12-03-10, 04:02 AM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو ماسي مميز
| الرتبة: | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Mar 2010 | العضوية: | 2780 | الاقامة: | السعـــــــوديه | الجنس: | ذكر | المواضيع: | 1678 | الردود: | 3083 | جميع المشاركات: | 4,761 [+] | بمعدل : | 0.89 يوميا | تلقى » 9 اعجاب | ارسل » 2 اعجاب | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 50 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
المجلس الإسلامي إذا مس بالسراء عم سرورها..!! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نِعَم الله تترى على العباد في كل لحظة ، بل مع كل نَفَس ...
(وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَاسَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَتُحْصُوهَا
إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ )
وواجب العبد نحو نِعمِ ربِّه أن يَشْكرَهـا ولا يكفرها.
لأن النِّعم إنما تدوم وتُستدرّ بالشُّكر .
فما هو الشُّـكُـر ؟
وكيف يكون ؟
الشُّكر هو : الثناء على المحسن بذِكرِ إحسانه بما أولاكه من المعروف .
وقيل : هو تصورُ النعمةِ وإظهارُها .
قال سهل بن عبد الله : الشكر : الاجتهاد في ذل الطاعة ، مع اجتناب المعصية في السر والعلانية .
وقال الجُنيد : الشكر ألاّ يُعصى اللهَ بِنِعَمِه .
وقال الشِّبلي : الشكر : التواضع ، والمحافظة على الحسنات ، ومخالفة الشهوات ، وبذل الطاعات ، ومراقبة جبار الأرض والسماوات .
( ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله ) .
وهل هناك أكثرُ إحساناً عليك وإنْعاماً ممن رزقك وأنت في بطن أمك ؟ وسوّغ لك الطعامَ والشراب ؟ وألبسك لباسَ الصحة والعافية ؟ وأعطاك المال والأهل والولد ؟
وذكّرك مولاك بنعمته فقال : ( أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ *
وَلِسَانًاوَشَفَتَيْنِ *وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)
قال مجاهدٌ وغيره : هذه نِعمٌ من اللهِ متظاهرة يُقرِّرُكَ بـها كيما تشكر .
وقال ابن مسعود في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ) : قال :
حقّ تقاته : أن يُطاع فلا يُعصى ، وأن يُذكر فلا يُنسى ، وأن يُشكر فلا يُكفر .
فالشُّكر إذاً من لوازم التقوى . ودخول الجنة مرتبط بتقوى الله ، وكذلك قبول العمل والدخول في رحمة أرحم الراحمين .
والشكر وصف ممدوح ووصف جليل ووصف محبوب
وقد وصف الله نبيّه نوحا بأنه ( كَانَ عَبْدًا شَكُورًا)
وامتدح الله عبده لقمان بأنْ آتاه الله الحكمة ورزقه الشكر ، فقال :
(وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ
لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) .
والشُّكر مما أهمّ الأنبياء كيفية أدائه
يُروى أن موسى عليه الصلاة والسلام قال يوم الطور : يا رب إن أنا صليت فَمِنْ قِبلك ، وإن أنا تصدقت فَمنْ قِبلك ، وإن أنا بلغت رسالتك فَمِنْ قِبلك ، فكيف أشكرك ؟ قال : الآن شكرتني .
والشُّكرُ يكون في ثلاثة مواضع :
بالقلب وباللسان وبالجوارح .
فبالقلب اعتقاداً أن الله وحدَه هو المنعمُ المتفضّلُ بـهذه النِّعم لقوله تبارك وتعالى : ( وَمَابِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ)
وأن من سوى الله من الخلق إنما هم سببٌ لجريان شيء مِن النِّعم على أيديهم .
وفي الحديث : لا يَشكرِ اللهَ من لا يشكرِ الناس . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
وفي الحديث الآخر : إن أشكر الناس لله عز وجل أشكرهم للناس . رواه الإمام أحمد .
وقال عليه الصلاة والسلام : من صنع إليكم معروفاً فكافئوه .
فهذا كلّه يدلُّ على شكرِ الناس لا على نسبةِ النعمة إليهم
وشكر الناس أمرٌ مطلوب ، كما قال الله تعالى :
( أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ )
قال الحسن : قال موسى عليه السلام : يا رب كيف يستطيعُ ابن آدم أن يؤدي شكر ما صنعت إليه ؛ خلقته بيدك ، ونفخت فيه من روحك ، وأسكنته جنتك ، وأمرت الملائكة فسجدوا له ؟ فقال : يا موسى عَلِمَ أن ذلك مني ، فَحَمِدَنِي عليه ، فكان ذلك شكرا لما صنعته . رواه هناد في الزهد .
وقال صلى الله عليه وسلم : ما أنعم الله على عبد ، فحمد الله عليها إلا كان ذلك الحمد أفضل من تلك النعمة . رواه الطبراني وغيره ، وصححه الألباني .
قال سليمان التيمي : إن الله أنعمَ على العباد على قدْرِه ، وكّلّفَهُم الشكرَ على قدْرِهم ، حتى رضيَ منهم من الشكر بالاعترافِ بقلوبهم بِنِعَمِهِ ، وبالحمد بألسنتِهم عليها .
ويكون الشكر باللسان لقوله تعالى وَأَمَّابِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ )
فيتحدّث العبدُ بنعمة ربِّه عليه اعترافاً بـها ، وقبولاً لها ، وشكراً لمن أسداها ، وأنعمَ عليه بـها.
لو كلَّ جارحة منِّي لهـا لغـةٌ *** تثني عليك بما أوليتَ من حسنِ
لكان ما زان شكري إذا أشرتُ به *** إليك أجمل في الإحسان والمنن
فيتحدث العبد بنعمة الله عليه بلسان مقاله ، وبلسان حاله .
وفي صحيح البخاري من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : سيدُ الاستغفار أن تقول :
اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدُك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ،أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك عليّ ، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
فتضمّنَ الحديثُ الاعترافَ بنعمةِ اللهِ عليه .
وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من الطعام قال :
الحمد لله الذي أطعم وسقى ، وسوّغه وجعل له مَخْرَجا
. رواه أبو داودَ والترمذي .
وفي صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأَكْلَةَ فيحمدَه عليها ، أو يشربَ الشّرْبَةَ فيحمدَه عليها .
قال بكر بن عبد الله : ما قال عبدٌ قط : الحمدُ لله مرةً ، إلا وجبت عليه نعمةٌ بقوله : الحمدُ لله ، فما جزاء تلك النعمة ؟ جزاؤها أن يقولَ : الحمد لله ، فجاءت نعمـةٌ أخرى فلا تنفد نعماءُ الله . رواه ابن أبي الدنيا في الشكر .
فكلُّ نعمةٍ فمن الله وحدَه حتى الشكر فإنه نعمةٌ وهي مِنْـهُ سبحانَه ، فلا يطيقُ أحدٌ أن يشكرَه إلا بنعمته ، وشكرُه نعمةٌ مِنْهُ عليه ،
كما قال داود عليه الصلاة والسلام : يا رب كيف أشكرُك وشكري لك نعمةٌ من نعمك عليّ تستوجبُ شكراً آخر ؟ فقال : الآن شكرتني يا داود . ذكره الإمام أحمد في الزهد .
وذَكَرَ عن الحسن أنه قال : قال داود : إلهي لو أن لكل شعرة من شعري لسانين يذكرانك بالليل والنهار والدهرَ كلَّه لما أدّوا مالَكَ عليّ من حقِّ نعمةٍ واحدة .
إذا كان شكري نِعْمَةَ الله نعمةً *** عليَّ له في مثلها يجبُ الشكرُ
فكيف وقوعُ الشكر إلا بفضله ***وإن طالت الأيامُ واتصل العمر
إذا مس بالسراءِ عمَّ سرورُها ***وإن مسَّ بالضراءِ أعقبها الأجر
وما منهما إلاّ لـه فيه مِنّـةٌ *** تضيقُ بها الأوهامُ والبـرُّ والبحر
وكتب ابن السماك إلى محمد بن الحسن – حين وَلِيَ القضاء –
: أما بعد فلتكن التقوى من بالك على كلِّ حال ، وخفِ الله من كل نعمةٍ أنعم بـها عليك من قِلّةِ الشكر عليها مع المعصية بـها ، فإن في النعم حُجـةٌ ، وفيها تَبِعَةٌ ؛ فأما الحجةُ بـها فالمعصيةُ بـها ، وأما التبعةُ فيها فقلّة الشكر عليها ، فعفى الله عنك كلما ضيعت مِـنْ شكر ، أو ركبت من ذنب ، أو قصرت من حق .
هذا تحـدّثٌ بالنعمة بلسان المقال
وأما بلسان الحال ففي لباس الإنسان ولباس أولاده وحالهم لقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى يُحب أن يُرى أثـرُ نعمتِه على عبده . رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح .
وفرق بين أن يَرى الخلق أثـر النعمة وبين الإسراف .
لقوله عليه الصلاة والسلام : كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير إسراف ولا مخيلة . رواه البخاري تعليقا ، رواه الإمام أحمد والنسائي .
وقال ابن عباس : كل ما شئت والبس واشرب ما شئت ، ما أخطأتك اثنتان سرف أو مخيلة . علّقه البخاري ، ورواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق موصولا .
وفي المسند وغيرِه عن أبي الأحوص الجُشَميّ عن أبيه قال : رآني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعليّ أطمارٌ ، فقال : هل لك مال ؟
قلت : نعم .
قال : من أي المال ؟
قلت : من كل المال قد آتاني اللهُ عز وجل ؛ من الإبل والرقيق والخيل والغنم .
قال : فلتُرَ نِعَمُ اللهِ وكرامتُه عليك .
أي ليرى الناس أثر نعمة الله عليك ، فهذا من شُكرها بلسان الحال .
ويكونُ الشكرُ عَمَلاً بالجوارح بأن لا تعملِ الجوارحُ إلا بما يُرضي مولاها سبحانه .
فيعمل العبدُ بطاعة ربِّه ، خِدمةً لسيِّدِه ، لا يرى أنه صاحب معروفٍ بعمله ، بل ينظر إلى أعماله كلِّها على أنـها قطرةٌ في بحر جودِ مولاه جل جلاله ، وأنه مهما عمِلَ من عملٍ فإنه لا يؤدّي شُكرَ أقلَّ نعمةٍ يتقلّبُ بـها
( اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)
وقد أنعم الله عز وجل على العبد بالجوارح والأعضاء التي لا تُقدّر بثمن ، ولو كانت تُباع أو تُتشرى لكان الأثرياء وأصحاب رؤوس الأموال أكثر الناس تمتعاً بالصّحة !
لفضيلة الشيخ : عبد الرحمن السحيم ..حفظه الله..
م/ن
|
| |