بسم الله الرحمن الرحيم
كثرة العتاب تفرّق الأحباب
تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل
لا تدقّق ...
موضوع رائع
أتمنى قراءته للنهاية
الموقف رقم (1)
دخل عبد الله بيته وما إن فتح الباب ومشى قليلاً حتى تعثّر بلعبة طفلته وكاد أن يقع , ورفع اللعبة ثم واصل طريقه متجهاً إلى المطبخ حيث زوجته , وهو متضايق مما حصل له , فلولا عناية الله كان سقط على وجهه وكُسرت يده..
-- يا الله كم مرة قلت لها اهتمي بترتيب البيت ، لم لا تأخذ بكلامي ؟! --
وصل إليها فقابلته بابتسامة مشرقة وكلمة رقيقة..
وإذا هي قد أعدت مائدة لذيذة من الطعام الذي يفضله
فأطفأ كل ذلك غضبه وجعل يفكّر
هل الأمر يستحق أن أكرر مرة أخرى عليها نفس الاسطوانة؟!!
لتغضب وتخبرني أنها كانت مشغولة بإعداد الطعام..
فتجلس على المائدة وهي متضايقة ؟! ونتنكّد باقي يومنا !
أعتقد أنّه من الأفضل أن أتغاضى قليلاً لنسعد كثيراً .
**** ****
الموقف رقم (2)
انتظرت أمل مجيء خالد بعد انتهاء الحفلة التي دُعيت لها .. لكنه تأخر ..
مرّت عشر دقائق ثم نصف ساعة على الموعد الذي اتفقا عليه وبدأ المدعوون بالتناقص.. ثم مرّت ساعة كاملة ولم يبق إلا هي وأصحاب الدعوة الذين كانوا يجاملونها مع ما بدأ عليهم من إرهاق !
يا إلهي أين أنت يا خالد؟ دائماً تحرجني بتأخرك ! إنه لا يلتزم بالمواعيد بتاتاً .. لقد كدت أبكي من الخجل ..
أخيراً حضر.. ركبت السيارة بسرعة وهي ترتجف من الغضب
، وقبل أن تفتح فمها أخبرها أنه قد طاف على سبع محلات تجارية ليشتري لها الجهاز الذي طلبته ، ولأنّه يفضّل أن يختار أجود نوع فلم يكن يقنعه أي منتج حتى وصل إلى آخر محل فوجد عنده هذا الجهاز..
أنّه في الخلف هل انتبهت له عند ركوبك ؟ التفت إليه فإذا هو قابع على المقعد الخلفي وإذا هو طلبها تماماً.. مسكين أنت يا خالد ما أطيب قلبك! لكن أيضاً لقد أحرجني عند أقاربي ولا بد أن أخبره أني متضايقة..
فكّرت هي قليلاً.. إن عاتبته قد يغضب ويعلو صوته كالعادة وأنا الآن في غنى عن هذه المشاكل.. وإن تغاضيت وسكتُّ ارتحت ومضت سفينتنا على خير.. وهذا ما اخترت والحمد لله .
ليس الغبي بسيّد في قومه ,،،،، ولكن سيّد قومه المتغابي !!
** **** **
لا يخلو شخص من نقص ..
ومن المستحيل على أي زوجان
أن يجد كل ما يريده أحدهما في الطرف الآخر كاملاً..
كما أنه لا يكاد يمر أسبوع..
دون أن يشعر أحدها بالضيق من تصرف عمل الآخر..
وليس من المعقول أن تندلع حرب كلامية كل يوم وكل أسبوع على شيء تافه , كملوحة الطعام أو نسيان طلب أو الانشغال عن وعد 'غير ضروري' أو زلة لسان ، فهذه حياة جحيم لا تطاق !
ولهذا على كل واحد منهما تقبل الطرف الآخر .. والتغاضي عما لا يعجبه فيه من صفات ، أو طبائع ..
وكما قيل ' تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل '
وهو تكلّف الغفلة مع العلم والإدراك لما يتغافل عنه , تكرماً وترفعاً عن سفاسف الأمور .
ويقال: ' ما زال التغافل من فعل الكرام '..
وبعض الرجال – هداهم الله –
يدقق في كل شيء وينقب في كل شيء
فيفتح الثلاجة يومياً ويصرخ لماذا لم ترتبي الخضار ..
أو تضعي الفاكهة هنا أو هناك ؟!
لماذا الطاولة علاها الغبار ؟!
كم مرة قلت لك الطعام حار جداً ؟!
الخ .. وينكد عيشتها وعيشته !!
وكما قيل : ما استقصى كريم قط ..
كما أن بعض النساء كذلك تدقق في أمور زوجها ماذا يقصد بكذا؟
ولماذا لم يشتر لي هدية بهذه المناسبة؟
ولماذا لم يهاتف والدي ليسأل عن صحته؟
إلخ ...
وتجعلها مصيبة المصائب وأعظم الكبائر..
فكأنهما يبحثان عن المشاكل بأنفسهما !!
كما أن بعض الأزواج ..
يكون عنده عادة لا تعجب الطرف الآخر أو خصلة تعوّد عليها ولا يستطيع تركها – مع أنها لا تؤثر في حياتهما الزوجية بشيء يذكر –
إلا أن الطرف الآخر يدع كل صفاته الرائعة ..
ويوجه عدسته على تلك الصفة محاولاً اقتلاعها بالقوة ..
وكلما رآه علّق عليها أو كرر نصحه عنها ..
فيتضايق صاحبها وتستمر المشاكل..
بينما يجدر التغاضي عنها تماما ً..
أو يحاول لكن في فترات متباعدة ..
وليستمتعا بباقي طباعهما الجميلة..
فلنتغاضى قليلاً حتى تسير الحياة سعيدة هانئة
لا تكدرها صغائر.. ولتلتئم القلوب على الحبّ والسعادة
فكثرة العتاب تفرّق الأحباب .
قال لقمان لابنه : خف من الله خوفاً لو أتيته بعمل الثقلين خفت أن يعذبك..
وارجه رجاءاً لو اتيته بذنوب الثقلين رجوت أن يغفر لك ..
فقال له ابنه : يا أبت وكيف اطيق هذا .. وإنما لي قلبٌ واحد
فقال : يا بني لو استخرج قلب المؤمن فشُقّ
لوجد فيه نوران نور للخوف ونور للرجاء
لو وُزِنا ما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة
ممــــــا راق لي