البر لا يبلى والذنب لا ينسى والديان حي لا يموت
كثير ما سمعنا تلك الجملة ، ولكن دائما ينقصها الدليل ، والدليل هو عبارة عن بعض القصص التي اخبر رواتها أنها حدثت بالفعل ، وأترككم مع تلك العبر و القصص.
أعق الناس؟؟!!
قال الأصمعي :
حدثني رجل من الأعراب
قال:
خرجت من الحي أطلب::
أعق الناس
وأبر الناس ،
فكنت أطوف بالأحياء حتى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبل يستقي بدلو لا تطيقه الإبل ، في الصحراء والحر الشديد،
وخلفه شاب في يده رشاء ( أي حبل على شكل سواط ) ملوي يضربه به ، قد شق ظهره بذلك الحبل .
فقلت::
أما تتقي الله في هذا الشيخ الضعيف؟ أما يكفيه ما هو فيه من حد هذا الحبل حتى تضربه؟!
قال::
إنه مع هذا أبي !!
قلت::
فلا جزاك الله خيرا
قال::
اسكت ، فهكذا كان يصنع بأبيه ،
وكذا كان يصنع أبوه بجده.
فقلت::
هذا أعق الناس.
أي عقوق وصل بهذا الولد الشرير حتى وصل به الأمر أن يربط أباه بالحبل ،
ويضربه بالسوط في عز الظهر ،
فهو لا شك خاسر في الدنيا والآخرة ،
وهذا جزاء الأب كما فعل بأبيه ، وسيفعل بالابن كما فعل بأبيه أيضا ، وكما تدين تدان ، فلا مفر من العقوبة.
**********
الجزاء من جنس العمل؟؟!!
كان هناك رجل يعيش مع زوجته عيشة شجار دائم ،
وكان يعامل زوجته بقسوة ، فقد كان قاسي القلب حاد الطبع ،
وكانت زوجته تعاني من شدته ومعاملته القاسية لها.
وفي يوم من الأيام وكالعادة ، نشب شجار بين الزوجين ، فعمد الزوج القاسي إلى عصا غليظة فضرب بها زوجته ،
ومن شدة الضرب ماتت الزوجة من دون أن يقصد الزوج قتلها ،
بل كان غرضه تأديبها ،
فلما رآها ماتت ، خاف واحتار ماذا يصنع ،
وأخذ يفكر في كيفية الخلاص من هذه الورطة ، ولم يجد حيلة للخلاص ،
فخرج من منزله متوجها إلى أحد أقاربه ،
وقص عليه القصة عله يجد عنده حلاًّ لهذه الورطة.
فقال له قريبه :
اسمع يجب أن تبحث عن شاب جميل الصورة ،
وتدعوه إلى منزلك للضيافة ،
ثم اقتله واقطع رأسه ،
وضع جسده بجانب جنازة زوجتك ،
وقل لأهلها أنك وجدت هذا الشاب مع زوجتك ،
فلم تتحمل فعلهما السيء ، فقتلتهما معا ،
وتكن بذلك قد خلصت نفسك من هذه الورطة ، وظهرت لهم بصورة الرجل الشريف.
وحين سمع الزوج كلام قريبه أحس براحة ، وأسرع إلى منزله لينفذ الحيلة ،
وجلس على باب منزله علّه يعثر على مبتغاه ، وبعد مدة أقبل شاب جميل الصورة وسيم ، تبدو عليه ظواهر النعمة ،
فقفز الزوج قائما مستقبلا الشاب مرحبا به ، والشاب مستغرب لما يحدث ،
ولكن الزوج أصر على الشاب بأن يدخل معه المنزل كي يضيفه ، وجره إلى داخل المنزل ، وأغلق الباب ، والشاب المسكين في ذهول ودهشة ؛
أسرع الزوج وفعل فعلته الشنعاء ، وقتل الشاب المذهول ، ثم قطع رأسه وألصق جسده بجسد زوجته ،..
ولما جاء أهل الزوجة وشاهدوا الجنازتين ، وقص عليهم الزوج القصة المختلقة ، ذهبوا وهم يلعنون ويشتمون ابنتهم على فعلتها القبيحة ،
وهدأت نفس الزوج وأحسن أنه قد أنقذ نفسه من موت محقق ، وأخذ يدعو لقريبه الذي دله على هذه الحيلة الماكرة.
وبينما الرجل جالس في منزله فرحان مسرور إلى ما آلت له الأمور ، سمع طرقات على الباب ، ولما فتح الباب فإذا بقريبه ، فاحتضنه الزوج وأخذ يقبله ويشكره وأدخله المنزل كي يقوم بالواجب نحوه ،
فقال له قريبه:
هل نجحت الخطة ؟
فقال له الزوج :
لقد نجحت نجاحا باهرا وانطلت الحيلة عليهم ، وكل هذا من حسن تفكيرك وسلامة تدبيرك.
فقال له قريبه:
وهل وجدت بغيتك ؟
قال الزوج :
أجل ، لقد وجدت شابا جميلا بهي الصورة.
فقال له قريبه :
أرني ذلك الشاب الجميل الذي قتلته ،
فلما رآه شهق شهقة وسقط مغمى عليه ،
لقد كان هذا الشاب الجميل القتيل ولده ،
لقد دبر المحتال حيلة لقريبه كي ينقذه من ورطته بدل أن ينصحه بتسليم نفسه للعدالة أو يبلغ عنه ، ولكنه أعانه على جريمته بجريمة أعظم منها ، وكان الضحية ولده فلذة كبده ، فوقع في شر أعماله ،
وكما تدين تدان.
********
ذكر العلماء::
أن رجلا عنده والد كبير ، فتأفف من خدمته ومن القيام بأمره ،
فأخذه وخرج إلى الصحراء ليذبحه !
فلما وصل إلى صخرة أنزله هناك ،
فقال الأب:
يا بني ، ماذا تريد أن تفعل بي ؟
قال الابن :
أريد أن أذبحك.
قال الأب :
إن أبيت إلاَّ ذبحي فاذبحني عند الصخرة التالية ، فأنا كنت قبلك عاقا لوالدي وذبحته عند تلك الصخرة ولك يا بني مثلها !!
********
دقة بدقة لو زدت لزاد السقا !!!
كان بمدينة بخاري رجل سقاء يحمل الماء إلى دار رجل صائغ مدة ثلاثين سنة ،
وكان لذلك الصائغ زوجة في نهاية الحسن والجمال ، ومعروفة بالديانة ، وموصوفة بالستر والصيانة .
فجاء السقاء على عادته يوما وجلب الماء ، وكانت المرأة نائمة في وسط الدار ، فدنا منها وأخذ بيدها وقبلها ، ثم تركها ومضى .
فلما جاء زوجها من السوق قالت له :
أريد أن تعرفني أي شيء صنعت اليوم في السوق لم يكن لله تعالى فيه رضا ؟
فقال الرجل :
ما صنعت شيئا!!
فقالت المرأة :
إن لم تصدقني وتعرفني فلا أقعد في بيتك ولا تعود تراني ولا أراك .
فقال :
أعلمي أنه في يومنا هذا ، أتت امرأة إلى دكاني ، فصنعت لها سوارا من ذهب ، فأخرجت المرأة يدها ووضعت السوار في ساعدها ، فتحيرت من بياض وحسن زندها ، فأخذت يدها و قبلتها .
فقالت المرأة :
الله أكبر !! لا جرم أن ذلك الرجل الذي كان يدخل البيت ثلاثين سنة ولم نر منه خيانة أخذ اليوم يدي وقبلها !!
فقال زوجها :
دقة بدقة و لو زدت لزاد السقا !!!
********
تذكر قول من قال :
” البر لا يبلى والذنب لا ينسى والديان حي لا يموت ’’
فافعل يابن آدم كما تشاء ::
’’فكما تدين تدان ”
وتذكر قول الله عز وجل في الحديث القدسي :
” وعزتي وجلالي لأنتقمن من الظالم في عاجله وآجله ”.