الشيخ راكان بن فلاح آل حثلين من أشهر فرسان البادية , وأفعاله لم تكن لقبيلته وحدها بل فاخر بها جميع أبناء البادية ولا زلنا نحن نفاخر بها حتى الآن . . . خصوصاً حينما أسره الأتراك وخلص نفيه بفروسيته وصفق له الأتراك مرغمين , فهذا البدوي نحيل القامة هزيل الجسم بارز أشهر الفرسان وصرعه . . . والقصة مشهورة . . . ولا بد في حياة فارس كالشيخ راكان من حوادث طريفة , ومنها هذه الحكاية
يقول الراوي
كان الشيخ راكان في أواخر أيامه وقد بلغ من الكبر عتيا فحصل ذات مرة أن خرج هو ومعه شاب في عنفوان شبابه من أبناء قبيلته العجمان خرج الاثنان لأمر ما . . . وأدركهما التعب فأرادا أن يستريحا , فإذا هما يريان على بعد بيتاً , فلما اقتربا من البيت إذا هو خالٍ من الرجال وليس به سوى امرأة , فتعاند الشيخ راكان ورفيق سفره من باب الطرفة , فقال الشاب للشيخ : أراهنك على أن الفتاة سوف تجلسني وتأمرك أنت بصنع القهوة ظنا منها أنني أنا الشيخ . . . فأجابه راكان : إذا كانت تستطيع التمييز فستأمرك أنت وتجلسني , فاتفقا على ألاَّ يخبراها بشيء ويتركاها تتصرف بحرية تامة , وكعادة بنات البدو لما نزل الضيفان استقبلتهما ببشاشة وفرشت لهما للجلوس , فالبدوية تقوم بواجب الضيافة في غياب زوجها أو والدها حفاظاً على سمعته
المهم أنها أخذت برهة تدقق بوجهي الضيفين وتفكر . . . ثم أحضرت الفأس ورمته على الشيخ راكان وقالت له : قم واحطب وشب النار ((لمعزبك)) أي عمك أو سيدك وصلح له القهوة
التفت الشيخ راكان للشاب وأشار له بالسكوت كما اتفقا وأخذ الفأس وجمع الحطب وأوقد النار وصنع القهوة . . . هذا كله والشاب جالس لا يحرك ساكناً , امتثال لأمر الشيخ راكان ولما انتهى من صنع القهوة حمل الدلة وصب للشاب حتى انتهى ثم جلس وشرب والمرأة تنظر إليهما . . . فلما فرغ الشيخ راكان من احتساء قهوته التفت ناحيتها وأنشد يقول مخاطباً الفتاة
يـا زيـن يللـي فـي ذراعـك نقـاريـشالحكم حكم الله وحكمك على الراس
إن شيتني حشـاش سيـد الحواشيـشوإن شيتني حطاب قرب لـي الفـاس
وإن شيتنـي خيـال أروي المعاطيـشواثنـي وراهــم يــوم الأريــاق يـبـاس
الفـرخ لا يغويـك فـي صـفـة الـريـشطير الحبارى يا اريش العين قرنـاس
ولما فرغ الشيخ راكان من قصيدته قالت الفتاة : أدخل على الله أي أحلفك بالله ما أنت الشيخ راكان
قال بلى . . . فخجلت وحاولت تصليح خطئها معتذرة أنها لم تعرفه فضحك الشيخ راكان وهدأ من روعها وأخبرها برهانهما
*ملاحظة :
منقولة للفائدة واتمنى من الجميع ان يكتب ماأستفاده من هذه القصة
استفيد الثقة بالنفس هي أمر مهم الشيخ راكان واثق من نفسه ولم يعارض بل قام واحتطب وهذا من تواضعه وثقته بنفسه ولم يريد ان يكسب الرهان بل اعطى فرصة لمرافقه ان يكسب هو الرهان وهذا كذلك دليل على كرمه وخفت نفسه .
والابيات جزلة لا شك لكنه لم يذكر اسمه بها ومع ذلك الفتاة مباشرة قالت أدخل على الله ما أنت الشيخ راكان . هذه من الفراسة والا مجرد ابيات عابرة لكن مباشرة الفتاة سألته عن شخصيته .