إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره و نستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهدي الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمد عبد الله ورسوله ، بلغ الرسالة و أدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين ، فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى الصحابة أجمعين ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين ثم أما بعد ...
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) آل عمران ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)) الحديد، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)) الحشر
أيها الأحبة ، عنوان هذه الخطبة ( ماهو الأثر الذي تود تركه قبل الرحيل ؟ )
وهي قصة واقعية لرجل لا أعرفه ، لكن ما أعرفه عنه أنه ترك أثرا في هذه الحياة قبل وفاته ...
قصة رجل (معاصر )... استخدم الانترنت كوسيلة لدعوة الناس إلى الله ، و نشر الخير بين الناس ..
رجلٌ أحبه كل من عَرَفه وكل من قرأ له ، و كان لا يكتب موضوعا على الانترنت إلى ويقرأ موضوعه أكثر من ألفين رجل و امرأة في ذلك المنتدى ..
رجل أثر في نفسي شخصيا لما رأيت فيه من همة عالية ، وصدق ، وتفانٍ في خدمة هذا الدين ...
رجلُ يصدق فيه ذلك البيت ...
وكن رجلا إن أتوا بعده .... يقولون مر وهذا الأثر
رجلُ ليس معروفا بين الناس ، وما ضره أن الناس لا تعرفه ، لكن ذكرني بمقولة عمر بن الخطاب حينما انتهى من إحدى المعارك و أخذ يسأل أحد قادة جيشه ( من مات في هذه المعركة ؟) فقال له الرجل ( مات فلان و فلان وفلان ومجموعة كبيرة من الناس لا نعرفهم )
فكان رد عمر الفاروق رضي الله عنه ( لكن الله يعرفهم !! )
ماضرهم أن الناس لا يعرفونهم ، لكن يكفيهم ( أن الله يعرفهم )
( إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120)) التوبة
رجلُ ختم الله له بخاتمة حسنة ، فقد مات وهو ينوي القيام بحسنة ، فاسأل الله لنا وله المغفرة والرحمة ...
وهو شاب لم يبلغ السبع وعشرين ربيعاً من عمره ...
لكنه ترك أثرا عظيما في نفوس محبيه ...
تلك هي قصة الشاب الذي كنى نفسه على صفحات الانترنت بكنية ( سنون و منون )!! رحمه الله
وهاكم أيها الأحبة قصته (بتصرف) ، وكيف تعرفت عليه...
في يوم من الأيام وبينما أنا أبحث عن موضوع يتعلق بالحياة الأسرية ، وكانت لدي بعض الأسئلة التي كنت أود البحث عنها ، فقلت في نفسي لم لا استعين بعد الله بمحركات البحث على شبكة الانترنت ...
اشتركت في ذلك المنتدى الذي كان مهتما بتلك المواضيع ، والذي يدخله مجموعة كبيرة من الناس من شتى بقاع العالم من رجال ونساء ، ولي فيه الآن ما يقارب السنة منذ اشتراكي ...
وبينما أنا كذلك ، إذ بإدارة ذلك المنتدى تفاجئ الناس المشتركين بخبر نزل على كل من في المنتدى كالصاعقة , خصوصا أولئك الذين يعرفونه عن قرب وعن كثب ، وهو انه قد انتقل إلى رحمة الله الأخ سنون و منون ...
بصراحة لم ألقي بالا للرجل بل لم ألق بالا للموضوع ...
فقد كنت وقتها مشتركا لتوي في المنتدى ولا أعرف أصحاب الأقلام الذين يكتبون فيه ...
لكن ما أثار فضولي للتعرف على هذا الرجل أكثر ... أنني تفاجأت بعد مدة يسيرة من الزمن بأن عدد الناس الذين دخلوا لركن التعازي في المنتدى ، منذ أن جاء خبر وفاته قد تجاوز 9400 قارئ للموضوع ، منهم 374 ممن قاموا بكتابة واجب التعزية لهذا الرجل ...
أيها الأحبة لن أخبركم بتلك الكلمات العطرة ، التي أثنى بها أصحابها على هذا الشخص ...
ما يقارب الأربعمائة مشارك ، كلهم يثنون على هذا الرجل بشكل ملفت للنظر ...
ثم أيضا وبعد فترة , قامت إدارة ذلك المنتدى بإفراد منتدى خاص لهذا الرجل
وأسمته منتدى الأخ ( سنون ومنون رحمه الله )
وفيه كل ما كتبه هذا الرجل من مواضيع قبل وفاته ...
وكان آخر موضوع قد كتبه قبيل وفاته ، كان بعنوان :
أأنت حزين على المسجد الأقصى ؟!!
كان هذا آخر موضوع كتبه على ساحات هذا المنتدى قبل وفاته ، وانظروا أيها الأحبة ما كان هم هذا الشاب ...
لا أخفيكم أيها الأحبة أن عدد الناس الذين يدخلون مواضيع هذا الرجل و يترحمون عليه يزداد يوما بعد يوم ...
ثم ما لبثت إدارة المنتدى بأن أقامت مشروعا خيريا ( كصدقة جارية ) لهذا الرجل بعد وفاته ، عرفانا لهذا العضو المتميز الذي فاجأ الجميع خبر وفاته ...
وأسمته ( مشروع سنون ومنون الخيري )
وشارك في هذا المشروع الكثير من محبي هذا الأخ ، حتى كان عدد الناس الذين اطلعوا على هذا المشروع أكثر من 3000 رجل و امرأة
في الحقيقة أثار فضولي كل ذلك الكم الهاااائل من الاهتمام بهذا الرجل حتى بعد وفاته وحتى يومنا هذا ...
فقررت أن أبحث عن كل ما يتصل بهذا الشخص من مشاركات ، ولماذا كان له كل هذا التأثير البالغ في قلوب محبيه ...
أخذت أتجول في مواضيعه التي تركها ... وفي ردود الناس عليه ... فوجدته رجلاً نبيلا شهما كريما ذا خلق رفيع ...
وجدت رجلاً يدعو الناس إلى الله بكل رفق ، و أسلوب جذاب يسحر الألباب ...
وجدت الصدق ينضح من قلمه ، ووجدت الخلق النبيل متجليا في كل ردوده ...
وجدته رجلا محبوبا من كل من يقرأ مواضيعه الشيقة ...
قررت أن أقرأ ماذا كتب الناس عنه حينما أتاهم خبر وفاته ...
فوجدت في ركن التعازي الخاص بخبر وفاته العجب العجاب ...
كمية هاااائلة من الثناء العطر ...
و الدعاء الصادق بأن يسكنه الله فسيح جناته ...
و أناس كثيرون يشهدون له بأنه لم يعرف إلا مقداما لكل خير ، محجما عن كل شر ...
بكاه أناس كثيرون ...
ورثاه بأبيات شعرية من رثاه ...
حتى أنني تمنيت أن أكون أنا الميت بدلا من (سنون و منون ) لشهادتهم له بعد وفاته بكل هذا الثناء ...
ففي مسند الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه أنه قال :
"أَنَّ جَنَازَةً مَرَّتْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهَا خَيْرًا وَتَتَابَعَتْ الْأَلْسُنُ لَهَا بِالْخَيْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَتْ" – أي وجبت لها الجنة لثناء الناس عليها – " ثُمَّ مَرَّتْ جَنَازَةٌ أُخْرَى فَقَالُوا لَهَا شَرًّا وَتَتَابَعَتْ الْأَلْسُنُ لَهَا بِالشَّرِّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَتْ" – أي وجبت لهذه الجنازة النار لشهود الناس عليها بالشر – ثم قال صلى الله عليه وسلم " أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ"
رحمه الله رحمة واسعة ،فقد شهد المنتدى له بالخير ...
أيها الأحبة ...
لم يصدق عدد من الناس الخبر، مع أن أخته هي التي نقلت لإدارة المنتدى خبر وفاته ، وفي يوم من الأيام دخلت زوجته المنتدى وكنت نفسها بكنية ، سمت نفسها ( منون و سنون )
و أخبرت إدارة المنتدى بأن الخبر صحيح وقد صلي عليه بعيد صلاة العشاء من ذلك اليوم ...
أيها الأحبة
من هو (سنون ومنون ) ؟!!
أخذت أبحث أكثر و أكثر و أتقصى عن حقيقته حتى أخبرتنا زوجته شيئا عن حياته ...
أخذت زوجته تصف جانبا من حياة زوجها ...
تحكي زوجته ( أم مريم ) جانبا من حياته فتقول :
في يوم من الأيام دخلت على ( سنون ) وهو أمام شاشة الكمبيوتر كعادته ، فوجدته أمام شاشة المنتدى والدموع تهراق من عينيه ...
خاطبته و هو كذلك فما رد علي على غير عادته ، اقتربت منه و نظرت إليه ،
فراعني منظر الدمع المتوقف في عينيه ، سألته عن السبب وأنا أنظر إلى الشاشة ، وقد قررت إدارة المنتدى في ذلك اليوم أن تمنحه لقب " سنون ومنون من كبار شخصيات المنتدى "
قلت له : يا ( أبا مريم )
لم تبكي ؟!!
هذا خبر يفرح ولا يبكي !!!
فقال لها : يا أم مريم ..
هم يظنون أنني سأفرح بهذا اللقب ، وما أبغضه عندي ...
هم يظنون أنهم سيسعدونني بهذا اللقب ، ولا يعلمون أنني أكرهه ...
يا أم مريم : ألا ليت شعري هل أنا في عين الله ... كما أنا في عين الناس ...
لسان حاله ..
يظن الناس بي خيرا وإني ... لشر الناس إن لم تعفو عني
ثم قال كلمة تكتب بدموع الدم على الخدود ...
قال: أتمنى أن أكون في أعين الناس ( لا شيئ ) ... لكن أكون في عين الله شيئا ...
إن الألقاب أشد على الانسان من المصائب ...
فالمصائب تذكر الانسان بربه ، و اما المديح و الألقاب فتلهيه عن ربه ...
يا أم مريم :أتمنى أن أكون في أعين الناس ( لا شيئ ) ... لكن أكون في عين الله شيئا ...
انتهى كلامها مع شيئ من التصرف ..
بعد هذه القصة أيها الأحبة :
عرفت لماذا كان كل هذا الأثر لهذا الشاب ...
ما كان يميز ( سنون و منون ) هو إخلاصه في حبه لنشر جمال هذا الدين ، بكل أدب و خلق راقي ...
وتفانيه لأن يترك أثرا في هذه الحياة ...
تاريخ التسجيل: Aug 2007
المشاركات: 531
في يوم من الأيام دخلت زوجته ( أم مريم ) المنتدى و أخبرتنا كيف كانت آخر لحظات ( أبي مريم قبل وفاة هذا الرجل العظيم ) فتقول: أجد غصة في الحديث عن زوجي ، لكنني لن أذكر لكم سوى اسمه الأول اسمه ( عمر ) أما اسم ابيه واسم جده فلن أخبركم به فقد كان حريصا على ألا يعرف بين الناس ...
ولديه ابنة اسمها ( مريم )
وقد وافته المنية وعمره سبعا وعشرين ربيعا ...
ثم ما لبثت ( أم مريم ) أن أخبرت أعضاء المنتدى ب( سر ) قبل وفاة زوجها بشهرين ...
فقالت :
في الشهرين الأخيرين قبل وفاته قام بتسجيل إصدارين صوتيين في إحدى التسجيلات الاسلامية وهو يقرأ فيهما القرآن ، فقد حباه الله صوتا جميلا ...
وأخفى علي ذلك الأمر ولم يعلم بذلك المشروع أحد سوى أخته التي أتتني بعد وفاته و أعلمتني بالقصة كاملة ، فهي التي أشارت عليه بتسجيل صوته وهو يقرأ القرآن الكريم ، فقد حباى الله ( عمر ) صوتا شجيا جميلاً ، ولم يود أن يعلم بهذا الموضوع أحد ...
وحرص ألا يكتب اسمه على الشريط و أوصى بذلك التسجيلات التي قامت بتسجيل صوته ، وذلك لئلا تخدش نيته ، ويخدش (إخلاص) ، واستعاض عن اسمه بتلك الكنى مثل : العبد الفقير إلى مولاه ( عبد الله ) ...
كان شريطه سيرى النور في رمضان من تلك السنة ، لكن المنية وافت صاحبنا قبل أن يراه ...
ولا زال أعضاء المنتدى ينتظرون من ( أم مريم ) موعد اصدرا الشريط الذي لطالما انتظروه ...
أما اللحظات الاخيرة من حياة ( عمر ) فتخبرنا بها زوجته ( أم مريم ) فتقول :
كان في آخر أسبوع له كثير التنفل أكثر من المعتاد ،
كان كثير التبسم إلينا ، كان كثير الحديث مع والديه والسلام عليهما
و ملاطَفَتِهِمَا ، كنت جالسة معه في الليلة التي سبقت وفاته وفي تلك الجلسة
اتصل بكل أقاربه كما هي عادته كل شهر من باب صلة الرحم ،
لكن تلك الليلة سبقت موعدها المعتاد ،
في تلك الليلة لعب مع ابنته كثيرا يسليها يناغيها يحملها فوق ظهره اكثر من المعتاد ،
و في اليوم التالي ( يوم وفاته رحمه الله ) كان هادئا كثيرا ، صلى العشاء في المسجد
ثم أتى وصلى الوتر في البيت وذهب إلى فراشه ، ناداني وقال لي : تصبحين على خير ،ثم نام ...
بعد ساعة ناداني مرة أخرى وقال بالحرف : كأس ماء لو سمحت.... فأتيت به إليه و شرب .
اتجهت كي أعيد الكأس وناداني من عند باب الغرفة وقال : يعطيك العافية وتبسم
ابتسامة ما غادرت ذهني إلى الآن رحمه الله .
قال لي : أيقظيني بعد ساعتين ولو بالماء وابتسم ابتسامة أخرى ونام .... وكانت تلك آخر كلمات تلفظ بها , وآخر ابتسامة ودع بها الدنيا قبل وفاته ...
انظروا أيها الإخوة : مات وهو ينوي أن يقوم قبيل صلاة الفجر ليقوم الليل ...
نسأل الله أن يكتب له قيام تلك الليلة كاملة.... ونسأل الله العلي القدير ألا يميتنا إلا في موطن يحب أن يرانا فيه ...
دخلت عليه قبيل الصلاة فناديته فلم يجب ، حركت يديه ليستيقظ فلم يجب ، فوجل قلبي وفزعت عليه ،فناديت عمي ليراه
فخرج وهو يقول : لاحول ولاقوة إلا بالله ، إنا لله و إنا إليه راجعون
وهكذا توفي ( سنون ومنون ( عمر ) رحمه الله رحمة واسعة )
و أسكنه فسيح جناته
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم لما فيه من الآيات والذكر الحكيم
أقول ما تسمعون و أستغفر الله العلي العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه ... طوبى للمستغفرين
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه و الشكر له على تفضله و امتنانه ، ولا إله إلا الله تعظيما لشانه ،وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيد الأولين و الآخرين عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم ثم أما بعد ...
عباد الله اتقوا الله حق التقوى ...
أيها الأحبة ، لا زال الناس حتى اليوم يدخلون على مواضيع الأخ ( سنون ومنون ) ويقرءون مواضيعه ويترحمون عليه
أيها الناس ... قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له رواه مسلمٌ.
أخي الكريم ... تأملت في حال أخينا الكريم ( سنون ومنون ) فوجدت أنه حري بنا أن نترك أثرا في هذه الحياة ...
حري بنا أن نتأمل في أن حياة الانسان قصيرة ، ورحم الله أحمد شوقي حين قال :
دقات قلب المـــرء قائلة له إن الحياة دقائـق وثـواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثاني
نعم انتقل إلى رحمة الله ( سنون ومنون ) لكن بقيت مقالاته و كتاباته شاهدة له على ما قدم في هذه الحياة ...
ها هو قد رحل عن هذه الحياة مع أنني ما عرفته إلا من خلال كتاباته المؤثرة ، و أخلاقه الفاضلة ، وثناء الناس عليه إلى يومنا هذا ...
ختاما أيها الإخوة ...
أصبح الانترنت أيها الأحبة خير وسيلة لأن يترك المرأ بعده شاهدا عليه ، فمن كان يحلم أن يتكلم بين الناس في موقع يقرؤه أو يشاهده أو يسمعه الآلاف من شتى بقاع الأرض قاطبة و أنت تتحدث من بيتك ؟!!
من كان يحلم أنه باستطاعته أن يؤثر في مئات من الناس من منزله و بضغطة زر ؟!!
إن الانترنت أيها الأحبة وسيلة من أعظم وسائل دعوة الناس إلى الخير إلى طريق الصلاح ...
فهل من مشمر؟!! ...
أيها الأخ الكريم :
ماهو الأثر الذي أود ان أتركه في هذه الحياة قبل وفاتي , هل فكرت في أهدافك في هذه الحياة , أم أنك تود أن تعيش فيها بلا أثر تتركه ...
سل نفسك ماهي الأهداف التي أود أن أحققها قبل أن أغادر هذه الدنيا ؟
تخيل لو لم يبقى لك في هذه الحياة سوى ستة شهور ، ماذا كنت ستفعل قبل الرحيل ...
رحم الله مصطفى صادق الرافعي حينما قال كلمته المشهورة ...
إن لم تزد شيئا على الحياة ، كنت أنت زائدا عليها ...
تعلمت من أبي مريم ألا يخرج المرء من هذه الدنيا إلا وقد ترك أثرا له في هذه الحياة ... تعلمت قصته أن يستعد المرء للرحيل في أي لحظة ... فهمت معنى الحديث الذي رواه الترمذي بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بادروا بالأعمال سبعاً، هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غنىً مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال، فشر غائبٍ ينتظر، أو الساعة والساعة أدهى وأمر ؟! رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.
تعلمت منه أن يضع المرء صوب عينيه هدفا لا بد أن يحققه قبل وفاته ... تعلمت منه خوف الانسان على أعماله ألا تقبل ، ومراجعة الإخلاص في العمل ... تعلمت من ( سنون ومنون ) معنى التنافس في هذه الدنيا على طاعة الله ...
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)
رحمك الله أخي الحبيب ( سنون ومنون ) ( يا أبا مريم ) مع أني لا أعرفك ، لكنني أعرف أنك كنت من الرجال الذين جعلوا أفعالهم تتحدث عنهم ... فقد أثرت في أناس كثيرين و تركت بصمة لك قبل رحيلك، فأسأل الله أن يتغمدك برحمته و أن يسكنك الفردوس الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين وحسن أولئك رفيقا ...
وما من كاتب إلا سيفنـــى ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب يمينك غير شيئ يسرك في القيامة أن تراه
عباد الله صلوا وسلموا على خير خلق الله فقد أمركم الله عز وجل بأمر بدأكم فيه بنفسه و ثنى فيه بملائكته المسبحة بحمده وثلث بكم أيها المؤمنون فقال عز من قائل :
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )
وقال صلى الله عليه وسلم : "من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا "
اللهم صلي على محمد و على آل محمد كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم وبارك اللهم على محمد و على آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ...
اللهم أعز الاسلام و المسلمين ، و إذل الشرك و المشركين ، ودمر أعدءك أعداء الدين ، و ادحر اللهم الكفرة و الملحدين ، اللهم واشفي مرضانا وعافي مبتلانا وارحم موتانا ...
اللهم ارحم أبا مريم واسكنه فسيح جناتك ، وافتح له بابا إلى الجنة فيأتيه من روحها وريحانها ، و اجمعنا به في جنات الخلد يا رب العالمين
اللهم قيض لنا من يقف مثل موقفنا هذا ويترحم علينا بعد وفاتنا ...
اللهم اغفر للمسلمين و المسلمات و المؤمنين و المؤمنات الأحياء منهم و الأموات ...
اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم إن البلاد و العباد واللأواء و الظمأ مالا نشكوه إلا إليك ، اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بشر ما عندنا ، معترفون بخطأنا و تقصيرنا فتب علينا ...
اللهم سقيا رحمة ، اللهم سقيا رحمة ، اللهم سقيا رحمة
اللهم كن مع إخواننا المستضعفين المحاصرين في غزة ، اللهم انصرهم يوم قل الناصر ، اللهم اطعم جائعهم , واكسو عاريهم ، وشافي مرضاهم ، وتقبل شهداءهم وموتاهم ، اللهم اشتد الكرب عليهم ، اللهم فنفس كربهم , فرج همهم و آنس وحشتهم ، وانصرهم على عدوك وعدوهم ... ياقوي يا عزيز
ربنا ظلمنا أنفسنا و إلم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
عباد الله إن الله أمركم بثلاث ونهاكم عن ثلاث :
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91)
فاذكروا الله العلي الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر و الله يعلم ما تصنعون
م/ن