30-12-09, 11:58 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو مؤسس و اداري سابق
| الرتبة: | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Mar 2007 | العضوية: | 16 | الاقامة: | مجــالس الفــردة | المواضيع: | 237 | الردود: | 2689 | جميع المشاركات: | 2,926 [+] | بمعدل : | 0.45 يوميا | تلقى » 7 اعجاب | ارسل » 12 اعجاب | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 120 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
مكتبة المجالس حديث الخاطر (3) / الحقيقة والأسطورة اللهم إني أسألك سداد البيان ، اللهم أوقفني في دائرة الحق وألهمني الحق وأنطقني بالحق وأحييني على الحق وأمتني على الحق ، بك أصول وبك أجول وأنت المرتجى والمستعان. تنويه : كل ما يكتب في حديث الخاطر ، هو فعلاً حديث الخاطر ، رصد لتأمل وسبحات فكر ومحاولة إلمام ، فإن أصبت فمن الله ، وإن أخطأت استغفر الله تعالى. كتبته وأسأل الله تعالى أن يعمم النفع به.....عبدالله بن غنام الحقيقة والأسطورة خلق الله الخلق على الحنيفية ، فالإيمان والحقيقة أصل في نفس كل بشر ، إذ يخلق مفطوراً على الحقيقة ، معرفة الحق والباطل ، الانحياز إلى الحق ، إدراك الحق بالتأمل ، معركة الخير والشر ، كله موجود في أصل فطرة كل بشر. حتى أساطيرنا تتحدث بذلك فدراكولا هو نظير لصورة فرعون الذي يمتص دماء الشعوب ويستعبدهم ويحيلهم إلى وحوش ضارية مثله ضد الإنسانية أو أقزام وأمساخ يستعبدهم أو إلى الفناء . وكم من صورة لفرعون تتكرر عبر التاريخ. يفني دراكولا نور النهار ، النور الساطع القوي ، نور الحق ، ويُحارب بقوة الإيمان وبكلمة الله تعالى. والمستئذبين وصراعهم مع مصاصي الدماء قوم لا يبحثون إلا عن علو في الأرض لفئة أو لنعرة أو قومية بلا مبدأ سامي ولا إدراك لحقيقة. الوحوش والغيلان كذلك صورة الشر في الإنسان حين يشذ عن إنسانيته. كل تلك الأشكال الشريرة في أساطيرنا تستهدف البشر ، والبشر في تلك الأساطير هم الصورة الماثلة للخير والسلام والطبيعة الأمثل. و(أليس في بلاد العجائب) وسوسة من عمق خواطرنا تحكي بصورة ما عن أشواقنا للجنة موطننا الأول وموطننا الموعود بإذن الله تعالى. وأسطورة الفردوس المفقود : المدينة التي غرقت تحت البحر وضاعت ، ومدينة أفلاطون الفاضلة ذات القيم والمُثل والحياة الأهدى الأقوم ، وحتى ( إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد ) يقال أن بانيها شداد بن عاد كان مولعاً بالجنة التي قرأ عنها في الكتب القديمة ، فكانت تلك المدينة تلبية لصوت من عمق أحلامه. وأساطيرنا عن سكان الفضاء ، والعالم السفلي ، والأرواح الشريرة : ما هي إلا همسة من أعماقنا تؤمن بالغيب ، بالملائكة بالجن بالشياطين ، لكنها همسة لا تستطيع الإفصاح كحقيقة فتظل في مرتبة الأسطورة أو أريد لها ذلك ليتحقق بها الميل عن الحقيقة والانجراف خلف الوهم. ومثلها الأساطير عن مخلوقات خارقة تؤذي البشر كالتنين والبعبع والعنقاء والرخ ، كأنما تحاول أن تعبر عن الشيطان الرجيم بصورة مجسدة ، أو أنها تحاكي تلك الحقيقة لتنصرف بأذهاننا وتصوراتنا عن الحق بإيجاد صورة زائفة مستوحاة من حق أصيل. بعض أساطيرنا ليست خرافة بالكلية وإن لم تكن واقعية بالجملة لكنها أشبه بمن يسترق السمع من السماء فيسمع كلمة حق يبني عليها ألف ألف كذبة فتتشكل الخرافة التي تجرفنا أكثر عن صورة الحق المجردة الواضحة ، وسريعاً يكتشف العقل بالتأمل والتدبر بطلان تلك الأساطير فتضيع كلمة الحق هنالك فتصبح في أذهان الكثير محض خرافة. قال قبيل من علماء النفس: (إن الأساطير هي ذاكرة البشرية الخالدة) ، لكنها ذاكرة ككتبهم المقدسة القديمة تعرضت لكثير من التحريف. يبدو لي أن جانباً كبيراً من أساطيرنا البشرية التي عاشت ولم تزل خالدة بُنيت في الأصل على كلمة حق بهدف قتل كلمة الحق تلك في عمق خرافة. (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَـذَا إِنْ هَـذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ ) الأنفال 31 (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) الفرقان 5 وهكذا تغيب الحقيقة في عمق الخرافة ، فلا لمستهدي من سبيل إلى حقيقة من خلال أسطورة وهكذا ساهمت الأسطورة بمحاولة قوية جداً في طمس معالم الحقيقة ، ففعلت أو أوشكت. لكننا في غنى عن سبر أعماق تلك الأساطير بحثاً عن كلمة حق لجلائها وتمييزها عن الخرافة في الأساطير وهي أشبه بإبرة في كومة قش. في غنى عن ذلك لأن القرآن الكريم جب كل ما قبله. حتى كلمات الحق تلك في تلك الأساطير نسخت ، وجيء بكلمات حق جديدة لا يمكن أن تكون في أسطورة ، لأنها تحارب الأسطورة والخرافة ولأنها لم تسترق من السماء ويوحي بها الجن إلى الكهنة ، ولكن جاء بها نبي بشر أمي بوحي من الله تعالى ، فلا تكون بعده عقولنا عبثاً لأساطير الشياطين والكهنة. ولى زمان استبداد الشياطين ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) الجن 6. بحثُنا عن كلمة الحق (المفتاح) في أساطير الشياطين وسجع الكهان وهمهمات الفراعنة وعنجهية المغول والغجر والقراصنة ، لم يزدنا إلا رهقاً وضياعاً وحيرة. الحقيقة ليست أسطورة ولكن الأسطورة تتمسح بالحقيقة وتحاول زوراً أن تلبس ثوبها ، وما ذاك إلا لطمس كل معلم للحقيقة ، فالأساطير بمجملها إما أن تكون وهماً وسوست به الأماني والأهواء والنزعات ، وإما أن تكون غواية عن السبيل بالتكهن والظن فيما لا علم عنه مكين ولا أساس يبنى عليه متين. والذي يجول في الأساطير إنما يجول في محض عماء لا دليل فيه ولا برهان ولا حكمة لأننا ـ كبشر ـ تعلمنا أن نجاري ونباري عبث الشياطين فأصبحنا نصوغ أساطيراً مشابهة أو أكثر حبكة كأساطيرنا عن (أثينا) سيدة العدالة والحكمة ، وعن الفراعنة أيضاً والمصريين القدماء ، وعن (يد المجد) التي تملك القوة في فتح أي باب ، وعن (أخيري) في الهند : شبح فتاة يصيب الأطفال بالمرض مالم يلبسوا شيئاً أحمر، وأساطيرنا عن الأبطال الخارقين كأبي زيد الهلالي، وعنترة، والزير، وروبن هود، وكل أشكال السوبر ، وشخصيات وحوادث حيكت بتضخيم وتفخيم أو بقداسة أو وصلت لدرجة أن تعبد، كود وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا...كيف كانت شخصيات رجال كانوا أنموذجاً يقتدى ويحتذى به وكيف أصبحوا أسطورة تعبد. كانت الأساطير في زمن ما ـ قبل أن تتشعب بها السُبل ويتسربلها عبث شياطين الأنس والجن ـ محض قصص مقدسة مسلم بصحتها تحكي في مجملها عن الكون ، تكوينه ، عوالمه ، أجرامه ، طبيعته ، وعن الإنسان والتاريخ والأحداث والبطولات . كالكثير من علومنا اليوم وعاداتنا وتقاليدنا وتصوراتنا: شي مسلم به ، وأصدق وصف يلخص مفهوم الأساطير هو تشبيهها بالشعر ، فهي تماماً كالشعر ، لا يملك أن يكون مصدر حقيقة ، ولا رسول هدى ولم يكتب بمجمله إلا انطلاقاً من انفعالات لحظية عن نفس فرد لا تحيط ولا تتجرد ولا تملك القرار ولا تمكن العلم ، لكن الشعر بالمجمل منه الحكمة ومنه الحسن ومنه القبيح ومنه العذب ومنه الصادق ومنه الكاذب . وهكذا هي الإسرائليات كما يسميها أسلافنا ، الحديث فيها لا حرج فيه شريطة أن لا نسلم لها العقول بالكلية وأن لا تضيق عنها دائرة الخيال والمنظور، وهنا نتبين لماذا زعم المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم بأن ما جاء به هو الشعر ، بعد أن تبينوا أنه ليس بأسطورة ، ذلك لأنه حينما لم يكن أسطورة فهو إذن أشبه شي بالأسطورة ـ بزعمهم ـ وهو الشعر. كانت الأساطير عقائد أمم خلت ، فحين بعث الرسول صلى الله عليه وسلم كان بعض من يرفض التسليم له وتصديقه يدعي أن ما جاء به هو من أساطير الأولين ( عقائدهم ) ، وهذا سبب يدعوا للرفض في نظر القوم وعدم التصديق ، لأنهم وصلوا إلى حقيقة أن تلك الأساطير مازجها كثير من الخرافة والدجل فأضحى التسليم بها محض تعطيل للعقل وتسفيه للواقع ، وغرق في خضم متاهة لا سبيل فيه لجلاء حق ووضوح بصيرة وقوام حكمة. هكذا استحالت الأساطير من ( قصص مقدسة وعقائد ) إلى خرافة ودجل، أو ما يسمى بعامية نجد ( حجاوي ) وعامية الخليج ( حزاوي( بمعنى : ( حكاوي ) أو ( حكايا شعبية ). حتى في عصرنا هذا نجد الخلط والزئبقية في تعريف الأساطير ، وشرح حقيقة ماهيتها. لايزال البعض يراها القصص المقدسة والعقائد المعتبرة ، والبعض يراها محض خرافة . هنا نقف لنستعرض سورة ( النجم) ففي هذه السورة الكريمة حديث حول الأساطير وتمثيل عليها وتفنيد لها ، وشرح لقوام الأسطورة ، ومقومات الحقيقة وهذا الجانب هو ما سنعرضه من السورة.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى * أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى * أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّى* فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى * وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى * إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَى * وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا * فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى * وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى * الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى * أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى * وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى * أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى * أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى * وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا * وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى * وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى * وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى * وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى * وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى * وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى * وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى * فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكَ تَتَمَارَى * هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَى * أَزِفَتْ الْآزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ * أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ * وَأَنتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا) سورة النجم فتذكر السورة في البداية ( نجم الشعرى ) وروى الطبري عن مجاهد في قوله وأنه هو رب الشعرى قال الكوكب الذي خلف الجوزاء كانوا يعبدونه. وهو : الشِّعْرَى اليَمَانِيَّة : الأسم العلمي = sirius ، ويسمى عند عامة نجد ( المرزم ) . ويقول أ.د. مسلم شلتوت ، أستاذ بحوث الشمس والفضاء - المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بحلوان: ((وأثبتت الدراسات الفلكية بأن هذا النجم كان معروفاً في فترة العصر الحجري المتأخر لعديد من سكان الأرض وأنه كانت له قدسية خاصة عندهم. كان للنجم سيروس قداسته عند قدماء المصريين لارتباطه بفيضان النيل لذلك أسموه ''نجم إيزيس'' لارتباط دموع إيزيس زوجة أوزيريس بفيضان النيل عندما حزنت عليه بعد مقتله على أخيه ست حسب الأسطورة المصرية القديمة. وكان هذا النجم هو قرين للملكات في مصر القديمة في السماء لذلك فإن ما يسمى بفتحة التهوية في الهرم الأكبر الممتد من حجرة الملكة إلى اتجاه الجنوب ما هو إلا فتحة لكي تطل منها الملكة في مرقدها على قرينها في السماء سيروس عند مروره على دائرة الزوال، لذلك فإن هذه ليست فتحات تهوية بل هي مناظير مزوالية ثابتة متجهة لنجوم معينة في السماء حسب علم الفلك الحديث. ونظراً للمكانة الكبيرة لنجم الشعرى اليمانية (سيروس) وقدسيته عند الشعوب القديمة جاء قول الله تعالى ليؤكد (إنه هو رب الشعرى) ولا سجود لغيره ... سبحانه وتعالى الواحد الأحد ... لا شريك له في الملك ولا ند ولا ولد.)) أ.هـ فهو نجم إذاً كان محوراً لأساطير استبدت بالعقول لدى كثير من الأمم في ردح من الزمن، حتى أنه كان إله يعبد . فهذا مثل على الأسطورة في هذه السورة الكريمة ، وفيها مثل آخر وهو الأسطورة حول الأنثى : متمثلة في : اللات والعزى ومناة : فـاللات : يظن أن أسمها مؤنث لفظ الجلالة (( الله )) عز وتقدس وتنزه. وهي صخرة بيضاء منقوشة كانت تعبد. والعزى : كذلك يظن أن أسمها مؤنث ( العزيز ) وهي شجرة كانت تعبد أيضاً. وكان العرب يظنون أن هذه المعبودات رموزاً للملائكة ، والملائكة في ظنهم إناثاً ، وفي ظنهم أيضاً أنهن بنات الله. فكانت أسماء مؤنثة سموا بها تلك الأشجار والأحجار ثم سموها آلهة وسُميت ملائكة وأن الملائكة إناثاً وتلك الإناث بنات الله ، فهي أسطورة متراكبة جماع فحواها حول أنوثة الملائكة وحول قيمة الأنثى. تذكر السورة هذين المثلين وتفندهما بذكر الحقيقة المطلقة المجردة فيما بعد ، لكنها في أثناء ذلك تقرر مقومات الحقيقة ، وقوام الأسطورة. فمقومات الحقيقة التي تعرض السورة كما أُدرك: 1/ ( مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ) العصمة من الضلال والغواية والخطأ، فلا تتعارض أصلاً مع الحق ( المقوم العاشر ) والحكمة والفطرة والبديهة. 2/ ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى) العصمة من الغرض والهوى ونزعات الفرد أو الفئة أو العصبة إنما هي إجماع على كلمة سواء وعن علم ويقين. 3/ ( إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) المصدر الوثيق والمرجع المؤكد الثابت الراسخ. 4/ (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ) العلم المحيط المكين ، الراسخ واليقين القاطع . 5/ (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) المعاينة والرؤية والحديث عن شئ قابل للإبصار والمشاهدة ، 6/ والإدراك بالحس والمعايشة ، 7/ والتحقيق والتجريب ، 8/ المثول كواقع ، 9/ و الأدلة والبراهين القاطعة. تلك هي مقومات الحقيقة التي احتجت بها الآيات الكريمة أعلاه وأشارت إليها ـ بحسب إدراكي ـ . ويبقى مقوم عاشر ترتكز عليه السورة ككل كما ترتكز عليه الحقيقة وكل حقيقة ، سنذكره في نهاية الحديث بمشيئة الله تعالى. قوام الأسطورة : 1/ ( أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى ) الأسطورة تجعل من العدل والمنطق والعدالة أضداد لا تتفق ولا تلتقي ، وتضع القيّم في حال وفي حال ترفعها . 2/ ( إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم ) ارتكاز محض على الخيال واللاواقع واستغراق به وجنوح شبه كلي إليه، مما يسفه الواقع والمنطق واليقين. 3/ ( مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ) لا مصدر معتبر للأسطورة ، ولا دليل أو دلالة يعتد بهما. 4/ ( إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى ) وهم وخيال وأماني نفس وأغراض ونزعات شكلت قوام الأسطورة، وانصراف عن التثبت والتحقق مع إمكانه وتوفره. 5/ ( أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّى ) هل يصح أن يكون الإنسان هو المصدر وحده؟؟ ، هل يملك المؤهلات؟؟ أم أن هواه وأمانيه وأحلامه هي ما يشكل الحقيقة ؟؟ الإنسان ليس هو المصدر الذي تؤخذ منه الحقائق إنما هو ناقل لها لابد أن يخضع نقله لمقومات الحقيقة التي ذكرنا آنفاً. ( فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى * وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى * إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَى) هنا المقوم العاشر من مقومات الحقيقة ، فالله تعالى هو الحقيقة المطلقة ، لا شيء غير الله لا نبي مرسل ولا ملك مقرب ، بل إن كل حقيقة تستمد حقيقتها من الله تعالى ، وكل حقيقة لا ترتبط بالله تعالى تفقد أهم مقومات الحقيقة فلا تكون حقيقة إذاً إن هي إلا ظن ووهم وأماني ، لا تملك حتى أن تقرب منظوراً من حق أصيل. تلك الحقيقة المطلقة البعد عنها هو اللبنة الأولى لكل أسطورة وكل خرافة ، وإقامة كل فكرة وكل تصور وكل قيمة على هذه الحقيقة المطلقة هو تحرير للعقل من متاهات التصورات إلى فضاء الحق الواسع . ويبقى للحديث بقية
|
| |