: إليكم هذه النبذة اليسيرة عن شاعر اليمن الكبير
/ عبدالله البردوني رحمه الله
ولد عام 1929 في قرية البردون
في ( اليمن ). تخرج من
دار العلوم بصنعاء عام 1953.
عمل مدرسا للغة العربية
ومسؤولا عن البرامج في الاذاعة اليمنية .
له عشرة دواوين شعرية ،
وست دراسات . صدرت
دراسته الأولى " رحلة في الشعر قديمه وحديثه "
عام 1972. أما دواوينه فهي على التوالي : دواوين البردوني المطبوعة 1-
من أرض بلقيس 1961 2- في طريق الفجر 1967 3- مدينة الغد 1970 4-
لعيني أم بلقيس 1973 5-
السفر الى الأيام الخضر 1974 6-
وجوه دخانية في مرايا الليل 1977 7-
زمان بلا نوعية 1979 8-
ترجمة رملية لأعراس الغبار 1983 9-
كائنات الشوق الاّخر 1986 10-
رواء المصابيح 1989 .
وإليكم هذه القصيدة الرائعة
من روائع قصائد
شاعر اليمن / عبد الله البردوني
رحمه الله تعالى بل قد لا أبالغ
إن قلت أنها من روائع الشعر العربي
المعاصر وهي قصيدة دينية سياسية
يبدأ الشاعر قصيدته بمدح
الرسول صلى الله عليه وسلم
ثم يعود إلى شكوى حال بـلاده اليمن
ثم ينهي قصيدته بأبيات في
الإفتخار بأهل اليمن أنعم وأكرم به من إفتخار .
والقصيدة يقف أمامها النقاد احتراما
وإجلالا من روعتها وجمالها
فرحم الله قائلها وأسأل الله أن
يرزقه شفاعة نبيه محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم .
بشرى من الغيب ألقت في فم الغـار
= وحيا وأفضت إلـى الدنيـا بأسـرار
بشرى النبوّة طافت كالشـذى سحـرا
= وأعلنت في الربـى ميـلاد أنـوار
وشقّت الصمت والأنسـام تحملهـا
= تحـت السكينـه مـن دار إلـى دار
وهدهدت " مكّة " الوسنـى أناملهـا
= وهـزّت الفجـر إيذانـا بإسـفـار
فأقبل الفجر من خلف التـلال وفـي
= عينيـه أسـرار عشـاق وسمـار
كأنّ فيض السنى في كـلّ رابية
= مـوج وفـي كـلّ سفـح جـدول جـاري
تدافع الفجر في الدنيـا يـزفّ إلـى
= تاريخهـا فجـر أجيـال وأدهــار
واستقبلـت طفـلا فــي تبسّـمـه
= آيـات بشـرى وإيمـاءات إنـذار
وشبّ طفل الهدى المنشـود متّـزرا
= بالحـقّ متّشحـا بالنـور والـنـار
في كفّه شعلـة تهـدي وفـي فمـه
= بشرى وفي عينـه إصـرار أقـدار
وفي ملامحـه وعـد وفـي دمـه
= بطـولـة تتـحـدّى كــلّ جـبّـار
وفاض بالنـور فاغتـم الطغـاة بـه
= واللّصّ يخشى سطوع الكوكب الساري
والوعي كالنور يخزي الظالمين كمـا
= يخزي لصوص الدجى إشراق أقمـار
نادى الرسول نداء العـدل فاحتشـدت
= كتائـب الجـور تنضـي كـلّ بتّـار
كأنّـهـا خلـفـه نــار مجنّـحـة
= تعـدو قدّامـه أفــواج إعـصـار
فضجّ بالحقّ والدنيـا بمـا رحبـت
= تهـوي عليـه بأشـداق وأظـفـار
وسـار والـدرب أحقـاد مسلّخـة
= كأنّ في كلّ شبـر ضيغمـا ضـاري
وهبّ فـي دربـه المرسـوم مندفعـا
= كالدهـر يقـذف أخطـار بأخـطـار
فأدبر الظلـم يلقـي هـاهنـا أجـلا
= وهاهنـا يتلقّـى كـفّ ... حفّـار
والظلم مهما احتمت بالبطش عصبته
= فلم تطـق وقفـة فـي وجـه تيّـار
رأى اليتيـم أبـو الأيتـام غايـتـه
= قصوى فشـقّ إليهـا كـلّ مضمـار
وامتدّت الملّة السمحـا يـرفّ علـى
= جبينهـا تـاج إعـظـام وإكـبـار
مضى إلى الفتح لابغيـا ولاطمعـا
= لكـنّ حنـانـا وتطهـيـرا لأوزار
فأنزل الجـور قبـرا وابتنـى زمنـا
= عـدلا ... تدبّـره أفكـار أحــرار
ياقاتل الظلم صالـت هاهنـا وهنـا
= فظائع أيـن منهـا زنـدك الـواري
أرض الجنوب دياري وهي مهد أبي
= تئـنّ مـابيـن سفّـاح وسمسـار
يشدّهـا قيـد سجّـان وينهشـهـا
= سوط ويحدو خطاها صوت خمّـار
تعطي القيـاد وزيـرا وهـو متّجـر
= بجوعها فهو فيهـا البايـع الشـاري
فكيف لانت لجـلّاد الحمـى عـدن
= وكيف ساس حماها غـدر فجّـار ؟
وقـادهـا وعـمــاء لايـبـرّهـم
= فعـل وأقوالهـم أقــوال أبــرار
أشباه ناس وخيـرات البـلاد لهـم
= يا للرجـال وشعـب جائـع عـاري
أشبـاه نـاس دنانيـر البـلاد لهـم
= ووزنهـم لايسـاوي ربـع دينـار
ولايصونون عنـد الغـدر أنفسهـم
= فهل يصونون عهد الصحب والجـار
ترى شخوصهـم رسميّـة وتـرى
= أطماعهم في الحمـى أطمـاع تجّـار
أكـاد أسخـر منهـم ثـمّ تضحكنـي
= دعواهـم أنّهـم أصـحـاب أفـكـار
يبنـون بالظلـم دورا كـي نمجّدهـم
= ومجدهم رجس أخشـاب وأحجـار
لاتخبر الشعـب عنهـم إنّ أعينـه
= ترى فظائعهـم مـن خلـف أستـار
الآكلـون جـراح الشعـب تخبـرنـا
= ثيابـهـم أنّـهـم آلات أشـــرار
ثيابهـم رشـوة تنبـي مظاهـرهـا
= بأنّهـا دمــع أكـبـاد وأبـصـار
يشـرون بالـذلّ ألقابـا تستّـرهـم
= لكنّهـم يستـرون الـعـار بالـعـار
تحسّهم فـي يـد المستعمريـن كمـا
= تحـسّ مسبحـة فـي كـفّ سحّـار
ويـل وويـل لأعـداء الـبـلاد إذا
= ضجّ السكون وهبّت غضبـة الثـار!
فليغنـم الجـور إقبـال الزمـان لـه
= فــإنّ إقبـالـه إنــذار إدبـــار
والنـاس شـرّ وأخيـار وشرّهـم
= منـافـق يـتـزيّـا زيّ أخـيــار
وأضيع الناس شعب بـات يحرسـه
= لـصّ تسـتـره أثــواب أحـبـار
فـي ثغـره لغـة الحانـي بأمّـتـه
= وفي يديـه لهـا سكّيـن جـزّار!
حقـد الشعـوب براكيـن مسمّـمـة
= وقودهـا كـلّ خــوّان وغــدّار
من كـلّ محتقـر للشعـب صورتـه
= رسـم الخيانـات أو تمثـال أقــذار
و جثّـة شـوّش التعطيـر جيفتهـا
= كأنّهـا ميتـه فـي ثـوب عـطّـار
بين الجنـوب وبيـن العابثيـن بـه
= يوم يحـنّ إليـه يـوم " ذي قـار "
ياخاتم الرسل هـذا يومـك انبعثـت
= ذكراه كالفجر فـي أحضـان أنهـار
ياصاحب المبدأ الأعلى ، وهل حملت
= رسالـة الحـقّ إلاّ روح مخـتـار ؟
أعلى المباديء ماصاغـت لحاملهـا
= من الهدى والضحايا نصـب تذكـار
فكيـف نذكـر أشخاصـا مبادئـهـم
= مباديء الذئب في إقدامه الضاري ؟!
يبـدون للشعـب أحبابـا وبينـهـم
= والشعب مابين طبع الهرّ والفـار
مالي أغنّيك يا " طه " وفـي نغمـي
= دمع وفي خاطـري أحقـاد ثـوّار ؟
تململـت كبريـاء الجـرح فانتزفـت
= حقدي على الجور من أغوار أغواري
يا " أحمد النور " عفوا إن ثأرت ففي
= صدري جحيم تشظّت بيـن أشعـاري
" طه " إذا ثار إنشـادي فـإنّ أبـي
= " حسّان " أخباره في الشعر أخبـاري
أنا ابن أنصارك الغـرّ الألـى قذفـوا
= جيش الطغـاة بجيـش منـك جـرّار
تظافرت في الفدى حوليـك أنفسهـم
= كأنّهـنّ قــلاع خـلـف أســوار
نحن اليمانين يا " طـه " تطيـر بنـا
= إلـى روابـي العـلا أرواح أنصـار
إذا تذكّـرت " عـمّـارا " و مـبـدأه
= فافخر بنا : إنّنـا أحفـاد " عمّـار "
" طه " إليك صلاة الشعـر ترفعهـا
= روحـي وتعزفهـا أوتـار قيـثـار
ومن شعره ( معارضته لبائية أبي تمام )
ماذا ترى يا أبا تمام هل كذبت
= أحسابنا ؟ أو تناسى عرقه الذهب
عروبة اليوم أخرى لا يتم على
= وجودها اسم ، ولا لون ، ولا تعب
تسعون ألفا لعمورية اتقدوا
= وللمنجم قالوا : إننا الشهب
قبل انتظار قطاف الكرم ما انتظروا
= نضج العناقيد ، لكن قبلها التهبوا
واليوم تسعون مليونا وما بلغوا
= نضجا ، وقد عصر الزيتون والعنب
تنسى الرؤوس العوالي نار نخوتها
= إذا امتطاها إلى أسياده الذنب
( حبيب ) وافيت من صنعاء يحملني
= نسر وخلف ضلوعي يلهث العرب
ماذا أحدّث عن صنعاء يا أبتِ
= مليحة عاشقاها ؛ السل والجرب
ماتت بصندوق ( ومنّاح ) بلا ثمن
= ولم يمت في حشاها العشق والطرب
كانت تراقب صبح البعث فانبعثت
= في الحلم . ثم ارتمت تغفو وترتقب
لكنها رغم بخل الغيث ما برحت
= حبلى وفي بطنها قحطان أو كرب
ألا ترى يا أبا تمام بارقنا
= إن السماء ، تُرَجّى حين تحتجب