أصابـك سهـم أم بليـت بنـظـرة
ومـا هــذه إلا سجـيّـة مـغـرُّم
على شاطئ الوادي نظرت حمامـة
أطالـت علـيّ حسرتـي والتـنـدم
فإن كنت مشتاقاً إلى أيمـن الحمـى
وتهـوى بسكـان الخـيـام فأنـعـم
أُشـيـر إليـهـا بالبـنـان كأنـمـا
أُشير إلى البيـت العتيـق المعظـم
خـذوا بدمـي منهـا فإنـي قتيلهـا
ومـا مقصـدي إلا تجـود وتنـعـم
ولا تقتلوهـا إن ظفـرتـم بقتلـهـا
ولكن سلوها كيف حـل لهـا دمـي
وقولوا لها يـا منيـة النفـس إننـي
قتيل الهوى والعشق لو كنت تعلمـي
ولا تحسبـوا إنـي قتلـت بصـارم
ولكن رمتنـي مـن رباهـا بأسهـم
مهذبـة الألفـاظ مكـيـة الحـشـا
حجازيـة العينيـن طائـيـة الـفـم
لها حكم لقمـان وصـورة يوسـف
ونغـمـة داوود وعـفـة مـريــم
أغـار عليهـا مـن أبيهـا وأمـهـا
ومن لجة المسواك إن دار في الفـم
أغار علـى أعطافهـا مـن ثيابهـا
إذا ألبستهـا فـوق جـسـم منـعـم
وأحسـد أقداحـاً تقـبـل ثغـرهـا
إذا أوضعتها موضع اللثم فـي الفـم
فوالله لـولا الله والخـوف والرجـا
لعانقتهـا بيـن الحطيـم وزمــزم
ولمـا تلاقيـنـا وجــدت بنانـهـا
مخضبـة تحكـي عصـارة عنـدم
فقلت خضبت الكـف بعـدي هكـذا
يكـون جـزاء المستهـام المتـيـم
فقالت وأبدت في الحشا حرق الجوى
مقالة مـن فـي القـول لـم يتبـرم
وعيشكم ما هـذا خضـاب عرفتـه
فلا تـك بالـزور والبهتـان متهـم
ولكننـي لمـا وجـدتـك راحــلاً
وقد كنت لي كفي وزندي ومعصمي
بكيت دمـاً يـوم النـوى فمسحتـه
بكفي فاحمـرّت بنانـي مـن دمـي
ولـو قبـل مبكاهـا بكيـت صبابـة
لكنت شفيـت النفـس قبـل التنـدم
ولكن بكـت قبلـي فهيجنـي البكـا
بكاهـا فقلـت الفـضـل للمتـقـدم
بكيت على من زين الحسن وجههـا
وليس لهـا مثـل بعـرب وأعجـم
أشارت برمش العين خيفـة أهلهـا
إشـارة محـسـود ولــم تتكـلـم
فأيقنـت أن الطـرف قـال مرحبـا
وأهـلاً وسهـلاً بالحبيـب المتـيـم
وآخر قولـي مثـل مـا قلـت أولاً
أراك طـروبـاً والـهـاً كالمتـيـم