كما يعلم الجميع أن السلاح أحد الأدوات الهامة التي لها قيمة كبيرة في حياة الإنسان العربي
عبر العصور التاريخية والأحقاب الزمنية المتتالية على اختلاف أنواع هذه الأسلحة وأشكالها
ومن هذه الأسلحة الفاخرة والشهيرة في حياة الإنسان العربي سلاح السيف الذي كان يقتنيه
الفارس العربي ويفاخر باقتنائه له ويستعين به في معاركه فهو المعين له على ظروف الحياة وقسوتها وكثيرة هي السيوف التي اشتهرت عند العرب منذ القدم فأشهرها سيف رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ذو الفقار.
ومن هذا المنطلق ولهذه القيمة التاريخية أحببت التطرق في موضوعي هذا إلى أحد السيوف الشهيرة في جزيرتنا العربية الا وهو السيف الأجرب الذي يعتبر أحد المواريث الهامة لدولتنا السعودية وللأسرة المالكة في هذه الدولة الفتية بل ويعتبر من السيوف الشهيرة في جزيرة العرب مثله مثل بقية السيوف التي أخذت شهرتها فكما نعلم تعود ملكية هذا السيف للإمام تركي بن عبدا لله بن محمد بن سعود رحمه الله مؤسس الدولة السعودية الثانية فهذا السيف كان هو المرافق والمعين بعد الله للإمام في بطولاته ومعاركه التاريخية .
وذهبت تسمية هذا السيف بالأجرب إلى عدة أراء منها لوجود صدأ عليه ومنها لقوته في الفصل والقطع فهو كما قلنا كان رفيقه الذي لا يستغني عنه وكان هو صاحبه الذي يتفاخر به
فبهذا السيف استطاع بفضل الله أن يستعيد نجد من القوات العثمانية عام 1240هـ واستطاع أن ينشر الحق به بين مدن وقرى نجد وقبائلها واستمر هذا السيف مع الإمام حتى موته عام 1249هـ
وقد أورد الإمام ذكر هذا السيف في العديد من القصائد ومنها القصيدة الشهيرة التي أرسلها لابن عمه مشاري الذي كان مسجونا في مصر من قبل محمد علي باشا وذلك في القرن الثالث عشر هجري تقريباً :
طار الكرى عن موق عينى وفرا
وفزيت من نومي طرالي طـواري
وابد يت من جاش الحشاء ماتدرا
واسهرت من حولي بكثر الهذ اري
خـط ٍ لفانـى زاد قلبـي بحـر ا
من شاكي ضيم النيـا والعـزاري
سر يا قلم واكتب علـى ماتـورا
أزكى سلام لابن عمي مشـاري
شيخ على درب الشجاعة مضـرا
من لابة يـوم الملاقـا ضـواري
يامـا سهرنـا حاكـم مايـطـرا
واليوم دنيا ضاع فيهـا افتكـاري
اشكي لمن يبكي له الجـود طـرا
ضراب هامـات العـدا مايـداري
ياحيف ياخطو الشجـاع المضـرا
في مصر مملوك لحمر العتـاري
من الزاد غاد لـه سنـام وسـرا
من الذل شبعان من العز عـاري
وش عاد لو يلبس حريـر يجـرا
ومتوج تـاج الذهـب بالـزراري
دنياك يابـن العـم هـذي مغـرا
ولاخير في دنيا حلاهـا مـراري
تسقيك حلـو ثـم تسقيـك مـرا
ولذاتهـا بيـن البرايـا عـواري
اكفـخ بجنحـان السعـد لاتـدرا
العمـر ماياقـاه كثـر المـداري
مافي يد المخلـوق نفـع وضـرا
ماقدر الباري على العبـد جـاري
وسلم وسلم لي على مـن تـورا
واذكر لهم حالي وما كان جـاري
إن سايلوا عنـي فحالـي تسـرا
قبقب شراع العز لو كنـت داري
يوم ٍ كـل ٍ مـن عميلـه تبـرا
حطيت الأجرب لي عميل مبـاري
ونعم الرفيق الي سطا ثـم جـرا
يودع مناعير النشامـا حبـاري
رميت عنـي برقـع الـذل بـرا
ولاخير فيمن لايدوس المحـاري
يبقى الفخر وأنـا بقبـري معـرا
و أفعال تركي مثل شمس النهاري
وحصنت نجد عقب ماهـي تطـرا
مصيونة عن حر لفـح المـذاري
ونزلتهـا غصـب بخيـر وشـرا
وجمعت شمل بالقرايـا وقـاري
والشرع فيها قد مشى واستقـرا
وقرا بنا درس الضحى كل قـاري
زال الهوى والغـي عنهـا وفـرا
ويقضي بها القاضي بليا مصاري
وان سلت عمن قال لي لا تـزرا
نجد غـدت بـاب بليـا سـواري
ومن أمن الجانـي كفـا ماتحـرا
وتازى حريمه باالقرايا وجـاري
واجهدت في طلب العلى لين قـرا
وطاب الكرى مع لابسات الخزاري
ومن غاص غبات البحر جاب درا
ويحمد مصابيح السرى كل ساري
وأنا أحمد اللي جاب لي ماتحـرا
وأذهب غبار الذل عني وطـاري
والعمـر مايـزداد مثـقـال ذرا
عمر الفتى والرزق في كف باري
وصلاة ربي عد مـا خـط قـرا
على النبي ما طاف بالبت عـاري
وللإمام أيضأ أبيات في هذا السيف الشهير :
جلست في غار على الطرق كشاف
علي طريـقٍ نايـفٍ فـي عليّـه
وطويق غرب وكاشفٍ كل الأطراف
وخذيت بـه وقـتٍ ولـه قابليـه
خويي (الأجرب) على كل خـواف
في يد شجاعٍ مـا تهبـي ضويـه
قطـاع بتـاعٍ ولانيـب خــواف
وفي دبرة الله مـا نهـاب المنيـة
وبموت هذا الإمام انتقل السيف إلى ورثة الإمام تركي من أبنائه وأحفاده حتى وصل إلى الإمام سعود بن فيصل بن تركي
وقد قدم الإمام سعود بن فيصل بن تركي هذا السيف هدية للشيخ عيسى بن علي ال خليفة رمزاً للتعاون والوفاء بين الأسرتين الخليفية والسعودية.
وبقي هذا السيف عند الأسرة الخليفية بداية بالشيخ عيسى بن علي ال خليفة مروراً بالشيخ حمد بن عيسى ال خليفة والشيخ سلمان بن حمد ال خليفة والشيخ محمد بن سلمان ال خليفة رحمهم الله جميعاً
وقد زار الشيخ حمد بن عيسى بن علي ال خليفة الملك عبد العزيز عندما كان في الظهران عام 1939 هـ والتي أراد الشيخ حمد من خلال هذه الزيارة دعوة الملك عبد العزيز لزيارة البحرين وتقديم السيف الأجرب له الا أن الملك عبد العزيز فضل بقاء السيف لدى الأسرة الخليفية حيث قال كلمته المشهورة( (هذه ذكرى منا عندكم فأبقوه لديكم)
وبقي حتى عهدنا هذا مثوارئاً عند الأسرة الخليفية التي صانت الأمانة وحافظت على أصالة هذا السيف الشهير
وفي عهد الملك الميمون خادم البيتين الملك عبدالله بن عبد العزيز ال سعود حفظه الله ورعاه عاد هذا السيف إلى غمده ومكانه وعاد ليبقى رمزاً للتاريخ السعودي المشرف فقد قدمه الملك حمد بن عيسى ال خليفة للملك عبدالله أثناء زيارته لدولة البحرين الشقيقةِ