05-08-10, 11:28 AM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو ماسي
| الرتبة: | | البيانات | التسجيل: | Jul 2009 | العضوية: | 2202 | الاقامة: | الـــــــــــســــعــودية | المواضيع: | 279 | الردود: | 943 | جميع المشاركات: | 1,222 [+] | بمعدل : | 0.22 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 50 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
مجلس قصة وأبيات أم سالم نتفوها تناتيف (أم سالم) أو طائر المكاء أو القبرة الهدهدية، هي طائر صغير الحجم أكبر من العصفور في الشكل بنحو مرتين، ولون ريشها فيه بياض وسواد، إلا أن البياض أكثر وخاصة أثناء الطيران، لا يكاد يراها الناظر لقرب لونها من لون الأرض التي هي فيها، من حزوم وصحراء جرداء إلا من قليل من الشجيرات..
قريب من حجمها أيضا طائر صحراوي آخر يسمى الحمّرة بتشديد الميم، لكن الحمّرة يميل لونها إلى الأحمر الترابي والغبرة، أو بلون الأرض لا يخالطه سواد، وشكل رأس (أم سالم) يشبه إلى حد كبير طائر يعيش في المزارع وقريبا من أماكن السكنى يسمى القوبعة، سميت كذلك لأنها تقبع في ظل الأشياء وتفاجئ المار حولها بالطيران، ويبدو على رأس القوبعة عرف صغير هو بعض الريش على هامتها يأخذ شكل العرف، و(أم سالم) تقترب شكلا من هذا الطائر، كنا نرى (أم سالم) وقل أن نصيدها بالبنادق لعدة أسباب، أهمها أننا لا ندري متى نجدها، فهي لا مكان محدداً لها، وأيضا أغلب وجودها في صحراء مكشوفة حارة على الصياد، متعبة المطاردة، لا جدوى من نتائج صيدها فليست سمينة، كما أنها لا تتوقف لفترة يمكن صيدها فيه، بل سريعة الجري والتحرك تطير أحياناً فتستصعب على الصائد، وأيضا لا يفضل الصيادون في الغالب الرمي من بنادقهم على الأرض خوفاً من أن يصيبوا أحدا حول المكان.
ويفضلون الصيد لطائر سمين أو على شجرة وسكونه أكثر من حركته.
ومثل (أم سالم) الهدهد كذلك نتجنب صيده، فالمجتمع ينهانا عنه ويقال إن البندقية لن تصيد بعده مرة أخرى، هكذا شاع عند البعض.
ومن يلجأ إلى صيد (أم سالم) فقد أفلس في حيازته على لقب صياد لأنها طائر مسالم حقه أن يترك في مكانه أما الحمرة فلأنها من أشد الطيور خوفا على أولادها ويشفق الصيادون عليها فيتركونها ويتركون أولادها أيضا. يقول الشاعر حول صيد (أم سالم) وأنه نهاية الفلس: اليوم كل اللي ذكرناه ماحي
وين الشجر والصيد والكيف والريف
والقاع كنك قالبه بالمساحي
عقب الشجر بفروع ذيك القفاقيف
قلته وأنا معاد يكفخ جناحي
معناي غير وقلتها حذف توهيف
معناي يم الطير جعله يصاحي
الأرض بيضا وأبرق الريش ماشيف
قضوا عليه امطردين السلاحي
حتى أم سالم نتفوها تناتيف
وقل الحلا واصفى الغدير القراحي
والذاهبة معاد تسوى تكاليف سميت (أم سالم) بهذا الاسم ويحق لها أن تحوز عليه من دون سواها لأنها فعلا طائر مسالم وهي (أم سالم) والمسالمة وفي رؤية الشخص لها يتبادر إلى ذهنه كل هدوء من شكلها وبيئتها وانعزالها وحبها للوحدة وتركها الدنيا بهمومها ومشاغلها ومشاكلها وتفضيلها للصحراء المفتوحة الممتدة أمامها بلا عوائق، لا تقبل على أحد اقترب منها ولا تنفر منه نفور الفزع، حتى الشجر والحجر لا تريده أن يكون في بيئتها، لأنها وإن كانت طائراً إلا أنها تمشي أكثر مما تطير، وتفضل السير على قدميها بسرعة، وتطير بين الفينة والأخرى طيراناً ربما خفف عليها حرارة الشمس وأبعدها قليلا عن سطح الأرض اللاهب وقت الظهيرة، لا تحب الصخب ولا تميل إلى الازدحام ولا تزاحم الآخرين من مثيلاتها من الطيور، حتى من النوع نفسه فهي لا تفضل العيش في جماعة ولم تر كذلك كما هي العصافير والحمام والقطا والحجل وغيرها.
ولم تر في عراك على رزق ولا تنافس مع طائر آخر، مقتصدة في غذائها مقتصرة على القليل من حشرات الصحراء الصغيرة وبعض الوريقات والبذور، والأهم من كل هذا ف (أم سالم) تبدو سعيدة في حيوية ونشاط دائم تتمتع بروح معنوية عالية تعكس لمن يشاهدها أن السعادة تكمن في الشخص نفسه لا فيما يستطيع السيطرة عليه، ترفع أصوات صفيرها بين حين وآخر بشكل متدرج من القوة إلى الأقل حتى يختفي تشق الصمت وتقضي على السكون المخيف وتجعل المكان مريحا للنفوس، تملأ المكان الذي هي فيه أنساً وبهجة، يسعد بالمكان من يجاورها لما ترسل له من نغمات التفاؤل والرضا.
لا يمكن أن يراها أحد من عابري الصحراء أو الموجودين فيها إلا وقف ينظر إليها ولو لحظة، ذلك لأنها لا تبتعد كثيراً ولا تنفر أو تفر فرار الغراب المذعور، فيظن البعض أنه بإمكانه اصطيادها لهذا سموها (ملهية الرعيان) لأن رعاة الغنم خاصة ينشغلون بها عن غنمهم فترات طويلة وربما تبعوها فضاعت بعض أغنامهم أو تفرقت. شاهدت امرأة هذا الطائر في القديم فقالت: هنيك يا أم سالم على العوشز تغنين
ولا رجل يطقك ولا رحتي تروين ويبدو أن المرأة متعبة من نقل الماء، وأن زوجها ربما ضربها لو تكاسلت في مهمتها، لقد بثت شكواها لهذا الطائر الذي رأته في طريقها ناحية مورد الماء، بل وحسدته على بقائه في هناء في هذه الصحراء ذات الطبيعة المحبوبة عند سكانها المفتوحة الأرجاء وكلها ملك لأم سالم، لا ينازعها منازع، وتمنت لو كانت مثلها تغني على إحدى أشجار العوشز، لكن على رأسها قدر الماء لابد أن تأتي به قبل الموعد وإلا لقيت جزاءها، وربما كانت المرأة تريد بقولها الطرافة لا أكثر. ويقول أحد الشعراء من باب الفكاهة والتفكه على أم سالم: يا أم سالم وأثاريك منافقية
طول يومك تزعجين من اللحوني ويقصد أنها في البر تغني، والغناء ليس من الخصال المحببة عنده، فهو مجرد لهو لا نفع فيه، لكنها ليست منافقية كما يقول، بل هي طائر يغرد بتغاريده التي تطرب لها الآذان في المكان، وتقطع الصمت، وما ينطبق عليه كإنسان لا ينطبق على الطائر، إنه طائر مسالم وليس منافقاً وسيبقى في الصحراء أنيسا لها ولمن سكنها.
|
| |