28-12-09, 10:37 AM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو مؤسس و اداري سابق
| الرتبة: | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Mar 2007 | العضوية: | 16 | الاقامة: | مجــالس الفــردة | المواضيع: | 237 | الردود: | 2689 | جميع المشاركات: | 2,926 [+] | بمعدل : | 0.45 يوميا | تلقى » 7 اعجاب | ارسل » 12 اعجاب | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 120 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
مكتبة المجالس حديث الخاطر ( 1 ) / لم نخلق أنبياء لم نخلق أنبياء قمة التحدي التي تواجهنا تكمن في أننا لم نخلق أنبياء ، فنحن أصلاً بحاجة لمن يوجهنا ويعلمنا ويستصلحنا ، فإن كنا مع ذاك رواداً ينتظر منا التوجيه والتعليم والاصلاح فتلك عقدة مضاعفة تضاف للتحدي. والله تعالى حكم عدل ، لا يكلف نفساً إلا وسعها ، فدائماً ثق أن موضعاً يضعك الله فيه أنت فعلاً جدير به ، وكل موقف تتصدر له فأنت أهله وأنت سيده ، هكذا اقتضت عدالة الله تعالى. إذاً هو تحدي سهل. أين العقدة فيه ؟؟؟ العقدة في معرفة الطريقة ، الحل . مثلاً طريقة الإنتقال من نقطة إلى نقطة هي المشي . لكنه ليس دائماً هو الطريقة فالمشي أحياناً لا يكون ولا يستقيم ولا حتى يفعل لو حال بين النقطتين نهر ، فلابد قطعاً من طريقة أخرى . السباحة هي الطريقة وهي الحل هنا ليتحقق العبور ، فلابد من إدراك إنها الحل أولاً ثم إحسانها وإتقانها كي تتحقق فاعليتها على أتم وجه. بهذه البساطة. لم يكن ثمة عقدة ، كان ثمة ما يستدر الفكر لمزيد من الإحاطة. الذي يقلقني ليس هذا أبداً ، بل يقض مضجعي أني أمرؤ حديث عهد بجاهلية ولم أزل أحاول التخلص من لوثتها وأوهاقها .. أخشى أن أكون برواسبي تلك من الذين في قلوبهم مرض وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون . فهل نحن مصلحون حقاً ؟؟ أم نسعى وننقل العدوى بالمرض؟؟ أم أننا بهذا التوجس من الذين يفعلون ما يفعلون من خير وإصلاح وقلوبهم وجلة ؟؟ أم هو جانب أصيل من عقدة التحدي أن تحيا بهذا التوجس بترقب وحذر لا ينقطع ؟؟ فـ ( لا تزكوا أنفسكم ) ، ( الحي لا تؤمن فتنته ) ، ( فيسبق عليه الكتاب ) . تعلمت مع المعضلات أن أربط التفصيل المعقد بالمجمل الأوضح ، أو المجمل المبهم بالتفاصيل الدقيقة . لنعد إلى الهدف الأصيل : عمارة الأرض ، استصلاح البشر ، الترقي بالنفس البشرية إلى مرتبة أزكى وأتم وأكمل. لسنا أنبياء ، ولا ملهمين ، ولا معصومين ، وقد نخطئ ولا نعلم ، ونظل في توجس حذر من الشطط والخطأ ، وبإقرار تام بالقصور الجلي الواضح .. بأولئك سيظل الترقي أكثر ، هاجساً ملازماً لنفس .. إذاً بأولئك يتحقق الهدف الأصيل : (( الترقي بالنفس البشرية إلى مرتبة أزكى وأتم وأكمل.)) أحياناً أتساءل … فأغلب الناس من حولي على دين محيط يكونون فيه ، فكأنما حياتهم محض اتباع وتقليد ، فلا فكر ولا ريادة إبداع ولا إلهام أو استلهام لحكمة أو جمال يصنع الوجه الجميل الأسمى للحياة. فنسعى إلى استنهاض هممهم وجلاء بصائرهم لنوسع دائرة الأفق عندهم فتكون بجحم السماء وعلى مدى الأرض ، فنشرح ونهدي ونبين حتى نقول : ظهر الحق وزهق الباطل ، أو نقول : ثمة ثلة آمنت . لكننا نفاجأ أن تلك الثلة التي آمنا فيها كفرت بجهودنا في لحظة كانت فيها أمام محك للمعدن ، أحياناً مجرد تواجدهم في مناظرة تحدي ما ، يتسبب في سقوط قيمة وإخلاد إلى الأرض ، أو بمجرد تبدل المحيط الذي كانوا يقلدون. كأنما أضحت حياة المبدأ عندهم رهينة بوجودنا ، فلا قيمة يعتبرون إلا ما دمت عليهم قائماً . أتساءل .. مالسبب ؟؟ لمَ ركام جهودنا لم يثمر ؟؟ هل كنا نحن الوازع والدافع الوحيد عندهم لتقييم القيمة وتفعيل المبدأ والدلالة على الصواب وكشف الخطأ؟؟ وأتساءل .. هل أخفقنا فعلاً ؟؟ أم هم من كانوا أقل إمكاناً من النجاح ؟؟ هل علينا إلا البلاغ ؟؟ هل علينا هداهم ونجاحهم وقوام حالهم ورقي أفكارهم ؟؟ أم الدلالة فقط لسبيل ذلك ؟؟ نعم فلسنا أنبياء ، ولم نخلق أنبياء كنا نشرح لهم كيف نفهم ، وكيف نفكر ، وكيف نستلهم ونستنبط ونعمل ونبدع ، ولم ينجحوا ، ولم نخفق .. لأننا كنا نشرح ببساطة طريقة النظرة الأمثل وطريقة التفكير الأمثل ، وليس بالضرورة أن يكون الهدف هذا المحيط أو ذلك القبيل أو تلك الفئة ، ورب مبلغ أوعى من سامع . المهم أننا لم نصادر عليهم عقولهم فكان لهم مطلق الحرية في الاختيار . كما أن إخفاقهم ليس نهاية المطاف لهم كما تقتضي طبيعة ذات الهدف الأصيل ، فبالإمكان تكرار المحاولة منهم ومحاولة علاج الأخطاء والنهوض كرة أخرى وإتباع السيئة بالحسنة حتى تستقيم بهم الطريقة. إذاً لن يخذلنا تراخيهم حيث كانت طريقتنا في الاصلاح ، اصلاح نفسي ومن معي ، وإن كنت أخفقت فيمن معي فأرجو أن لا أكون أخفقت في استصلاح نفسي . كما أن حقيقة التقصير الملازمة لي تجعلني لا أحزن لعدم بلوغهم لمستوى أريده أنا ، فما يدريني إبتداء أن كل الحق معي ، ولعل خيرهم في أن أكون مجرد مساهم في جانب محدد والخير الأعم في إتحاد أكثر من مساهم . فلم نخلق أنبياء كما أن إخفاقهم يهدينا لطريقة أخرى في الطرح ومحاولة العلاج ، ربما تحقق لمنهجنا شيئاً من الشمولية والإحاطة وهذا مطلب بذاته نسعى إليه حتى تتسع دائرة خطابنا إلى أبعد من هذا المحيط . أيضاً نحن لسنا بمعزل عنهم ، فبطريقة التجربة والخطأ نتعلم ، فالتداعيات التي تؤثر بالمحيط من حولنا تؤثر فينا كذلك فنتعلم أكثر ونترقى أكثر ونتزكى أكثر . لم نخلق أنبياء ليس لنا إلا طريقة التجربة والخطأ لمواصلة الترقي وتفنيد الحلول مع الإستمساك بناموس أهل الأرض الذي خطه سيد السماء. شاءت حكمة الباري أن نوجد في هذه الدنيا وأن نمنح كل وسيلة نسمو بها بنفوسنا وقيمنا وذواتنا عن طريق التجربة والخطأ كما يفهم من وحي النصوص . ( خير الخطائين التوابين ) ، ( لو لم تكونوا تذنبون وتستغفرون لذهب الله بكم وأتى بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم ) . فالخطأ نفسه إذن طبيعة حال ووروده ليس شيئاً شاذاً ، وليس الخطأ مشكلة بذاته ، بل المشكلة هي الاستمرار عليه أو عدم معرفة الخطأ من الصواب وهو ما ينتفي معه الهدف الأصل من الإيجاد في هذه الدار وهو السمو بالنفس والقيم لأقصى مرتبة من الكمال ممكن أن تصل إليها البشرية ( والله يدعوكم لما يحييكم ). لذا دلت جملة النصوص على أن النقطة التي يتراجع فيها الفرد عن الخطأ أنها نقطة استئناف لايحتسب ما قبلها من شطط وإنحراف ، ذلك أنها تحققت فاعلية الهدف المراد ، والعبرة أصلاً في تحقيق الهدف الذي هو تزكية البشرية وصناعتهم على أرقى وأتم صورة على ضوء مبادئ ومُثل وقيم خطها لهم الشارع الحكيم. نقطة التصحيح تلك تتمثل بالإقرار بالخطأ ومعرفته وتجنبه ، وتتمثل أيضاً بالاستمساك بالصواب وتفعليه والثبات عليه ، وتتمثل أيضاً بمواجهة الخطأ بالصواب ودفعه به. ودلت النصوص أيضاً أنه مهما كان الخطأ فإنه قابل للتصحيح ، وأنه لا شيء يقف عائقاً دون التصحيح . وأن التصحيح يجب أن يتمثل أولاً كقناعة في الضمير ثم ممارسة على أرض الواقع. نستطيع أن نواجه التحدي بهذا المنظور كما أعتقد. ونستطيع أن نصنع الكثير ولو لم نخلق أنبياء. عبدالله بن غنام الفريدي
|
| |