محطة المدينة المنورة
كان الحجاج المسلمون يلاقون صعوبات كبيرة أثناء تأديتهم هذه الفريضة
قبل إنشاء الخط الحجازي،
منها طول المسافة حيث كان طريق الحج العراقي يقترب من (1300) كم،
وتستغرق الرحلة فيه شهرًا كاملاً.
أما طريق الحج المصري فيبلغ ::
من سيناء
(1540) كم،
ويستغرق أربعين يومًا،
ويزيد خمسة أيام من طريق عيذاب.
وطريق الحج الشامي ::
يمتد (1302) كم،
وتستغرق الرحلة فيه::
أربعين يومًا.
أما حجاج المناطق النائية من العالم الإسلامي فكانت رحلتهم تستغرق ::
ستة عشر شهرًا وأكثر؛
وهو ما جعل بعض الأغنياء يتقاعسون عن أداء الحج، نظرًا :::
لـــ ...
طول المسافة
ومشاق السفر،
وندرة المياه،
وغارات قطاع الطرق وقتلهم لبعض الحجاج وسلب أموالهم
واجه المشروع صعوبات كثيره ، منها::
ضخامة تكلفته التي قدرت بنحو 3.5 ملايين ليرة عثمانية،
والأزمة المالية التي تواجهـها الدولة العثمانية،
فضلاً عن ذلك فإن السلطان عبد الحميد أراد أن يضفي على مشروعه الطابع الإسلامي؛
ومن ثم أراد أن يتم إنشاء المشروع برأسمال إسلامي دون اللجوء إلى بيوت المال الأجنبية الربوية،
فوجه عبد الحميد نداءً إلى العالم الإسلامي عبر سكرتيره ,,
"عزت باشا العابد"
للتبرع للمشروع. ولقي هذا النداء استجابة تلقائية من مسلمي العالم وانهالت التبرعات، وكان اتساع نطاق هذه التبرعات مظهرًا عمليًا لحركة الجامعة
الإسلامية
إيصال تبرع عثماني خاص بدعم خط سكة حديد الحجاز عام 1902 م في عهد السلطان العثماني عبدالحميد الثاني
مستند عثماني خاص بالمتعلقات المالية لخط سكة حديد الحجاز . يحمل عدد 1 طابع خاص بالحكومة العثمانية
تبرع السلطان بمبلغ (320) ألف ليرة من ماله الخاص...
وتبرع شاه إيران بخمسين ألفًا،
وأرسل خديوي مصر عباس حلمي الثاني كميات كبيرة من مواد البناء،
وتألفت في سائر الأقطار الإسلامية لجان لجمع التبرعات...
وأصدرت الدولة العثمانية طوابع لمصلحة المشروع،,,
وأصدرت أوامر بقطع 10% من رواتب موظفي الدولة لصالح المشروع،
وجمعت جلود الأضاحي وبيعت وحولت أثمانها إلى ميزانية الخط،
وبذلك انتقلت حماسة إنشاء الخط الحجازي إلى العالم الإسلامي،
وكان مسلمو الهند من أكثر المسلمين حماسة له؛
وهو ما أثار غضب بريطانيا، فوضعت العراقيل أمام حملات جمع التبرعات حتى إنها رفضت أن يرتدي المسلمون الهنود الذين اكتتبوا في الخط الأوسمة والنياشين العثمانية.
ولم تقتصر تبرعات وإعانات المسلمين على الفترات التي استغرقها بناء الخط فحسب، بل استمر دفعها بعد وصوله إلى المدينة المنورة؛ أملاً في استكمال مدّه إلى مكة المكرمة
تشكلت لجنتان -
بعد قرار السلطان عبد الحميد-
للإشراف على تنفيذ المشروع، الأولى برئاسة ::
عزت باشا العابد ومقرها إستانبول،
والأخرى للتنفيذ ومقرها دمشق برئاسة والي الشام.
وقام مهندس عثماني بمسح المنطقة التي يمر بها الخط بين دمشق والمدينة المنورة،
وكانت سياسة الدولة العثمانية آنذاك هي الاعتماد على المهندسين المسلمين وعدم جلب مهندسين أجانب إلا عند الضرورة
وتتبع الخط الحجازي بصفة عامة الطريق القديم الذي كانت تسلكه قوافل الحجاج،
ولم يحد عنه إلا في بعض المناطق الوعرة،
وتم تخصيص بعض القوات العسكرية لحماية العاملين في المشروع ..
واحتفل ببدء المشروع في ::: (جمادى الآخرة 1318هـ = سبتمبر 1900م) وابتدأ العمل في منطقة المزيريب من أعمال حواران ببلاد الشام، ثم قررت الحكومة العثمانية إيصال الخط الحجازي إلى دمشق، لذلك قررت إنشاء خط درعا – دمشق، وباشرت العمل من دمشق ومزيريب في وقت واحد، وعهدت إلى مهندسين ألمان بإنشاء الخط، لكنها لم تسمح إلا للمهندسين المسلمين بالعمل في مد الخط في المنطقة الواقعة بين العلا والمدينة المنورة. صادف المشروع عقبات كثيرة، كان على رأسها :: نقص المياه، وأمكن التغلب على ذلك بحفر آبار وإدارتها بمضخات بخارية أو طواحين هواء، وجلبت المياه في صهاريج تسير على أجزاء الخط التي فرغ من مدّها. ولمواجهة نقص العمال وتوفير النفقات استخدمت قواتٌ من الجيش العثماني بلغ عددها حوالي :: ستة آلاف جندي ومائتي مهندس كانوا يعملون في الخط بصفة دائمة. كذلك كانت السيول الجارفة إحدى العقبات التي شكلت خطورة كبيرة على الخط الحجازي في مرحلتي البناء والتشغيل؛ لذلك قام المهندسون بإنشاء مصارف للسيول على طول الخط الرئيسي. عمال سكة الحديد
******
أما الرمال المتحركة التي تعرض صلابة الخط للخطر وتؤدي إلى انقطاع الحركة بتحرك الخط عن مكانه فأمكن التغلب عليها بتغطية منطقة الرمال المتحركة بطبقة من الصلصال، وبُني سد حجري ضيق يمتد موازيًا للخط الحجازي ليحول دون خطر تغطيته بالرمال المتحركة.
أما مشكلة الوقود فتم استيراد الفحم من الخارج وأقيمت مستودعات ضخمة لتخزينه
حشد الخط عاطفة المسلمين خلف شعار الجامعة الإسلامية،
وهذا ما دفع السفير البريطاني في إستانبول ليؤكد أن عبدالحميد ظهر أمام ثلاثمائة مليون مسلم بمظهر الخليفة والزعيم الروحي للمسلمين حين مد سكة حديد الحجاز.
وساعد الخط الحجازي في نهضة تجارية واقتصادية لمدن الحجاز، وكافة المدن الواقعة على امتداد الخط، ومنها مدينة حيفا التي تحولت إلى ميناء ومدينة تجارية هامة، وكذلك المدينة المنورة.
كذلك ظهرت مجتمعات عمرانية نتيجة استقرار بعض القبائل والتجمعات البدوية على جانبي الخط في بعض الجهات واشتغالهم بالزراعة
وصل أول قطار إلى المدينة المنورة :::
في ::
(22 رجب 1326هـ = 23 أغسطس 1908م)
وأقيم الاحتفال الرسمي لافتتاح الخط الحديدي بعد ذلك بأسبوع
اول نفق في الجزيرة العربية البنغاز
استمرت سكة حديد الحجاز تعمل بين دمشق والمدينة المنورة ما يقرب من تسع سنوات نقلت خلالها التجار والحجاج،
وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى ظهرت أهمية الخط وخطورته العسكرية على بريطانيا؛
فعندما تراجعت القوات العثمانية أمام الحملات البريطانية، كان الخط الحجازي عاملاً هامًا في ثبات العثمانيين في جنوبي فلسطين نحو عامين في وجه القوات البريطانية المتفوقة
الشريف حسين بن علي
عندما نشبت الثورة العربية بقيادة الشريف حسين بن علي واستولت على معظم مدن الحجاز، لم تستطع هذه القوات الثائرة السيطرة على المدينة المنورة بسبب اتصالها بخط السكة الحديدية ووصول الإمدادات إليها، واستطاعت حامية المدينة العثمانية أن تستمر في المقاومة بعد انتهاء الحرب العالمية بشهرين؛ لذلك لجأ الشريف حسين – تنفيذًا لمشورة ضابط الاستخبارات البريطاني لورانس- إلى تخريب الخط ونسف جسوره وانتزاع قضبانه في عدة أجزاء منه، وكانت ذريعة القيام بهذا العمل التخريبي تتمثل في احتمال قيام "أحمد جمال باشا" قائد الجيش العثماني الرابع باستغلال سكة حديد الحجاز في نقل قواته لضرب الثورة العربية في عقر دارها.
لورانس العرب الجاسوس البريطاني
تخريب القطار في نقاط في نقاط تاريخية