✿موقف الوفاة✿
ذكر السيد سليمان الندوي في ذلك فقال: إن نهاية إمارة معاوية رضي الله عنه كانت آخر أيام عائشة رضي الله عنها، وكانت قد بلغت من العمر سبعا وستين سنة، ومرضت في شهر رمضان المبارك سنة ثمان وخمسين من الهجرة، فإذا سئلت كيف أصبحت قالت: صالحة الحمد لله، كل من يعودها يبشرها فترد عليه قائلة: يا ليتني كنت حجرا، يا ليتني كنت مدرة.
وأخرج ابن سعد في طبقاته عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة أنه حدثه ذكوان حاجب عائشة أنه جاء يستأذن على عائشة قال: فجئت وعند رأسها ابن أخيها عبد الله بن عبد الرحمن فقلت: هذا عبد الله بن عباس يستأذن عليك، فأكب عليها ابن أخيها، فقال: هذا ابن عباس يستأذن عليك وهي تموت، فقالت: دعني من ابن عباس، فإنه لا حاجة لي به ولا بتزكيته، فقال: يا أمتاه، إن ابن عباس من صالحي بنيك يسّلم عليك ويودعك، قالت: فأذنْ له إن شئت فأدخلته.
فلما أن سلم وجلس قال: أبشري، قالت: بما؟ قال: ما بينك وبين أن تلقي محمدا صلى الله عليه وسلم والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد، كنت أحب نساء رسول الله إلى رسول الله، ولم يكن رسول الله يحب إلا طيبا، وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فأصبح رسول الله ليطلبها حين يصبح في المنزل، فأصبح الناس ليس معهم ماء، فأنزل الله أن تيمموا صعيدا طيبا، فكان ذلك من سببك، وما أذن الله لهذه الأمة من الرخصة فأنزل الله براءتك من فوق سبع سماوات جاء بها الروح الأمين، فأصبح ليس مسجد من مساجد الله يذكر فيه إلا هي تتلى فيه آناء الليل والنهار. فقالت: دعني منك يابن عباس، فوالذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسيا منسيا.
وجاء في رواية الطيالسي: سمعت أم سلمة الصرخة على عائشة فأرسلت جاريتها: انظري ماذا صنعت؟ فجاءت فقالت: قد قضت، فقالت: يرحمها الله، والذي نفسي بيده لقد كانت أحب الناس كلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أباها.
وكان أبو هريرة رضي الله عنه والي المدينة بالنيابة فصلى على عائشة رضي الله عنها.
يقول مسروق (التابعي الجليل): لولا بعض الأمر لأقمت المناحة على أم المؤمنين.
سئل رجل من أهل المدينة: كيف كان وجد الناس على عائشة؟ فقال: كان فيهم وكان، قال: أما إنه لا يحزن عليها إلا من كانت أمه.
متى توفيت؟
أخرج ابن عبد البر أن عائشة رضي الله عنها توفيت سنة سبع وخمسين، وقال خليفة بن خياط: وقد قيل إنها توفيت سنة ثمان وخمسين، ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، أمرت أن تدفن ليلا، فدفنت بعد الوتر بالبقيع، وصلى عليها أبو هريرة ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير، والقاسم بن محمد، وعبد الله ابن محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر.
أين دفنت؟
دفنت رضي الله عنها بالبقيع.
مراجع البحث:
- أسد الغابة. - الإصابة.
- صحيح البخاري. - صحيح مسلم.
- مسند الإمام أحمد. - تهذيب الكمال.
- سنن الترمذي. - طبقات ابن سعد.
- سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين ضي الله عنها: السيد سليمان الندوي.
- أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ: إبراهيم علي شعوط.
مقتطفآت :
حب النبي صلى الله عليه وسلم لعائشه الطآهر رضي الله عنهآ ومكآنتهآ في قلبه صلى الله عليه وسلم وعلى آله الكرآم الطآهرين
الحـب وجدان شعوري مشترك , وأمرللإنسان لابد منه , ومن العرف الفاسد أنه لو أطلق لفظ الحب أنصرف إلي العشق والتغزل بالنساء الأجنبيات..
واليوم نشكوا إلي الله أُناساً أفسدوا الحب بالمسلسلات والأفلام والغناء والمجون ...!
فالله عزوجل جعل هذه الغريزة في النفوس لإهدافٍ سامية وغايات عظيمة , جعل لها آداب شرعية ,وأحكاماً فقهية , لنعيش في جنة الدنيا السعا دة الحقيقة , والحب الصادق المبني على العفة والإحتشام , فالحب تضحيةٌ وعطاء , وليس مجرد غزل وادعاء ..وإذا ذكر الحب ذُكر قيس وليلى , وقيس ولبنى وجميل وبثينة , وعروة وعفراء, وعنتروعبلة , ولكن كم بين حبٍ وحب , فالرابط بين هؤلاء رابطٌ أرضيٌ عاطفيٌ شهوانيٌ...
وعن أجمل قصة حب عرفتها الدنيا قصة حب سوية الرابط بينهما, رابط شرعيٌ سماويٌ رباني وقعت هذه القصة اللطيفة الجميلة بين قلبين طاهرين وروحين مباركتين وقعت هذه القصة بكل تفاصيلها وأحوالها بين قلب نبينامحمد صلى الله عليه وسلم ]وبين أحب الناس إليه عائشة رضي الله عنها,إبنة أحب الخلق إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنــــــــه.
ففي ليلة العرس وبعد أن زينتها أسماء بنت يزيد رضي الله عنها , دعت النبي صلى الله عليه وسلم للدخول عليها , فدخل وجلس النبي صلى الله عليه وسلم إلي جنبها وأُتي بقدح فيه لبن فشرب منه نهمه , ثم ناول القدح لعائشة رضي الله عنها فما كان منها إلا أن أطرقت حياءاً منه صلى الله عليه وسلم وكانت أسماء تقف وتنظر لذلك الموقف الجميل فنهرت عائشة رضي الله عنها , وقالت لها : خذي من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأخذت منه القدح وشربت قليلاً ومازال الحياء يغلبها.
ومن هنا بدأت الحياة الأسرية بينهما فكان إذا دخل عليها تزين لها وطيب فمه بالسواك ..السنة المهجورة في هذه الإيام ...!
وكان لاينام إلا والسواك عنده فإذا أستيقظ بدأ بالسواك وإذا طاب الفم طاب مابعد ذلك أيها الأحباب.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقبلها قبل الخروج للصلاة وهو صائم وهي كذلك صائمة , وكان يتطيب لها ليشتم منه أطيب ريــح وكان صلى الله عليه وسلم يسرح شعره ويرجله ويدهن رأسه ويسرح لحيته بالماء ليكون في أبهى وأجمل صورة وقد كان عليه الصلاة والسلام.
وكانت عائشة رضي الله عنها تطيبه, وكانت تهتم وتباشر هذا الأمر بنفسها لشدة حبها للنبي صلى الله عليه وسلم فكانت تفرق رأسه من المنتصف وترجله له بخلاف اليهود الذين كانوا يميلون الفرق.
وتمشط رأسه وهي حائض , بل كان يخرج رأسه من كوة في مسجده لدارها وكانت تفعل ذلك له وهو معتكف بالمسجد, وكانت تتزين له في اللباس والفراش وتتحلى بالحلي والقلائد بل كانت تستعيرها من صويحباتها لتتجمل للنبي صلى الله عليه وسلم وتتهيأ للقياه وتنتظر رجوعه على أحر من الجمر وتستقبله أحسن إستقبال.
وكان ينام معها في شعار واحد وهي حائض وكانت تغتسل مع النبي صلى عليه وسلم من إناء واحد يبادرها القدح فتقول له: دع لي ويقول لها : دعي لي, فيتنازعان الإناء فيما بينهما ففي هذا من العلاقة الحميمية والشفافية مالله به عليم .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعاملها بمعاملة حانية وبلمسات جميلة تفيض بالمحبة والحنان والرحمة والشفقة فكان يشرب الشراب من الموضع الذي تشرب منه وكان يسترها برداءه ويضع خده على خدها وكانت تضع رأسها على منكبه الشريف .
وكان من حبه صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها يسليها ويبعث باللعبِ وصويحباتها إليها ليلعبن معها بل كان يوصي عليها في أيام العيد وغير ذلك , وكان يتسابق معها بالأقدام فيسابقها وتسابقه بل وكان يتدافع معها بجسده ومنكبيه ويشاركها في لهوها ومزاحها في صورة لاأجمل منها.
وكان من حبه لها يناديها بالترخيــــم فيقول لها ياعائـــش , ويناديها أيضاً بوصف جميل فيها فيقول لها ياحميراء .
وكانت من حبها له تظهر غيرتها عليه , فكان إذا غاب تتحسس له , وكان يقدر لها هذا الغيرة , ويلتمس لها العذر...
وكانت من حبها له تحرص اعظم الحرص على القرب منه يقول عبيد إبن عمير: أنه قال: لعائشة رضي الله عنها ياأم المؤمنين أخبرينا بأعجب شيء رأيتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم , فسكتت قليلاً , ثم قالت : لما كانت ليلة من الليالي دخل النبي صلى الله عليه وسلم إلي فراشي ولما لامس جلدي جلده , وبشري بشره , قال: ياعائشة ذريني أتعبد الليلة ربي , قالت عائشة والله يارسول الله إني لأحبك وأحب قربك وأحب أن تتعبد ربك , ثم قام الرسول صلى الله عليه وسلم فتطهر ثم قام يصلي , فلم يزل يبكي حتى بل حجره , وكان جالساً ولم يزل يبكي حتى بل لحيته , ثم قالت : ثم بكى حتى بلّ الأرض صلى الله عليه وسلم بدموعه الشريفة , فجاء بلال يستأذنه بالصلاة , فلما رأه يبكي , قال: يارسول الله تبكي وقد غفر الله لك ماتقدم من ذنبك وما تأخر , قال صلى الله عليه وسلم: أفلا أكون عبداً شكوراً.
كانت رضي الله عنها من حبها له تأنس بالحديث إليه , وكان يخرج النبي صلى الله عليه وسلم في الليل معها ليتحادثــان بل ويحدث ذلك حتى وهو ذاهب لقتال الكفار.
وكانت من حبها لها تستغل الفرص , أي فرصة للقرب منه أي فرصة للحديث معه تبادر لإغتنامها , تقول صفية بنت حنين رضي الله عنها , حج النبي صلى الله عليه وسلم بنسائه فلما كان في بعض الطريق نزل رجل فساق بهن الجمال فأسرع , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وقد خاف على النساء كذاك سوقك بالقوارير, فبين هم يسيرون برك بصفية جملها , وكان بعيرها قويٌ شديد , ولكن شاء الله جل وعلا أن يبرك بها ولايتحرك , فبكت رضي الله عنها , فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إليها حينما أُخبر بذلك , فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم دموعها بيده , وأزدادت بكاءاً وهو يمسح وهي تبكي فلم أكثرت نهرها صلى الله عليه وسلم وأغلظ عليها وهي رضي الله عنها قد شاقتها تلك اللمسات الحانية, مما جعلها تزداد في بكائها, ثم سكتت رضي الله عنها , فلمانزلوا أنطلقت لعائشة رضي الله عنها , وقالت لها: تعلمين إنني لم أكون أبيع يومي من رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء أبدا, وإني قد وهبت يومي لكِ على أن ترضي رسول الله صلى الله عليه وسلم عني , قالت عائشة : نعم , وأخذت عائشة خماراً لها ورشته بالماء لتصعد منه رائحة الزعفران الطيبة , ولبست ثيابها كأجمل ماتكون, وأنطلقت إلي الرسول صلى الله عليه وسلم ورفعت طرف الخباء عنه , فقال : مالك ياعائشة اليوم ليس بيومك...! , فتبسمت . وقالت: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم, فنام معها في ذلك الخباء, فرصة أقتنصتها عائشة رضي الله عنها لحبها للرسول صلى الله عليه وسلم فكانت لاتؤذيه ولاتحتمل أن يأتيه الأذى.
ومن تمام حبه لها كان يحرص على عدم إيذائها وكان يدافع عنها إن لزم الأمر, ويُرقيها إذا مرضت , ويحرص على عدم تكدير خاطرها بل كان يغمرهابالحنان وهي نائمة وكان يحرص على ألا تستوحش أو يصيبها الخوف , وكان إذا طعم طعاماً أو شرب شراباً يرسل منه لعائشة رضي الله عنها, وكان يلحظْ منها كل ملحِظ , وكان يفهم منها الإيماء والإشارة وهي كذلك , وربما وصل التلاحم والإنسجام بينهما أن كل واحدٌ منهما يفهم م***يد منه الآخر دون أن يتحدث.
]وكان صلى الله عليه وسلم يعتني بها ويرقب قولها وفعلهـــا , فكان يقول لها : ياعائشة إني لأعلم إن كنتِ عني راضية وإذا كنتِ غضبى , فتقول له : من أين تعرف ذلك؟]
فيقول صلى الله عليه وسلم : أما إذا كنتِ عني راضية فإنك تقولين : لا و رب محمد. وإذا كنتِ عني غضبى تقولين : لا و رب إبراهيم, فتبسمت . وقالت : أجل يارسول الله ما أهجر إلا اسمك .
فهذا يدل على أدبها وحُسن تبعلها للرسول صلى الله عليه وسلم فكانت إذا غضبت يترضاها صلى الله عليه وسلم حتى يضحكها وهذايدل على شفقته وحنانه ورعايته بها.
وكان يقول لها بالقول الجميل الرائق: ياعائشة إنه ليهون عليّ الموت إنك زوجتي في الجنة...!
وأقول والله لو خرجت عائشة رضي الله عنها من هذه الدنيا بهذه الكلمة لكفتها ...!
وكان يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لفاطمة : أيّ بنية ألست تحبين ما أحب , قالت : بلى يارسول الله . فقال : فأحبِ هذه . وأشار إلي عائشة...!
وعندما سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم من أحب الناس إليه ؟ قال : عائشة ...!
وحب النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لم يكن خُفية بل ظهر حبه لها للناس فكانوا يستغلون ذلك فيرسلون بالهدايا إلي بيت عائشة لينالوا حبه , فكانوا يتحرّون بهداياهم يوم عائشة .
وكان صلى الله عليه وسلم يمتدحها بما فيها ويخبر عن فضلها فيقول : فضل عائشة على سائرالنساء كفضل الثريد على سائر الطعام.
ولعلنا نختم بهذه القصة أيها الأحباب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل في مرض موته أين أنا غداً ؟أين أنا غداً؟
يستعجل يوم عائشة رضي الله عنها , فأذن له أزواجه أن يكون حيث شاء , فكان في بيت عائشة رضي الله عنها حتى مات على نحرها وخالط ريقه ريقها
حيث دخل عبدالرحمن أخوها ومعه سواك يستاك به فنظر له النبي صلى الله عليه وسلم , فقالت له : أعطيك هذا السواك ؟
فأشار بعينه , فأخذت السواك وقضمته ومضغته ولينته ثم أعطته الرسول صلى الله عليه وسلم, فأستاك أشد مايكـــــــون السواك , ثم رفع يديه إلي السماء وقال: بل الرفيق الأعلى , بل الرفيق الأعلى, بل الرفيق الأعلى
م/ن