15-10-09, 01:32 AM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | مشرف سابق
| الرتبة: | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Aug 2008 | العضوية: | 1293 | الاقامة: | بريدة | الجنس: | ذكر | المواضيع: | 1624 | الردود: | 5444 | جميع المشاركات: | 7,068 [+] | بمعدل : | 1.19 يوميا | تلقى » 2 اعجاب | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 121 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
يـحـكــى أن عقوق فوق العقوق مضى الليل نصفه أو يزيد والظلام جاشم على الكون بلباسه الأسود ونهنهته الساكنة والنجوم لوامع حول القمر الدوار ، والفضاء فاغر فاه بدموع الغمام ، وأفانين الحياة وعقارب الساعة تتدحدح في سبيل القرب من الموت والبعد من حركة القلب ونبضه الحي ، والرياح لها أصوات كأصوات الأفاعي بين درج الكون ونافذه وحفيف الشجر يتعزى بنشيد الأحزان وموت الضمير !! .
تنحنحت أم عجوز تبلغ من العمر 70 خريفاً أو يزيد كانت نائمة في غرفتها نوماً هادئاً ساكنة واجنة في جنح الظلام البهيم يعانقها عصاها البالي من طول السنين، احدودب ظهرها ركوعاً ، وبُح صوتها كبراً ، وزرورقت عيناها ، وتجعد جبينها دمامة ، قد علا الشيب هامتها بعد أن كان غراباً ، وفرقت الهموم قلبها وأراعها ذعراً قعقعة السقوف والجدران ، وسبح يراعها لواعج الأحزان وكوامن الأشجان ، عاشت في منـزل صغير بين ابنها الذي لا يزال في مستهل العقد الثالث من عمره ، وابنتها الوادعة في عقدها الثاني استبقت آخر عمرها شاحبة بأكفها الصفراء لتصارع الكبر وتذرف الدموع حناناً على ولديها وشفقة بهم ، وشأنها شأن كل أم ترعى أولادها ، وتحافظ عليهم ، وترأف بهم ، وتسعى لسبيل تقويم أنفسهم ، وتهذيب أخلاقهم ، وإصلاح شأنهم ، لكن قدرة الله كتبت على ولدها أن يعيش شقياً ، فيلبس أمه العجوز لبوس الفقراء ، فتبكيه ما شاء الله أن تبكيه وتندب حالها للمصير المجهول ، وتنعى قلبها الحاني آهات ، وعبرات تستذرف العبرات ، كيف لا تبكيه ؟ وابنها قد أدمن على تعاطي المخدرات والكحول حتى أوذي في سبيلها ، وسافر في درب ضلالها ، وتاه في سفولها الحاقم وركب برجله كل مركب ، فهُزء برزية المراهقة ، وشُتم بشتيمة الجنون ، فأصبح يعيش حياة البهائم لا حياة الأوادم !! .
المهم : في ليلة مكفهرة الوجه ، سوداء قاتمة كانت الأم العجوز في غرفة من غرف منـزلها راقدة نائمة ، فتحسست صوتاً يطرق الباب ويقرع قفله، فالتمست عصاها بيدها ، وقامت تتوكأ عليها خطوة خطوة حتى وصلت إلى الباب ، فأخذت تعارك قفله حتى فتحته ، فشخص بصرها بعين ولدها ، فبسطت يداها نحوه لتعانقه وتلتمس دفء حنانه لصدرها الكسير ، ففجعت بولدها وهو يقبل إليها مترنحاً سكراً ، ويهذي جنوناً ، فرفع يده وصوب ضربة على رأس أمه المسكينة بساطور كان يحمله في يده ، فأسقطت على عتبة باب المنـزل ،
فجاءت الأخت من أقصى الدار تسارع الخطى وتقارب المسير ، فشدها منظر أمها وهي تسابق الموت وتتجرع الآلام ، فجثت على ركبتيها وأرسلت دمعتها لتنحدر من خدها وتنصب على وجه أمها الحنون ، فبكت وولت وصرخت ودوت : أمي . . أمي . . !! .
[ يا الله ! يا له من منظر حزين يستذرف العبرات تلو العبرات . . ] ، فهرع الجيران من سررهم وفرشهم ، لتتجه أنظارهم إلى الحادث ، ماذا ؟ ماذا ؟ ما هذه القسوة ؟ ما هذا العذاب ؟ لا . . لا . . لا نصدق !! .
فبكى الباكي وصاح الصائح !! وطفق الفضاء حزيناً ، واستمطر الكون شجوناً وأسبل الليل دموعاً ، فأزلف بالعجوز إلى المستشفى !! .
أما ابنها فأودع بالسجن مقرناً بالأصفاد والأغلال .
" محكمة التحقيق !! " .
اعترف المراهق بكل شيء بعد أن دمر كل شيء ، حياته . . مستقبله . . دينه . . أمه . . فأدلفت اعترافاته في قائمة الأشقياء ليمقته الدهر ويزدريه الناس على صنيعه بأمه !! .
ويبقيه الزمان عبرة وعظة !! .
" مملكة الأحزان " .
الأم العجوز على سريرها في المستشفى ظنها الجميع ميِّتةً ! فإذا هي تفيق من إغمائها بعد فترة من الحادث ، فتتنفس الصعداء وتعود الحياة لها من جديد ، فترنوا إلى من حولها لتتفقد أولادها وأحفادها كلهم حضر إلا واحداً إنه ابنها المجرم !! .
فتترقرق منها الدموع وتتسائل أين ابني ؟ أين ابني ؟ فيأتي الجواب ! بالسجن يستمطر العذاب وينتظر العقاب !! .
. . . فكتبت رسالة . . .
" محكمة "
سعادة القاضي : وردتنا رسالة من الأم العجوز ! .
خيراً إن شاء الله ! فأغلق باب المكتب وفتحت رسالة الأم . .
بسم الله الرحمن الرحيم : من الأم الحنون إلى ابنها الرؤوم .
وبعد : أي بنيَّ : إن الحياة رخيصة وأرخص ما فيها كرامة الإنسان إذا أهينت، لكنها الأيام حبلى وسترى صنيع الظلم عقوبة تُنهيك أو مرضاً يُفنيك !! .
أي بنيَّ : إن جريرة سعيك هذا لن تغفره ألسنة الناس ، ولن تمحوه توبة الضمير ما دمت أسداً على أمك ، ونعامة على أصدقائك ، أصدقاء السوء !! .
يا فلذة كبدي : لقد ربيتك وليداً صغيراً ، فملئت الدنيا بعيني بهاءً وجمالاً ، وأشرقت أشعتي بك نوالاً أن تكون أملي وحلمي في هذه الدنيا ، لكنه العقوق ما ألعنه !! .
أي بنيّ : لقد كنت تروم بطيف خيالك خيالي ، فأسكب دمعي وأغض طرفي وأبذل مالي ، وأقرأ لك حناني ، وأعصر قلبي لأجمع لك الحب في كلمة واحدة "ولدي قرة عيني" .
تحمل أولادي ولم يجدوا وجدي
أحبكم ما دمت حياً وإن أمت
وللناس أشجان ولي شجن وحدي
فواكبدي من ذا يحبكم بعدي
نعم يا بنيّ : لقد كنت أحتفل بك فرحاً بعد أن حملتك كرهاً ووضعتك كرهاً فيشتد ساعدك وينمو يراعك فتمضي قُدماً ما شاء الله أن تمضي فيفجعك الدهر بالشنار والعار ، فترجم بالإسفاف وتحجر بقنطرة الإسفال ، فأرزأ بك لواثاً فتقضَّ مضجعي ، وتدمي قلبي ، وترسل عيني ، ثم تبيعني رخيصة . . ما أقسى القلوب !!.
أي بنيَّ : من لي بعين تسهر عليك إذا مرضت مثل عيني ، وقلباً يرعاك مثل قلبي ويداً حنوناً تمسح دمعتك ، وتخفف روعتك وشقوتك مثل يدي !! وبسمة تتراءى لك مثل بسمتي ، أشقى لشقائك ، وأحزن لحزنك ، وأبكي لبكائك ، وأفرح لفرحك ، فتأخذني العبرات مأخذها ، فأستعذبها حلاوة أجدها في قلبي !! .
أي بنيَّ : لقد كرّ عليَّ مرّ الزمان ، واحتمل عمري فوق ما أحتمل ، وها أنا ذا عجوز أتهادى في طريق الموت في كل ساعة أتقدم للآخرة ، وأتراجع عن الدنيا ! فأين حنانك لي وعطفك إياي ، ورد الجميل لصدقة الإحسان إليك في نشأتك الأولى فإن اللؤم شؤم ، ومغبته البكاء الطويل !! .
القاضي : يدافع الدموع عن نفسه ، فقلب رسالة الأم ، فإذا خلفها مكتوب : أيها القاضي : اتق الله في ولدي ! لا تقتلوه ! لا تعذبوه ! لا تسجنوه ! أنا متنازلة عن جميع حقوقي " لكنني لا أريد أن أرى ابني . . . " .
التوقيع : الأم الحنون
فأخذ القاضي يمسح من عينيه الدموع ، فالتفت عن يمينه إلى نافذة المكتب فإذا حمامة تطل على
شجرة تنوح بصوت لها أزيز بصدرها وخنين حزين
القصه منقوله اللهم احمي شباب المسلمين من المخدرات والمسكرات
وكفهم شر العقوق
|
| |