قال تعالى ( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ ) (النحل:8)
وقال تعالى ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً ) (العاديات)
و قال تعالى ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ ) (لأنفال:60)
وقال تعالى ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ) (آل عمران:14)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الْخَيْلُ فِى نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ » وقال أيضاً : « الْبَرَكَةُ فِى نَوَاصِى الْخَيْلِ » .
منذ بدأ التاريخ وحتى يومنا هذا كانت هذه الشراكه قائمة بين الإنسان والجواد ، ففي عصور لم تعرف الحضارة ولم تعرف وسائل النقل بدأت العلاقة الحميمة بين الخيل والخيال .. فبعد حاجة الإنسان للتنقل وقطع الأرض الشاسعة والطبيعة القاسية قدم هذا الحيوان وسد حاجة الإنسان للنقل حتى وقت قريب ..
فقد لعبت الخيل دوراً كبيراً لأجدادنا القدماء فمن لحمها الطعام ومن عظامها السلاح ومن جلودها الكساء ومن ركوبها النقل والحماية وآلة الحرب والتجارة وبقوتها الحرث والسقاء .. ولا يزال هذا دورها في بعض بلدان العالم ..
ومن باب العودة للماضي وذكر أيام من سبقنا وارتباط هذا الحيوان في البادية وطرق العيش فيها أحببت أن أسلط الأضواء على هذا الحيوان بتسلسل مقنع لحياته وعلاقته مع العرب والمسلمين وبالأخص في الجزيرة العربية .. حيث أرتبط أسم هذا الحيوان مع الشجاعة والرجولة في كافة البلدان التي انتشر فيها من العصور القديمة ..
مكانة الخيل عند العرب ..
أهتم العرب بالخيل منذ القدم وكانت لهم رمزاً للفخر والقوة .. فقد تباهى العرب بالخيل وقوتها وسرعتها .. وكانوا يقيمون السباقات بينهم للمفاخرة وعرض القوة .. فكانت تقوم الحروب عليها أو بسببها مثل حرب داحس والغبراء والتي سيأتي ذكرها بعد قليل .. فقد تباها كثير من الشعراء بخيلهم أمثال امرئ القيس حين وصف فرسه :
مكـر مفـر مقبـل مدبـر معـاكجلمود صخر حطه السيل من عل
وقد وصف ساعدة بن جؤيه خيله قائلاً :
فناشوا بارسان الجيـاد قربـواعناجيجهم مجنوبـة بالرواجـل
وكل شموس العدو ضاف سبيبهاومنجرد كالسيد نهـد المراكـل
تمر على الساقين وحفـا كأنـهدنا حفا مرت به الريح مائـل
وكان الشعراء يتباهون بالخيل وقد نظموا القصائد التي قيلت بها كمصدر من مصادر القوة لديهم .. كقول المتنبي :
الخيل والليـل والبيـداء تعرفنـيوالسيف والرمح والقرطاس والقلم
وقد وصف الشاعر أبو ذؤيب الهذلي الخيل بقوله :
تغدو به خوصاء يفصم جريهاحلق الرحالة فهي رخوتمـزع
قصر الصبوح لها فشرج لحمهابالتي فهي تثوخ فيها الاصبـع
متفلق انساؤهـا عـن قانـىءكالقرط صاو غبره لا يرضـع
تأبى بدرتها اذا ما استغضبتالا الحميـم فإنـه يتبـضـع
وقال أيضاً :
فتنازلا وتواقفت خيلاهماوكلاهما بطل اللقاء مخدع
وقال شاعر :
نادي الصريخ فردوا الخيل عانيةتشكو الكلال وتشكو من أذى الخال
فكانت العرب تقول من خال هذا الفرس أي من صاحبها ومنه قول الشاعر :
يصب لها نطاف القوم سراويشهد خالها أمر الزعيـم
وللإبل نصيبها حين أنشد الأزهري قائلاً :
ألا لا تبالي الإبل من كان خالهاإذا شبعت من قرمـل واثـال
وفي ساحات الحرب كان شاهد الشجاعة ( الخيل ) موجود دائماً .. فقد أنشد عنترة بن شداد قائلاً :
هلا سألت الخيل يا ابنـة مالـكإن كنت جاهلة بما لـم تعلمـي
يخبرك من شهد الوقيعـة أننـيأغشى الوغى وأعف عند المغنمي
ولقد ذكرتك والرمـاح نواهـلمني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيـل السيـوف لأنهـالمعت كبارق ثغـرك المتبسـم
ومدجـج كـره الكمـاة نزالـهلا ممعـن هربـا ولا مستسلـم
جادت له كفي بعاجـل طعنـةبمثقف صـدق الكعـوب مقـوم
فشككت بالرمح الأصـم ثيابـهليس الكريم على القنـا بمحـرم
لما رآنـي قـد نزلـت أريـدهأبـدى نواجـذه لغيـر تبـسـم
فطعنتـه بالرمـح ثـم علوتـهبمهند صافـي الحديـد مخـذم
في حومة الحرب التي لا تشتكيغمراتها الأبطال غيـر تغمغـم
ولقد هممت بغـارة فـي ليلـةسـوداء حالكـة كلـون الأدلـم
لما رأيت القـوم أقبـل جمعهـميتذامرون كررت غيـر مذمـم
يدعون عنتر والرمـاح كأنهـاأشطان بئر فـي لبـان الأدهـم
ما زلت أرميهم بثغـرة نحـرهولبانـه حتـى تسربـل بالـدم
فازور من وقـع القنـا بلبانـهوشكى إلـى بعبـرة وتحمحـم
لو كان يدري ما المحاورة اشتكىولكان لو علـم الكـلام مكلمـي
ولقد شفى نفسي و أبـرا سقمهـاقيل الفوارس ويك عنتر أقدمـي
والخيل تقتحـم الغبـار عوابسـاما بين شيظمة وأجـرد شيظـم