سُئِلَ العلاَّمة ابن عُثَيْمين -رحمه الله- عن حُكم مُشاهدة مُباريات الكُرة مِنْ خلال التلفزيون، مع أنَّ فيها كشف العَوْرات، وحضور النِّساء في المدرَّجات.
فأجاب بقوله:
الواقع أنَّ ما أشرتَ إليه قد ابتُلِي به بعضُ النَّاس، وصارُوا يَهْوَوْنه هوايةً شديدةً ( النَّظر إلى المباريات )، حتَّى إنَّ بعضهم ربَّما يَدَعُ الصَّلاة مع الجماعة مِنْ أجل هذا، ولا ريبَ أنَّه إذا تَرَكَ الجماعةَ مِنْ أجل هذا: أنَّه عاصٍ وآثم؛ لأنَّ الجماعة واجبة.
لكنْ إذا قدَّرنا أنَّه بعد أنْ صلَّى العشاء جلس؛ فهنا نقول: جُلوسك هذا إنْ سَلِمْتَ مِنَ الإثم؛ فإنَّه لَغْو. ولكنَّني لا أظنُّه يَسْلَمُ مِنَ الإثم؛ لأمورٍ:
أوَّلاً: أنَّه يضيع وقته في غير فائدة، والوقت أغلى مِنَ المال، وأثمن مِنَ المال للعاقل، ولهذا قال الله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ـ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾، ما قال: لعلي أشاهد المباريات، أو أتمتَّع في الدُّنيا، قال: ﴿ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾؛ فهذا يدلُّ على نَدَمِهِ على ما أضاعه في غير طاعة الله -عزَّ وجلَّ-.
ثانيًا: أنَّه يُوجِبُ تعلُّق القلب بهذا، لكنْ: لَوْ فَطَمَ نفسَه عنه ما هَمَّه، كما هو معروف في الإخوانِ الَّذين لا يُطالعونها، لا تهمُّهم، بل إذا كانوا يشاهدون الأخبار ثم جاءت هذه المباريات؛ أغلقوا التلفزيون، لكنْ: إذا صار يُشاهدها؛ تعلَّق قلبه بها وأَلِفَها، وصار حبُّه لها غرامًا.
ثالثًا: أنَّه رُبَّما يغلبُ في هذه المباراة مَنْ هُوَ كافر أو فاسق؛ فيقع في قلبه تعظيمه ومحبَّته وموالاته، وهذه خطيرة.
رابعًا: أنَّه سيضيع مالاً بما ينفقه على هذا التلفزيون؛ مِنْ أجرة الكهرباء، وكذلك الأضواء في المحلِّ الَّذي هو فيه؛ فربَّما يستغرق شيئًا كثيرًا من الأموال.
لذلك: نرى أنَّ مشاهدة هذه المباريات فيها شيءٌ مِنَ السَّفَه، وفيها شيءٌ مِنَ الخَطَرِ على الإنسان؛ فالَّذي ينبغي لكَ -أيُّها الحازم- ألاَّ تُشاهدَ هذه المباريات.
و ايضــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــاً
سُئل فضيلة الشَّيخ الدكتور د. ناصر بن يحيى الحنيني -حفظه الله -: ما حُكم مشاهدة المباريات في كرة القدم ؟فأجاب بقوله:
بعض أهل العلم يشترط لجواز مشاهدتها بعض الشروط وهي:
أولاً: ألاَّّ يترتب على المشاهدة ترك واجبٍ كالصلاةِ مثلاً.
ثانياً: ألاَّ يترتب على المشاهدة شحناءٌ وعداوةٌ وبغضاءُ.
ثالثاً: ألاَّ يكونَ فيها رؤيةٌ لعوراتِ اللاعبينَ ومنْ ذلكَ الفخذُ؛ لأَنَّ الفخذَ عورةٌ؛ كما ذهب إلى ذلكَ جمهور الفقهاء؛ واستدلوا على ذلك بأحاديث لا يخلو كل منها عن مقال في سنده من عدم اتصاله، أو ضعف في بعض الرواة، لكنها يشد بعضها بعضاً فينهض مجموعها للاحتجاج به على المطلوب، ومن تلك الأحاديث ما رواه أبو داود وابن ماجه من حديث علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت ))، وما رواه أحمد والبخاري في تاريخه من حديث محمد بن جحش قال: (( مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على معمر بن عبد الله وفخذاه مكشوفتان فقال: (( يا معمر، غط فخذيك؛ فإن الفخذين عورة ))، ومنها ما رواه مالك في الموطأ وأحمد وأبو داود والترمذي من حديث جرهد الأسلمي قال: (( مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليَّ بردة وقد انكشفت فخذي فقال: (( غط فخذك؛ فإن الفخذ عورة ))؛ حسنه الترمذي.
رابعاً: ألاَّ يترتب عليها تعظيمُ الكفار ومودتُهم، إذا كانتْ المبارياتُ التي تُعرضُ عبر شاشاتِ التلفاز من جنس المباريات العالمية ككأس العالم أو ما شابه ذلك، التي يظهرُ فيها لاعبو الدول الكافرة.
فإنْ تَحَقَّقتْ هذه الشُّروط وما أصعبها في هذا الوقت، فالمشاهدة- حينئذٍ - لا حَرجَ فيها، أَمَّا إذا أخلَّ المشاهدُ بواحدٍ من هذه الشَّروطُ، فلا يجوزُ لهُ والحالةُ هذه مشاهدة كرةِ القدم.
والَّذي أنصح به الأخ السائل أن يترك هذه المشاهدة، حتى ولو توفَّرتْ فيها تلك الشروطُ؛ لما فيها - في الغالبِ - منْ تضييعِ الوقتِ الَّذي هو رأسُ مال الإنسانِ وأنفسُ شيءٍ ينبغي أن يحرص عليهِ؛ ولأنَّ هناك أنواعاً من المباحاتِ يمكنَ أن يستفيد منها الإنسان وتكونَ نافعةً له مع ما فيها من المتعة والترويح عن النفسِ. وهذا رأي اللجنة الدائمة، والشيخين: العلامة ابن باز وابن عثيمين.
و الله اعلم