شائع الأمسـح بن رمال من شمر رجل عرف بالحكمة والدها والحيلة ومن صفاته انه ليس له الا عين واحدة وقد بالغوا في قوة ابصاره .
ذهب ذات يوم مع جماعته في الربيع طلبا للمرعى وكانوا ياخذون من مروا بهم في طريقهم حتى وصلوا وادي السرحان ,وهناك ادركهم غرماؤهم ,فقال شائع سأذهب اليهم واطلب منهم الأمان لأنهم لا يعرفون اننا نحن الذين اخذناهم في الطريق .
فنهاه كبار السن من قومه خوفا عليه فقال شائع :سأمالحهم (اي اكل من طعامهم) حتى اكون في جوارهم قبل ان يعرفونني .
وعندماتقدم بطلبهم الهدنة للمرعى عرفوه فأرادوا ان يخدعوه دون ان يلتزمو بالأمان ,فقالوا له سنرسل لأهلك من يدلهم الطريق اما انت فتجلس عندنا معززا مكرما ,وكانوا ينوون اخذ جماعته اذا جاؤا.
وقد كانت بنت شيخ الحي تسمع الكلام وتعرف انها خديعة فصبت الماء على الفراش من عندها حتى وصل الماء الى شائع وهو وراء الستار عند الرجال فعلم شائع ان هذا انذار من البنت .
فطلب منهم شائع ان يحمل مندوبهم رسالة الى اهله ,فاملى عليه الرسالة مفعمة بالرموز لا يعرفونها وانما يعرفها قومه كقوله ((زيدو عليق الخيل من حب سلخط ....)).
وقد اوصاهم بهذه الرموز بأن يهربوا ويمسكو بالمندوب حتى يعود اليهم شائع ,وذكر في رسالته ان القوم اكرموه واعطوه مطلوبه وهو يرمز بكلمة مطلوبه ما تخوف منه كبار السن من قومه عندما نهوه عن الذهاب الى العدو .
فلما تأخر رجوع المندوب صارحهم شائع بأنه انذر قومه بالرمز واعلمهم ان مندوبهمك لن يفرج عنه حتى يفرجوا عنه هو .وبالفعل اعادوه الى قومه بصحبة رجال منهم وأستلمو مندوبهم .
وذكر ان زوجة شائع (كعيب الضبي )ذات جمال بارع وكان كثيرا ما يوصي زوجته بحفظ الفرس ولكثرة وصاياها له قالت :عسى ماهي الحذره !!!!.
وهي بهذا تسخر من فرسه إذ تقيسها بفرس ابن عريعر المعروفة بالحذره وهي فرس اصيل مشهورة إذا احست بغريب صهلت وحفرة الأرض بحافرها .
فغضب شائع فأقسم الا ينام حتى يحضر فرس ابن عريعر .
الا ان ابن عريعر نذر به وامر جلساءه بأن يتفقد كل واحد جليسه حتى وقعوا على شائع ووضعوا قيد الحديد في رجله وبدؤا سجنه الا بأربعين ناقة فداء له فارسل شائع الى جماعته يخبرهم ذلك فأبو ضنا منهم ان ابن عريعر سيمن عليه بلا فداء إلا ان ابن عريعر قررمضاعفة الفداء كل سنة زيادة خمس نياق .
وبعد مرور اربع سنوات ابا شائع ان يدفع شيئا مطلقا فلما سأل عن السبب قال :كنت انوي الفداء لأدرك ولدا لي عمره اربع سنوات لأمازحه وأنا مشتاق إليه بدافع حب الطفولة اما الأن فقد كبر ولا اريد ان افدي عن نفسي وانا رجل كبير السن .
وبعد تمام تسع سنوات جاء الصبي متسللا على مطيته فعلقها بعيدا ودخل بين الرعاة فخلا بأبيه وهلت دموعه عليه فرمز له الأب بكلمتين خفيفتين ففهم الأبن الوصية ,وهي الإيصاء بإختطاف ولد صغير لابن عريعر .
وكان الولد في خيمة مربية فإذا اشتاق له ابيه أرسل أي رجل من جلسائه ليحضره حتى كان ذلك عادة مستمرة .
وكان لا يعيد الصبي الا بعد انفضاض المجلس قبيل حلول النوم .
وذات ليلة دخل ابن شائع خيمة المربية وأخذا لصبي كأنه مرسل من ابن عريعر ثم هرب به .
ولما طلب ابن عريعر الصبي قالت له المربية انه عندك من البارحة .
فهبوا يتصايحون بحثا عنه وبعد مرور ثلاثة أيام من الحزن قال شائع لاتحزنوا إن ولدكم عند ولدي ووصف المحل لهم فلما وفدوا على ولد شائع طلب منهم مطالب صعبة وفداء لولدهم منها ابل ابن عريعر وفرسه وحلي والدت الطفل وأن يقدم شائع على فرس تمشي على زل حتى تصل به الى بلاده .
فسهل ذلك على ابن عريعر ما عدا الزل فقال شائع الحل بسيط .
اجعل على مواطي الفرس قطعا من الزل مربوطة بالحذاء .
وبهذا عاد شائع الى أهله وعاد الصبي الى والده ابن عريعر .