04-08-10, 04:01 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو ماسي
| الرتبة: | | البيانات | التسجيل: | Jul 2009 | العضوية: | 2202 | الاقامة: | الـــــــــــســــعــودية | المواضيع: | 279 | الردود: | 943 | جميع المشاركات: | 1,222 [+] | بمعدل : | 0.22 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 50 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
مكتبة المجالس تذكير الجَالِس والـمُجَالس بآداب المَجْلِسِ والـمُجَالِس بسم الله الرحمن الرحيم اللهم اهدني وسددني تذكير الجَالِس والـمُجَالس بآداب المَجْلِسِ والـمُجَالِس الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فهذه جملة من آداب الجَالِس والمُجَالِس أضعها بين يديك(1):
آداب المجالس كثيرة، منها ما هو واجب التحلي به، ومنها ما هو مندوب، ونحن هنا نشير إلى أهمها: 1- اختيار المكان المناسب للمجلس، فلا يُجلس في الطرقات، ولا أبواب السكك، وأماكن العبادة، والراحة، فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:« إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ »، فَقَالُوا مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا. قَالَ:« فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا » قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ:« غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْىٌ عَنِ الْمُنْكَرِ »(2). 2- السلام عند الدخول والخروج: فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:« إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتِ الأُولَى بِأَحَقَّ مِنَ الآخِرَةِ »(3). 3- الجلوس حيث ينتهي بك المجلس: فقد جاء من وصف هند بن أبي هالة - رضي الله عنه - للنبي - صلى الله عليه وسلم - قوله( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر الله، لا يُوطِّن الأماكن، وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك)(4).
وعن أبي واقد الليثي - رضي الله عنه - قال: بَيْنَمَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ، إِذْ أَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:« أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ، فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا، فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ، فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ»(5)؛ وقد بوب عليه البخاري - رحمه الله تعالى - بقوله(باب من قعد حيث ينتهي به المجلس)(6).
وعن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - جَلَسْنَا حَيْثُ نَنْتَهِي(7). 4- اختيار الجلسة المناسبة التي لا محظور فيها، ولا تكشف عورة، ومن ذلك كراهة الاتكاء على إلية اليد اليسرى خلف الظهر، فعن الشريد بن سويد - رضي الله عنه - قال مر بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا جالس هكذا أي وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت على ألية يدي فقال:«لَا تَقْعُدْ قِعْدَةَ المَغْضُوْبِ عَلَيْهِم»(8).
ومن ذلك أيضاً: عدم الاستلقاء على الأرض ووضع إحدى الأرجل على الأخرى، وكان ذلك الاستلقاء تنكشف به العورة، فعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:« لاَ تَمْشِ فِي نَعْلٍ وَاحِدٍ، وَلاَ تَحْتَبِ فِي إِزَارٍ وَاحِدٍ، وَلاَ تَأْكُلْ بِشِمَالِكَ، وَلاَ تَشْتَمِلِ الصَّمَّاءَ، وَلاَ تَضَعْ إِحْدَى رِجْلَيْكَ عَلَى الأُخْرَى إِذَا اسْتَلْقَيْتَ »(9).
ومن ذلك أيضاً: عدم الجلوس بين الظل والشمس، فعن ابن بريدة عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يقعد بين الظل والشمس(10). 5- اختيار الجليس الصالح، والحذر من جليس السوء فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:« مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً»(11). 6- لا يفرق بين اثنين إلا بعد إذنهما، فعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«لَا يَحِلُ للرَّجُلِ أَنْ يُفرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْن إِلا بِإذْنِهِمَا»(12). 7- عدم إقامة أحدٍ والجلوس مكانه، فعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر ولكن تفسحوا وتوسعوا، وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يكره أن يقوم الرجل من مجلسه ثم يجلس مكانه(13). 8- من رجع إلى مجلسه بعد أن قام منه فهو أحق به، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا قام أحدكم - من قام من مجلسه - ثم رجع إليه فهو أحق به(14). 9- أن يكون المجلس عامراً بذكر الله - تعالى - قال:« مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةً، وَمَنِ اضْطَجَعَ مَضْجَعًا لاَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةً »(15)؛ والترة: هي النقص(16). 10- الاستفادة من أهل الفضل الذين في المجلس، فقد يكون في المجلس من يستفاد منه، بل قد لا تتيسر الفرصة للقاء به أو الاستفادة منه إلا في هذا المجلس، وقد ينفع الله به في ذلك المجلس، فقد كان الإمام البخاري في مجلس إسحاق بن راهوية فقال أستاذه أمير المؤمنين في الحديث والفقه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهوية( لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيح سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -), قال البخاري(فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الصحيح). 11- احترام الكبير وتوقيره، ورحمة الصغير والشفقة عليه، فعن ابن عَبَّاس - رضي الله عنهما - يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:« لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرِ الْكَبِيرَ وَيَرْحَمِ الصَّغِيرَ وَيَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ »(17)، وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « إِنَّ مِنْ إِجْلاَلِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ »(18). 12- حفظ السمع والبصر، فلا ينظر إلى مالا يحل له، ولا يتجسس، سواءً كان المجلس داخل البيوت أم خارجها، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:« إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا»(19).
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: « مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ، صُبَّ فِي أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(20). 13- حفظ اللسان، ولا يقول ما يغضب الله - تعالى -، وذلك أن المجالس تقوم على الحوار والكلام، فإن منهج السلامة في المجالس حفظ اللسان، والحذر من كثرة الكلام إلا في الخير، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -:« مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ »(21).
قال الإمام النووي(وهذا الحديث صريح في أنه ينبغي أن لا يتكلم إلا إذا كان الكلام خيراً، وهو الذي ظهرت مصلحته، ومتى شك في ظهور المصلحة فلا يتكلم) (22). 14- الحذر من تتبع عورات الناس، فعن ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فَقَالَ:« يَا مَعْشَرَ مَنْ قَدْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ لاَ تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلاَ تُعَيِّرُوهُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ»(23). 15- ترك التناجي بين الاثنين والثالث موجود، لأن ذلك يؤذيه؛ فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:«إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس أجل أن يحزنه»(24). 16- التفسح في المجلس لأمر الله تعالى به في كتابه، قال تعالى:] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ [ [المجادلة:11]، والتفسح هو: أن يتوسعوا فيما بينهم، و ينضم بعضهم إلى بعض. 17- انتقاء الألفاظ الحسنة، واختيار الكلام المناسب، فعن عمرو بن عبسة - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: « عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين رجال ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغشى بياض وجوهـهم نظر الناظرين يغبطهم النبيون والشهداء بمقعدهم وقربهم من الله – عز وجل -؛ قيل يا رسول الله من هم؟ قال هم جماع من نوازع القبائل، يجتمعون على ذكر الله فينتقون أطايب الكلام كما ينتقي آكل التمر أطايبه»(25).
قال أبو الدرداء - رضي الله عنه - :لولا ثلاث خلال لأحببت أن لا أبقى في الدنيا، لولا وضوع وجهي للسجود لخالقي في اختلاف الليل والنهار يكون تقدمه لحياتي، وظمأ الهواجر، ومقاعدة أقوام ينتقون الكلام كما تنتقى الفاكهة) (26). 18- حسن الاستماع، والإنصات وهذا الأدب من الآداب المهمة في المجالس، فكيف تريد أن تستأثر بالحديث وغيرك يستمع لك، ولا يملك أن يوصل فكرته لك بسبب كثرة مقاطعتك، وعدم انصاتك له؛ وقد ضرب لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في موقفه مع عتبة بن ربيعة أروع المثال في الأدب والتحلي بمكارم الأخلاق، ومن ذلك حسن استماعه لهذا المشرك الذي يدعو إلى الشرك ويساوم على التوحيد، فعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: اجتمعت قريش للنبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت هذا الرجل الذي قد فرق جماعتنا، وشتت أمرنا، وعاب ديننا فليكلمه ولينظر ما يرد عليه، قالوا: ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة، قالوا: أنت يا أبا الوليد فأتاه عتبة فقال: يا محمد أنت خير أم عبد الله؟ فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك عبدوا الآلهة التي عبت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك، إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومك منك! فرقت جماعتنا، وشتت أمرنا، وعبت ديننا ففضحتنا في العرب حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحراً، وأن في قريش كاهناً، والله ما نتظر إلا مثل صيحة الحُبْلى بأن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى، أيها الرجل: إن كان إنما بك الحاجة جمعنا حتى تكون أغنى قريش رجلاً، وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش شئت فنزوجك عشراً ! قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أفرغت؟ قال: نعم قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بسم الله الرحمن الرحيم:]حم * تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [ [فصلت:1-2] حتى بلغ:] فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ [ [فصلت:13] فقال عتبة: حسبك حسبك ما عندك غير هذا؟ قال: لا، فرجع إلى قريش فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما تركت شيئا أرى أنكم تكلمون به إلا كلمته قالوا: هل أجابك؟ قال: نعم، والذي نصبها بنية ما فهمت شيئا مما قال غير أنه قال:] أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ[ [ فصلت:13] قالوا: ويلك! يكلمك رجل بالعربية لا تدري ما قال؟! قال: لا والله ما فهمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعق(27)، فتأمل حسن أدب النبي - صلى الله عليه وسلم - في استماعه وانصاته لعتبة، وحسن رده - صلى الله عليه وسلم - عليه. 19- النظر باهتمام إلى المتحدث، وإبداء الرغبة في مشاركته. 20- التحلي بمكارم الأخلاق، من الابتسامة ولين الكلام، وحسن الحوار، واحترام الغير. 21- ترك كثرة الضحك، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:«مَنْ يَأْخُذُ عَنِّي هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِنَّ أَوْ يُعَلِّمُ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ »؛ فقال أبو هريرة - رضي الله عنه -:أنا يا رَسُولَ الله، فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّ خَمْسًا وَقَالَ:«اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَلاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ»(28). 22- خفض الصوت وعدم رفعه، يقول الله - تعالى - حكاية عن لقمان وابنه:] وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ[ [لقمان:19]. 23- عدم النوم في مجلس والناس فيه غير نيام، لما فيه من فقد لنفسه، فقد يحصل منه ما يكرهـه حال اليقظة، أو يرى منه الناس ما يكره. 24- الحرص على عدم إضاعة الوقت، فعمر الإنسان وقته، فكيف يضيع وقته فيما لا طائل تحته. 25- ترك المزاح باليد، وذلك لأنه يفضي إلى الإيذاء، والخصومة والحرج، وعند التأمل في حال النبي - صلى الله عليه وسلم - نجد أنه لم يمازح بيده - صلى الله عليه وسلم - إلا مرة واحدة، ومزاحه بلسانه قليل جداً، وكان قوله في مزاحه حقاً، ومزاحه بيده - صلى الله عليه وسلم - كان مع زاهراً، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال كان رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَانَ اسْمُهُ زَاهِراً وَكَانَ يُهْدِي لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْهَدِيَّةَ مِنَ الْبَادِيَةِ فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:« إِنَّ زَاهِراً بَادِيَتُنَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ»، وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّهُ وَكَانَ رَجُلاً دَمِيماً فَأَتَاهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَلاَ يُبْصِرُهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَرْسِلْنِي، مَنْ هَذَا؟ فَالْتَفَتَ فَعَرَفَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلَ لاَ يَأْلُو مَا أَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ عَرَفَهُ وَجَعَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:« مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ »، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِذاً وَاللَّهِ تَجِدَنِي كَاسِداً. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:« لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ ». أَوْ قَالَ:«لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ أَنْتَ غَالٍ»(29). 26- الحذر من إيذاء الناس حين المرور بينهم في مجالسهم، وعند حمل بعض الأدوات، عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: مر رجل في المسجد بسهام فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمسك بنصالها»(30).
عن أبي موسى - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : « إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَجْلِسٍ أَوْ سُوقٍ وَبِيَدِهِ نَبْلٌ فَلْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا، ثُمَّ لْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا، ثُمَّ لْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا »(31). 27- عدم السخرية بشخص، أو بقوم، قال الله تعالى:] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ[ [الحجرات:11]. 28- ترك المجالس التي فيها استهزاء بالله وآياته ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأولياء الله الصالحين من العلماء والعباد، وهنا مسألة وهي:ما حكم الجلوس في مجالس فيها منكر؟
فالجواب: إذا وجد المنكر في أي مكان كان، فإنه لا يجوز الجلوس فيه بعد النكير على أهل المنكر، وذلك متقرر بقوله تعالى:] وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً [ [النساء:140].
قال الإمام القرطبي - رحمه الله تعالى - عند قوله - عز وجل -: ] إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ [( فكل من جلس في مجلس معصية، ولم ينكر عليهم، يكون معهم في الوزر سواء، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية، وعملوا بها؛ فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية)( 34).
وقال أيضاً( وإذا ثبت تجنب أصحاب المعاصي كما بينا فتجنب أهل البدع والأهواء أولى)( 33).
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى ( وقد نبهت الآية عن التحذير من مجالسة العصاة؛ قال إبراهيم النخعي: إن الرجل ليجلس في المجلس فيتكلم بالكلمة، فيرضى الله بها، فتصيبه الرحمة، فتعم من حوله؛ وإن الرجل ليجلس في المجلس فيتكلم بالكلمة، فيسخط الله بها، فيصيبه السخط، فيعم من حوله)( 34).
فيحرم بعد هذا البيان الجلوس في أي مجلس يُعصى الله تعالى فيه، ويجب تذكير من فيه بالله - عز وجل -، وتخويفهم به، فإن أبوا فلا يجالسون، والتعامل مع أهل البدع أشد من التعامل مع أهل المعاصي، لأن أهل البدع أخطر على المسلم من أهل المعاصي. 29- ترك القيام للداخل إذا كان ذلك يعجبه، ويحبه، لما في ذلك من المخالفة الصريحة لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولما فيه من تعظيم غير الله - تعالى - والقيام له، وهذه المسألة: مسألة القيام للداخل فيها تفصيل بالنسبة للوقوف للداخل، فقد أجاب عنها شيخ الإسلام ابن تيمية إجابة مفصلة مبنية على الأدلة الشـرعية فقال - رحمه الله تعالى - : ( لم تكن عادة السلف على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين أن يعتادوا القيام كلما يرونه - صلى الله عليه وسلم -، كما يفعله كثير من الناس، بل قال أنس بن مالك - رضي الله عنه -: ( لم يكن شخص أحب إليهم من النبي - صلى الله عليه وسلم - وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهته لذلك )( 35)، ولكن ربما قاموا للقادم من مغيبه تلقياً له، كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قام لعكرمة. وقال للأنصار لما قدم سعد بن معاذ - رضي الله عنه -:« قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ»(36)؛ وكان قد قدم ليحكم في بني قريظة ؛ لأنهم نزلوا على حكمه.
والذي ينبغي للناس أن يعتادوا اتباع السلف على ما كانوا عليه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم خير القرون، وخير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، فلا يعدل أحد عن هدي خير الورى وهدي خير القرون إلى ما هو دونه، وينبغي للمطاع أن لا يقر ذلك مع أصحابه بحيث إذا رأوه لم يقوموا له إلا في اللقاء المعتاد .
وأما القيام لمن يقدم من سفر ونحو ذلك تلقيا له فحسن، وإذا كان من عادة الناس إكرام الجائي بالقيام، ولو ترك لاعتقد أن ذلك لترك حقه أو قصد خفضه ولم يعلم العادة الموافقة للسنة فالأصلح أن يقام له ؛ لأن ذلك أصلح لذات البين وإزالة التباغض والشحناء، وأما من عرف عادة القوم الموافقة للسنة فليس في ترك ذلك إيذاء له، وليس هذا القيام المذكور في قوله - صلى الله عليه وسلم -:« مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ »(37)، فإن ذلك أن يقوموا له وهو قاعد، ليس هو أن يقوموا له لمجيئه إذا جاء، ولهذا فرقوا بين أن يقال قمت إليه وقمت له، والقائم للقادم ساواه في القيام بخلاف القائم للقاعد.
وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما صلى بهم قاعداً من مرضه وصلوا قياما أمرهم بالقعود، وقال: « إِنْ كِدْتُمْ آنِفًا لَتَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ فَلاَ تَفْعَلُوا ائْتَمُّوا بِأَئِمَّتِكُمْ إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا »(38)، وقد نهاهم عن القيام في الصلاة وهو قاعد لئلا يتشبه بالأعاجم الذين يقومون لعظمائهم وهم قعود وجماع ذلك كله الذي يصلح، اتباع عادات السلف وأخلاقهم والاجتهاد عليه بحسب الإمكان.
فمن لم يعتقد ذلك ولم يعرف أنه العادة وكان في ترك معاملته بما اعتاد من الناس من الاحترام مفسدة راجحة فإنه يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما، كما يجب فعل أعظم الصلاحين بتفويت أدناهما )(39).
ومما يزيد ما ذكره إيضاحا ما ثبت في الصحيحين في قصة كعب بن مالك لما تاب الله عليه وعلى صاحبيه - رضي الله عنهم - جميعا، وفيه أن كعباً لما دخل المسجد قام إليه طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - يهرول فسلم عليه وهنأه بالتوبة، ولم ينكر ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فدل ذلك على جواز القيام لمقابلة الداخل ومصافحته والسلام عليه؛ ومن ذلك ما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا دخل على ابنته فاطمة قامت إليه وأخذت بيده وأجلسته مكانها، وإذا دخلت عليه قام إليها وأخذ بيدها وأجلسها مكانه(40). 30- عدم إفشاء أسرار المجالس، لأن الأسرار أمانة، وإفشاؤها خيانة، فعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول:«إِذَا حُدِّثَ الإِنْسَانُ حَدِيثاً وَالْمُحَدِّثُ يَلْتَفِتُ حَوْلَهُ فَهُوَ أَمَانَةٌ »(41). 31- كفارة المجلس في ختام المجلس، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:« مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ. إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ »(42).
صيد الفوائد
|
| |