لوحدنا. لقد مضت أيام قليلة على فقدك وما زالت يدي غير قادرة على الإمساك بالقلم لأكتب لك رثاء، لأن فقدك علينا كان عظيماً ورحيلك عنا مؤلماً، فقد رحلت معك الكلمات الجديرة برثائك -رحمك الله تعالى-.. لقد توافدت آلاف الناس للصلاة عليك واكتظ الجامع القديم بهم حتى شيعوك إلى مثواك الأخير وتتابعت الاتصالات من كل مكان لمواساتنا برحيلك، وأمتلأ منزلنا بجمع غفير من المعزين منهم أصدقاؤك وزملاؤك ومعارفك أتوا من كل أرجاء المعمورة؛ فاستقبلنا ذلك العزاء من الجميع بالحزن والأسى، إلا أن الإيمان بقضاء الله وقدره سكن قلوبنا وهذا قضاء الله وقدره قال تعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ}، وهي النهاية الحتمية لكل مخلوق على وجه هذه الأرض، والذي رحمك الله تعالى لقد ودعتك محافظة الأسياح قاطبة وليس أهلك فحسب، فقدك الكبير والصغير وزملاؤك وأصدقاؤك وأحبابك عندما جاءتنا حشود المعزين والمواسين لنا بفقدك غرقت عيوننا من الدموع حينما أثنوا وذكروا صفاتك الحميدة ومكانتك عند الجميع.. كم من الكلمات التي حركت مشاعرنا تجاهك؟. فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.. أبي الحبيب لقد أجهشنا البكاء على رحيلك، فراقك مرٌ وصعب لا نطيقه، لقد فقدتك يا أعز إنسان بهذا الوجود وفقدتك أسرتنا، وخسرنا رجلاً عظيماً وأباً حانياً ومربياً جليلاً لا يمكن تعويضه أبداً، وفقدتك تلك المواقف النبيلة التي عرفت عنك وكنت سيد الموقف فيها سواء بين أهلك وجماعتك وأهل بلدتك من منطلق واجبك الديني والمواطنة الصالحة ومكانتك الاجتماعية.. والدي لقد كنت شيخاً فاضلاً ورجلاً عظيماً تعمل بصمت من ضميرك الحي ويشهد به القاصي قبل الداني لأنك لا تنتظر شكاً من أحد. لم أرك يوماً تتباهى بنفسك أو تطلب جاهاً وسمعة، لقد كان الزهد والتواضع سمتك والعبادة وطلب العلم الشرعي غايتك فقد أفنيت جل وقتك قارئاً ومطلعاً في كتب التفسير والأحاديث والفقه والكتب العلمية الكثيرة المتنوعة التي زخرت بها مكتبة المسجد. والدي الغالي: كم أنا مشتاق لأقبل يدك الكريمة أدنو منك لأسمع وأنصت لأحاديثك الشيقة وأنعم بطيب معشرك، لكن هذا قضاء الله وقدره لكل أجل كتاب.. لقد علمتني أن الحقيقة غاية كنقطة الضوء في زمن الظلام وأن الظلم هو مقصلة المروءة ومقبرة الرجال، وأن علامة البلوغ مراقبة الله وأن الذل ميراث الذنوب وأن الحكمة أن أفعل ما أمر الله به وأن أترك ما نهى الله عنه وأن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأن حسن الخلق مفتاح القلوب والجود مكرمة الرجال وأن أعود المرضى. والدي لم أذكر يوماً أنك سألتني عن هذه الدنيا الفانية فكانت وصيتك دوماً لي ولإخواني: (احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك احفظ الله بالرخاء يحفظك بالشدة..)، علمتني أن التواضع مطية للعلم ورفعة بين الناس وأن الكبر ذل وهوان، علمتنا أن نصل رحماً فما وجدتك يوماً إلا باراً بإخوتك ووالديك بالدعاء والصدقة عنهم. رأيتك دائماً تخفض جناحك لأقاربك وأهلك فتصل رحمك وتزور الصغير والكبير وتسأل وتتفقد وتصلح أحوالهم والجميع يشهد لك بذلك، فهنيئاً لك يا والدي بهذه الخاتمة الحسنة.. والدي لقد ربيتنا على مكارم الأخلاق صغاراً وكباراً فأحسنت تربيتنا، كنت كالشمعة تحترق حتى تمنحنا النور فعلمتنا أن الاستقامة على الدين وطاعة الله عز وجل هو مصدر عزنا وأواصيتنا بالمحافظة على الصلاة والمداومة على حفظ وتلاوة القرآن الكريم فهو مفتاح الرزق، فقد كنت لأسرتنا خير معلم ومرشد توجيهاتك ونصائحك الثمينة لن ننساها أبداً. والدي الغالي: لن أوفيك حقك وفضلك عليّ وعلى أهلي مهما كتبت وسطرت لك من كلمات الوفاء ولن تفي وتعبر هذه الكلمات مهما بلغت عما يكنه قلبي حباً وإجلالاً لشخصك الكريم، أنت صاحب الفضل بعد الله لقد علمتني وشجعتني على أن أتقدم وأصلي بالناس إماماً وأنا لم أتجاوز سن الخامسة عشر فكان إحسانك وفضلك عليّ كبير وكنت نعم المربي والمعلم الجليل حتى تخرجت على يديك الطاهرتين ومن مدرستك الشامخة في العلم والأدب، وما فتئت يا والدي حتى تخرج على يديك أيضاً شقيقي حسن إمام المسجد الآن ثم رحلت بعدها وأنت مطمئن قرير العين، قد حقق الله لك ما تتمناه وما تصبو إليه وهذا كرم ونعمة من الله عليك وعلينا يوم أن صدقت نيتك مع الله وأخلصت العمل لوجه الكريم، فقد كانت لك اليد الطولى في عمارة وبناء هذا المسجد الكبير أفنيت وقتك وسخرت نفسك وجهدك وبذلت الشيء الكثير من المال والغالي والنفيس فضحيت وآثرت بيت الله على بيتك وأولادك طمعاً في الثواب ومسارعة في الخير، فعسى الله أن يبني لك بيتاً في أعلى الجنة ويخلف تعبك ونصبك في الدنيا نعيماً وملكاً كبيراً. والدي الغالي رحمك الله كم أفخر بك، وأشرف بك، فقد ودعك محراب أنت من أبدعت في هندسته وتصميمه وودعتك روضة أنت من عطرت مكانها بأجود الطيب والبخور، بصمات يديك في المسجد باقية لن تفنيها السنين والدهور فالعمل الصالح لا ينقطع أجره عن صاحبه لقد فقدك جماعة مسجدك الذين يأنسون بك وبسماع صوتك، والدي الحبيب ستفقدك ليالي رمضان القادمة بمسجدك وسوف تحس بالحزن ويخيم عليها الصمت والأسى عندما ينقطع عنها صوت الحديث الذي كنت تقرأه في كل ليلة من رمضان سيفقدك مكانك ومجلسك المهيب في المسجد ستصبح كل الأماكن مرة للغاية لا طعم فيها، وعزائي أن يلهمنا الله الصبر والسلوان على فراقك وفقدك. والدي الغالي أيها الأب الحبيب الحنون رحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته. وداعاً والدي أيها الاستثناء يا صاحب الفضل وداعاً أقولها وقلبي يعتصر ألماً وينقطع كمداً وحزناً على فراقك أيها الشيخ الوقور والمربي الفاضل والرجل العظيم لن يخلد التاريخ رجلاً شجاعاً شهماً كريماً مثلك وسيبقى اسمك يا أبا فهد تاجاً نحمله ونضعه على رؤوسنا ما حيينا وستبقى ذكرياتك وسيرتك العطرة خالدة في قلوبنا. وختاماً أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجبر مصابنا بك ويغفر لك ويسكنك فسيح جناته ويجمعنا بك في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وأن يجزيك عما قدمته وبذلته لنا وللإسلام والمسلمين خير الجزاء، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. - باحث شرعي بالمحكمة الجزئية بالرياض رابط الموضوع في جريدة الجزيرة http://www.al-jazirah.com/20110823/rj8d.htm
|
| |