السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فاذكروني أذكركم
قال الله تعالى في محكم تنزيله
( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ )
----من تفسير أبن كثير----
قال مجاهد في قوله
" كما أرسلنا فيكم رسولا منكم" يقول كما فعلت فاذكروني قال عبد الله بن وهب عن هشام بن سعيد عن زيد بن
أسلم أن موسى عليه السلام قال يا رب كيف أشكرك ؟ قال له ربه : تذكرني ولا تنساني فإذا ذكرتني فقد شكرتني
وإذا نسيتني فقد كفرتني
-------
قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا عن قتادة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال الله
عز وجل يا ابن آدم إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي وإن ذكرتني في ملإ ذكرتك في ملإ من الملائكة - أو
قال في ملإ خير منه - وإن دنوت مني شبرا دنوت منك ذراعا وإن دنوت مني ذراعا دنوت منك باعا وإن أتيتني
تمشي أتيتك هرولة " صحيح الإسناد أخرجه البخاري من حديث قتادة وعنده قال قتادة الله أقرب بالرحمة : وقوله
" واشكروا لي ولا تكفرون" أمر الله تعالى بشكره ووعد على شكره بمزيد الخير فقال " وإذ تأذن ربكم لئن
شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد "
-------
إذا اضطربت النفس فلم تطمئن وحار القلب فلم يسكن وأرقت العين فسهرت ولم تنم، فما عسى المسلم حينذاك أن
يفعل ؟ وإذا ما اشتدت الكروب وأحاطت المصائب والخطوب وتكاثرت الهموم والغموم، فبأي عمل نقوم لتنقشع
من سمائنا الغيوم وليرجع إلينا صفاء عيشنا، أين الدواء المخلص من عضال هذا الداء داء القلق النفسي
والاضطراب؟ إنه ذكر الله الذي يصف لنا في محكم كتابه حال طائفة من عباده فيقول: " الذين آمنوا وتطمئن
قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب". وقال تعالى:
" ولذكر الله أكبر " , قال ابن عباس أيضا: له
وجهان: أحدهما: أن ذكر الله تعالى لكم أعظم من ذكركم إياه . والآخر: أن ذكر الله تعالى أعظم من كل عبادة
سواه، وفرق كبير بين الذي يذكر ربه والذي لا يذكره، إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم
( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر مثل الحي والميت )
رواه البخاري .
ولقد ذم الله المنافقين فقال:
" ولا يذكرون الله إلا قليلاً " و قال تعالى :
"ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين".
وقد أخرج أحمد والترمذي والحاكم عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله
( ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير
لكم من إنفاق الذهب والورق (الفضة)، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا
أعناقكم. قالوا: بلى. قال: ذكر الله )).
ولما كان الأمر بالذكر كذلك كانت مجالس الذكر أعظم المجالس
بركة وأجراً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( لا يقعد قوم يذكرون الله تعالى إلا حفتهم
الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده ) رواه مسلم.
إن مجالس الغفلة هي التي لا يذكر فيها اسم الله ولا يصلى
فيها على نبيه أخرج أبو داود والترمذي عن رسول الله ( ما من قوم جلسوا
مجلسا وتفرقوا منه لم يذكروا الله فيه إلا كأنما تفرقوا عن جيفة حمار وكان عليهم حسرة يوم القيامة )