السدرة شجرة نالت عند خالقها مكانة تكاد تنفرد بها كما يتضح من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التى أشارت إلى فضل فوائدها العديدة. تسمى ب «شجرة السدر» وواحدتها سدرة وهي أيضا شجرة النبق ومنها نوعان: «عبري» أو «بستاني» تنتشر زراعته في الحقول والحدائق وتؤكل ثماره، و«ضال» وهو النوع الفطري المنتشر بالمناطق البرية والأودية. وتنتمى شجرة السدر لجنس واحد في العائلة السدرية، ويوجد منها عدة أنواع. والسدر شجرة كثيفة جذورها متعمقة منتشرة ذات جذع متفرع لأفرع متعرجة لونها بنى فاتح يصل ارتفاعها من 2 إلى 4 أمتار تقريباً وأوراقها بيضاوية الشكل صغيرة طول النصل ثلاثة سنتيمترات وهي متعرقة بثلاثة عروق من الناحية السفلى ولها شوكتان أذينيتان إحداهما مستقيمة والأخرى منحنية وأزهارها خضر مصفرة قطرها أيضا ثلاث سنتيمترات. أما ثمارها فهي كروية برتقالية اللون عند النضج قطرها سنتيمترا واحدا تحمل على عنق. وهذا النوع يكثر انتشاره في المنطقة الشرقية من المملكة. وهناك نوع السدر المسمى «شوك المسيح» وأشجاره دائمة الخضرة ذات جذع قوى طويل يصل ارتفاعه من 10 إلى 12 مترا تقريبا وتاجها كبير كثيف أي أنها تشكل شجرة ظل وارفة رائعة الجمال والجلال؛ أفرعها المسنة خشبية، أما الأفرع الحديثة فهي رقيقة مغطاة بشعيرات رفيعة «زغبي» وأوراقها كثيفة خضر طولها من 5ر2 إلى 5 سنتيمترات شبه مستديرة أو بيضية قمتها مستديرة حافتها كاملة. تعرقها شبكي راحي (لها 3 عروق من الناحية السفلية). والأذينيتان تتحوران كما في النوع السابق إلى شوكتين إحداهما مستقيمة والأخرى منحنية. والثمرة حسلية قطرها من 5ر1 إلى 5ر3 سنتيمتر كروية الشكل ذات عنق قصير، لونها برتقالي أو أحمر عند النضج ومذاقها حلو. والأزهار صفر صغيرة متجمعة، وجذورها عميقة منتشرة. وهذا النوع الأخير شائع الانتشار في الأودية بالمملكة، بل أيضا يزرع كشجرة ظل جميلة سريعة النمو تؤكل ثمارها ذات القيمة الغذائية العالية، فضلا عن كونها تتحمل الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، ولا تحب الصقيع. وهي تتحمل الرعي والرياح والجفاف والعطش وارتفاع نسبة الأملاح في التربة. ومن النوع الأخير يوجد صنف يخلو من الأشواك والزغب. تكاثر السدر تتكاثر أشجار السدر بالعقل التى تزرع شتاء أو بالبذور التى تجمع صيفا، حيث أن البذور التى تجمع شتاء لا تنبت. ونسبة الإنبات في البذور منخفضة تصل إلى 30% تقريبا وتعامل البذرة بالنقع في الماء قبل زراعتها. كما يمكن إجراء التكاثر بالتطعيم على نوع السدر الهندي ذي الثمار الكبيرة. فوائد أشجار السدر تؤكل ثمار السدر لأنها حلوة المذاق مرتفعة القيمة الغذائية وتعتبر من أنواع الفاكهة المتميزة. كما أن لها استخدامات في الطب الشعبي. فهي مفيدة في حالات أمراض الصدر والتنفس وهي مسهلة ومنقية للدم. وقد أشار الأطباء إلى فائدة ثمار النبق للمرأة الحامل لما تحتويه من عناصر غذائية ضرورية من سكريات وغيرها. وقد أكد علماء التغذية أن مسحوق ثمار النبق يماثل الحبوب في القيمة الغذائية، فأطلقوا عليها إسم الحبوب غير الحقيقية. وقديما كان الناس يجففون ثمار السدر ويطحنوها في مطاحن خاصة بها لفصل الطبقة الخارجية المأكولة الحلوة ومن ثم استخدام دقيقها في صنع الخبز وأنواع من الحلوى. أما بالنسبة لأوراق السدر فإنها تستخدم لعلاج الجرب والبثور. ومنقوع الأوراق مفيد في علاج آلام المفاصل والتهاب الفم واللثة. تجفف الأوراق ويصنع منها مسحوق لغسيل شعر الرأس وتقويته وإزالة القشرة منه. كما أن منقوع الأوراق يغسل به الموتى. أما أزهار شجرة «السدر» فإن نحل العسل يرعى عليها ويتغذى على رحيقها وينتج منها عسلاً جيداً ذا قيمة غذائية عالية يسمى «عسل السدر» وهو من أغلى أنواع العسل البري المطلوبة. كما يستخدم مغلي قلف الأشجار كمسكن لآلام الأسنان وملطف للحرارة ومقوي عام. وتكثر زراعة أشجار السدر للزينة والظل في الحدائق والشوارع. كما تزرع كمصدات للرياح وحماية للتربة من الانجراف. وخشبها جيد قوى متعدد الاستعمالات. وتصاب أشجار السدر بثاقبات الأوراق وذبابة ثمار السدر، فيجب وقايتها منها ومكافحتها عند حدوث الإصابة. قطع أشجار السدر وقد نهي الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم» عن قطع أشجار السدر البرية وحذر من عاقبة ذلك، فقد جاء في سنن أبى داود عن عبدالله بن حبشي، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار». وسئل أبو داود عن معنى هذا الحديث فقال : هذا الحديث مختصر، يعنى أن من قطع سدرة في فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم عبثا وظلما بغير حق يكون له فيها، صوب الله رأسه في النار. وجاء في «أسباب النزول للسيوطي» عن آيات سورة الواقعة عما أعد الله عز وجل لأهل اليمين في الجنة (الآيات من 27 38) : «أن أهل الطائف كانوا يعجبون بواد عندهم يسمى «وج» وكان وافر الظلال كثير أشجار الطلح والسدر وكانوا يسمعون عن الجنة ووصفها ونعيمها، فقالوا : «ياليت لنا في الجنة مثل هذا الوادي»، فأنزل الله سبحانه وتعالى : {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين}. وقد جاء في المعنى «سدر» أنه شجر كثير الظل، و «مخضود» أي لا شوك فيه. ويقول الحق تبارك وتعالى في سورة «النجم» (الآيات1316) : {ولقد رآه نزلة أخرى، عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى}. وقد قيل إن «سدرة المنتهى» هي شجرة «نبق» عن يمين العرش لا يتجاوزها أحد من الملائكة (والله أعلم). هكذا ورد ذكر «شجرة السدر» في القرآن الكريم على أنها من شجر الجنة نعيما أعده الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين.