لشاعر هشام الرفاعي
وهشام الرفاعي مصري تم اغتيالة لنضالة ضد الظلم وكان عمرة وقتها حوالي 24 عاما فقط (1935- 1959)
وقد نعاه كبار شعراء مصر ومفكريها،
أبتاه ماذا قد يخط بنانى والحبل و الجلاد ينتظران
هذا كتاب اليك من زنزانة مقرورة صخرية الجدران
لم تبق الا ليلة احيا بها واحس ان ظلامها اكفانى
ستمر يا ابتاه لست اشك فى هذا وتحمل بعدها جثمانى
الليل من حولى هدوء قاتل والذكريات تمور فى وجدانى
ويهدنى المى فانشد راحتى فى بضع ايات من القران
والنفس بين جوانحى شفافة دب الخشوع بها فهز كيانى
قد عشت أومن بالاله ولم اذق الا اخيرا لذة الايمان
شكرا لهم انا لا اريد طعامهم فليرفعوه فلست بالجوعان
هذا الطعام المر ما صنعته لى امى ولا وضعوه فوق خوان
كلا ولم يشهده يا ابتى معى اخوان لى جاءاه يستبقان
مدوا الى به يدا مصبوغة بدمى وهذه غاية الاحسان
والصمت يقطعه رنين سلاسل عبثت بهن اصابع السجان
ما بين اونة تمر واختها يرنو الى بمقلتى شيطان
من كوة بالباب يرقب صيده ويعود فى امن الى الدوران
انا لا احس باى حقد نحوه ماذا جناه فتمسه اضغاني
هو طيب الاخلاق مثلك يابى لم يبد فى طمأ الى العدوان
لكن ان نام عنى لحظة ذاق العيال مرارة الحرمان
فلربما وهو المروع سحنة لو كان مثلى شاعرا لرثانى
او عاد من يدرى الى اولاده يوما وذُكّرَ صورتى لبكاني
وعلى الجدار الصلب نافذة بها معنى الحياة غليظة القضبان
قد طالما شارفتها متأملا فى السائرين على الأسى اليقظان
فأرى وجوما كالضباب مصورا ما فى قلوب الناس من غليان
نفس الشعور لدى الجميع وإنما كتموا وكان الموت فى إعلاني
ويدور همس فى الجوانح ما الذى فى الثورة الحمقاء قد أغران
أو لم يكن خيرا لنفسى ان أرى مثل الجموع أسير فى إذعان
ما ضرنى لو قد سكت وكلما غلب الأسى بالغت فى الكتمان
هذا دمى سيسيل يجرى مطفئا ما ثار فى جنْبَىَّّ من نيران
وفؤادى الموار فى نبضاته سيكف من غده عن الخفقان
والظلم باق لن يحطم قيده موتى ولن يودى به قربان
ويسير ركب البغى ليس يضيره شاة اذا اجتثت من القطعان
هذا حديث النفس حين تشف عن بشريتى وتمور بعد ثوان
وتقول لى ان الحياة لغاية أسمى من التصفيق للطغيان
انفاسك الحرى وان هى أخمدت ستظل تغمر افقهم بدخان
وقروح جسمك وهو تحت سياطهم قسمات صبح يتقيه الجانى
دمع السجين هناك فى اغلاله ودم الشهيد هنا سيلتقيان
حتى اذا ما أفعمت بهما الربا لم يبق غير تمرد الفيضان
ومن العواصف ما يكون هبوبها بعد الهدوء وراحة الرباني
ان احتدام النار فى جوف الثرى امر يثير حفيظة البركان
وتتابع القطرات ينزل بعده سيل يليه تدفق الطوفان
فيموج يقتلع الطغالة مزمجرا اقوى من الجبروت والسلطان
انا لست ادرى هل ستذكر قصتى ام سوف يعدوها رحى النسيان
او أننى سأكون فى تاريخنا متآمرا أم هادم الاوثان
كل الذى ادريه ان تجرعى كأس المذلة ليس فى إمكاني
لو لم أكن فى ثورتى متطلبا غير الضياء لامتى لكفانى
اهوى الحياة كريمة لا قيد لا إرهاب لا إستخفاف بالإنسان
فاذا سقطُت سقطُت أحمل عزتى يغلى دم الاحرار فى شِريانى
أبتاه إن طلع الصباح على الدنى وأضاء نور الشمس كل مكان
واستقبل العصفور بين غصونه يوما جديدا مشرق الألوان
وسمعت أنغام التفاؤل ثرة تجرى على فم بائع الالبان
واتى يدق- كما تعود- بابنا سيدق باب السجن جلادان
واكون بعد هنيهة متأرجحا فى الحبل مشدودا الى العيدان
ليكن عزاؤك ان هذا الحبل ما صنعته فى هذى الربوع يدان
نسجوه فى بلد يشع حضارة وتضاء منه مشاعل العرفان
او هكذا زعموا وجىء به الى بلدى الجريح على يد الاعوان
أنا لا اريدك ان تعيش محطما فى زحمة الألام والاشجان
إن ابنك المصفود فى أغلاله قد سيق نحو الموت غير مدان
فاذكر حكايات بأيام الصبا قد قلتها لى عن هوى الأوطان
وإذا سمعت نشيج امى فى الدجى تبكى شبابا ضاع فى الريعان
وتكتم الحسرات فى أعماقها ألما تواريه عن الجيران
فاطلب اليها الصفح عنى اننى لا ابتغى منها سوى الغفران
مازال فى سمعى رنين حديثها ومقالها فى رحمة وحنان
أبنى إنى قد غدوت عليلة لم يبق لى جلد على الأحزان
فأذق فؤادى فرحة بالبحث عن بنت الحلال ودعك من عصيان
كانت لها أمنية ريانة يا حسن أمال لها وأمان
غزلت خيوط السعد مخضلا ولم يكن إنتفاض الغزل فى الحسبان
والان لا ادرى باى جوانح ستبيت بعدى أم باى جنان
هذا الذى سطرته لك يا أبى بعض الذى يجرى بفكر عان
لكن إذا إنتصر الضياء ومُزقت بيد الجموع شريعة القرصان
فلسوف يذكرنى ويُكبر همتى من كان فى بلدى حليف هوان
والى لقاء تحت ظل عدالة قدسية الأحكام والميزان