16-08-09, 07:40 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | مشرف سابق
| الرتبة: | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Aug 2008 | العضوية: | 1293 | الاقامة: | بريدة | الجنس: | ذكر | المواضيع: | 1624 | الردود: | 5444 | جميع المشاركات: | 7,068 [+] | بمعدل : | 1.19 يوميا | تلقى » 2 اعجاب | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 121 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
المجلس الإسلامي من الأمراض الخُلُقِيَّة المتفشِّية بين الناس (مرض الغِيبة) الكلام عن الغيبة يكون عن عدة أمور هي:
1- تعريفها: هي ذكرك أخاك بما يكره ولو كان فيه، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : هل تدرون ما الغيبة"؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: " ذِكْرُك أخاك بما يكرهه"، قيل: أرأيت إنْ كان في أخِي ما أقوله؟ قال: "إنْ كان فيه ما تقول فقد اغْتَبْته، وإن لم يَكن فيه فقد بَهَتَّه" رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، سواء في ذلك أن يكون ما يكرهه الإنسان في بدنه أو نَسَبِه أو خُلُقه أو قَوْلِه أو فِعْله أو في غير ذلك، وقال الحسن، ذِكْر الغير على ثلاثة أنواع: الغيبة والبهتان والإفك. فالغِيبَة أن تقول ما فيه، والبُهْتَان أن تقول ما ليس فيه، والإفْك أنْ تَقُولَ ما بَلَغَكَ.
2- ما تتحقَّق به الغِيبَة قد تكون باللِّسان، وقدْ تكون بالإشارة، وقد تكون بالمُحاكاة والتقليد، بل قد تكون بالقلب وانعقاده على العَيْب وهو سوء الظن قالت السيدة عائشة ـ رضى الله عنها ـ: دخَلَت علينا امرأة، فلمَّا ولَّت أومأْتُ بيدي أنَّها قصيرة، فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ "اغْتَبْتِيهَا" رواه ابن أبي الدنيا وابن مِرْدَوَيْهِ، كما قالت عائشة: حاكَيْت إنسانًا – يعنى قلَّدتُه، فقال لي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " ما يَسُرُّنِي أنِّي حاكَيْت إنسانًا ولي كذا وكذا" رواه الترمذي وصحَّحه، يعنى: لو أُعطيت شيئًا كثيرًا من المال في مُقابل أنَّني أقلِّد أحدًا بما يَكرهُه، لا أفعل ذلك – ولو سَمِعَ إنسان شخصًا يغتاب أحدًا فَرَضِيَ بكلامه واستلذَّه ولم يُنْكِرْه كان شريكًا في الغِيبَة؛ لأنَّه رَضِيَ بِذِكْر أخيه بالغيب.
3- أثرها في الدُّنْيا: تُفَرِّق بين الناس، وتُورث العداوة فيما بينهم، وفيها فضيحة وهَتْك أستار، وقد تَجُر إلى ما هو أسوأ من ذلك.
4- الأسباب الباعثة عليها: أسبابها كثيرة منها: الحقد والغضب، ومجاملة الأقران وموافقة الرُّفقاء، والتقدُّم عند الرئيس لِهَدْمِ المغتاب، والهزْل وإضاعة الوقت والتبرُّؤ من العيب لإلصاقه بغيره والحسد والسخرية والاحتقار، بل قد يَبعث عليها الغضب لله، فَقد رَوى أحمد بإسناد صحيح عن عامر بن واثلة أن رجلًا مرَّ على قوم في حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فسلَّم عليهم فردُّوا عليه السلام، فلمَّا جاوزهم قال رجل منهم إني لأبغض هذا في الله، فلمَّا بلَغه ذلك اشْتكاه إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليبيِّن له لماذا يَبْغَضُه في الله، فسأَلَه فَقَال الرَّسول لماذا تَبْغَضُه؟ فقال: أنا جَارُه والله ما رأيْته يُصلي صلاة قط! إلا هذِه المكْتوبة، فقال الرجل: وهَل رأيتَني أخرتُها عن وقتها أو أسأتُ الوضوء لها أو الركوع أو السجود؟ فقال لا، كما سأله عن مثل ذلك في الصوم حيث لا يصوم إلا رمضان، وعن الزكاة فلا يتجاوزها إلى الصدقات الأخرى، فقال الرسول للرجل: قُمْ فلعلَّه خير منك"، والمُراد أنَّه ما دام يَقُوم بالفَرائض فلا يَصحُّ أن يُعاب ويُبْغض؛ لأنَّه لم يَقُمْ بالنوافل – " الإحياء ج3 ص 128".
5- صفات المغتاب: الذي يغتاب غيره فيه صفات ذميمة، فهو حقود، عديم المُروءة، مُفْتخر، حسود، مُراءٍ، غافل عن الله، غافل عن عيوبه هو، فاسق؛ لأن الغِيبة من الكبائر، مُضيِّع لحسناته؛ لأنَّ مَن اغْتابه يأخذ منها، حاملٌ لسيِّئات غيره، مُشِيعٌ على المسلم ما ليس فيه من أجل أن يَعيبه، وفي ذلك حديث رواه الطبراني بإسناد جيد: "مَنْ ذَكَر امْرَأً بشيء ليس فيه ليَعيبه به حَبَسَهُ الله فِي نَارِ جَهَنَّم حتى يأتي بِنَفَادِ مَا قال" وفي رواية: " أيُّما رجلٍ أشاع على رجل مسلم بكلمة وهو منها برئ يُشِينُه بها في الدُّنيا كان حقًّا على الله أن يُذِيبَه يوم القيامة في النار حتى يأتي بنفاد ما قال" أيْ حتى يأتي بالدليل على ما اتَّهمه به، والمُغتاب مسلم ناقص الإسلام، لحديث: "المسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده" رواه البخاري ومسلم.
6- أَثَرُها على العبادة: رأي بعض الفُقهاء أنَّ الغِيبة تُبْطِلُ الصيام، فإن لم تُبْطله نَقَصت من ثوابه، للحديث الذي رواه أحمد في الفتَاتَيْن اللَّتَيْن كانتا تغتابان، أثناء الصيام، حيث استقاءت كل منهما قَيْحًا ودمًا وصديدًا ولحمًا وذلك أمام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: "إنَّ هاتين صامتَا عما أحَلَّ الله لَهُما، وأفطرتا على ما حرَّم الله عليهما، جلست إحداهما إلى الأخرى فجَعلتا تَأْكلان مِن لُحوم الناس"، وكان عَطَاءٌ مِنْ كِبار علماء التابعين يرى بُطْلَان الوضوء والصلاة والصيام بالغِيبة " الإحياء ج3 ص 124"، وحَسنات المُغتاب تُنقل إلى مَن يَغْتابه، يقول الحَسن لرجل قال له: لماذا تَغْتابُني، أنتَ لستَ عظيمًا حتَّى أُحَكِّمك في حسناتي"ص129" ورُوى عن الحَسن أنَّ رجلًا قال له: إنَّ فلانًا قد اغْتَابَك، فبَعث إليه رُطبًا على طَبَق، وقال له بَلَغَنِي أنك أَهْدَيت إليَّ من حسناتك، فأردت أن أكافئك عليها، فاعذُرْني فإنِّي لا أقدر أن أكافئك على التَّمام "ص134".
7- عقابها عند الله: المُغتاب انتهك حرمة أخيه، والحديث يقول: " كل المُسلم على المسلم حَرام دمُه ومالُه وعِرْضُه" رَوَاه مسلم، ورَوَي حديثٌ ضَعيف يقول إنَّ الغِيبة أشدُّ من الزِّني،(ص207 ترغيب)، وقد غَضِبَ النبي من سماع الغيبة، كما غَضِبَ على عائشة حين قالت عن صفيَّة: إنها قصيرة، فقال لها: " لقد قُلْتِ كلمة لو مُزِجت بماء البحر لَمَزَجَتْه" رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح. وجعلها القرآن كأكل لحم الميت في قوله تعالىوَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ) (سورة الحجرات:12)، وعن عبد الله بن مسعود قال: كنا عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقام رجل فوقع فيه رجل مِن بعده فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تَخَلَّلْ" فقال: ومِمَّ أتخلَّلُ وما أكلت لحمًا؟ قال" إنَّك أكلت لحم أخيك" رواه الطبراني ورُواته رواة الصحيح، وفي حديث مَقْبول أن المُغْتابين يُؤْذون أهل النار برائِحَتهم ومنظرهم القبيح زيادة على ما هم فيه من الأذى، وجاء في حديث أيضًا أنَّ لحْم الميِّت يُقرَّب للمغتاب ويُقال له كُلْهُ ميِّتًا كما أكَلْتَه حيًّا، كما جاء في حديث رواه ابن حبَّان في صحيحه أن أكل جِيفَة الحمار أهون من الغيبة، وجاء في حديث أحمد أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مرَّ ليلة الإسراء على قَوْم يأكلون الجِيَف وأخبره جبريل أنهم الذين يأكلون لحوم الناس، وفي حديث رواه أبو داود أن المغتابين لهم أظفار من نُحاس يَخْمِشُون بها وجوههم وصدورهم، كما رآهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليلة المعراج، وفي حديث رواه أحمد أن ريحًا مُنتِنة ارتفعت فأخبره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنها رائحة الذين يَغْتابون المؤمنين، وأخرج أحمد بسند رجالُه ثقات أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مرَّ بقبرين يُعذَّبان، أي يعذب مَن فيهما، ووضع عليهما جريدة عسى أن يُخفف الله بها عنهما، وذلك من أجل الغيبة والبَوْل، أو في النميمة والبَوْل، "الترغيب ج3 ص 208" والغيبة – كما سبق – تُبْطِلُ العبادة عند بعض العلماء، وتأكل الحسنات، وتُحَمِّل صاحبَها سيئاتِ الناس الذين اغتابهم.
8-عدم المشاركة فيها: من سمع شخصًا يَغتاب غيره لا ينبغي أن يُوافقه ويسكت ويَرضى، فالله يقول في شأن الصالحين: ( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ) (سورة القصص:55)، ويقول: ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ…) (سورة الأنعام :68)، ويَجب الذَّبُّ عن عِرْض أخيه، فقد جاء في الحديث الذي رواه الترمذي وحسَّنه: "مَن ردَّ عن عرض أخيه ردَّ الله عنه النار يوم القيامة".
9- ما يُباح من الغِيبة: إذا كان ذكْر الإنسان غيره بما يكرهه مُحرمًا لأنه غِيبة، فقد تكون هناك حالات يجوز للإنسان أن يَذكر عُيوب غيره لا من أجل التحقير والاستهزاء، وذلك في مثل التظلُّم لنيْل الحقِّ وعَرْض الظَّلامة بذكر ما يكرهه الظالم، قال تعالى: (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) (سورة النساء:148) حيثُ لا ينال الحقَّ إلا بذكْر الظَّالم بالرِّشْوة أو التباطؤ في العمل أو السرقة… ففي الحديث: "إِنَّ لصاحب الحقِّ مقالًا" رواه البخاري ومسلم، وفي حديثهما أيضًا: "مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْم"، وروى أبو داود والنسائي وابن ماجة بإسناد صحيح قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " لَيُّ الوَاجِد يُحِلُّ عقوبته وعِرْضه" أي تأخُّر القادر عن سداد دَيْنه يُبيح لصاحب الدَّين طلب عقوبته والتحدُّث في عِرضه بما يكرهه. ومِنها التوسُّل بالغِيبة لإزالة مُنكر، وذلك بالدِّلالة عليه، كما بلغ زيد ابن أرقم إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما قاله أُبَيُّ بن خلف ( لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) (سورة المنافقون:8)، وعبد الله بن مسعود بلَّغ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عَيْبَ بعض المسلمين قِسْمَتَه للمال، كما تُبَاح الغِيبَة للفتوى، فقد قالت هند للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن زوجها أَبِي سفيان، إنَّه شحيح ولا يُعْطيها ما يَكفيها النفقة( متفق عليه) وذَكَر الصحابة أمام النبي امرأة تُكثر من الصلاة والصيام ولكنَّها تُؤذي جيرانها بلسانها، كما رواه ابن حِبَّان وصحَّحه الحاكم، فَقَال "هِيَ في النار" ولم يُنكر عليهم أنهم عابوها بذلك، ومنها تحذير المسلمين من شرِّه بذكْر عيبَه كقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ" متفق عليه، وقال الغزَّالي في كتابه " الإحياء ج3 ص 132": يَجوز كشف بدْعة المبتدع وفِسقِه حتى لا ينخدع الناس به، ففيه تَوْعية ونصيحة للمسلمين للبعد عن شرِّه، ومنها المَشورة عند شراء شيء فيَذْكُر العارفُ بعيوبه ما فيه مِن عيوب، والمشورة عند الزواج أيضًا لمعرفة حال العروسين، فالمُستشار مُؤتَمن، فقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لفاطمة بنت قيس عن معاوية بأنَّه صُعلوك لا مال له، حين استشارته في زواجها منه، وكذلك لو كان الشَّخص مجاهرًا بفسقه ومعصيته ولا يُبالي أن يذْكره الناس بالسوء، فقد رُويَ في حديثٍ " أتَرغبون عن ذكر الفاجر، اهْتِكُوه حتى يعرفَه الناس، اذكروه بما فيه حتى يحذره الناس" " الإحياء ج3 ص 132" فمَن ألقى جلباب الحياء عن وجهه فلا غِيبة له، كما رُويَ في حديث ضعيف. وقال عمر " ليس لفاجر حُرْمة" ص 133. وجاء في المصدر السابق ص132: كانوا يقولون: ثلاثة لا غِيبَة لهم، الإمام الجائر، والمبتدع، والمجاهر بفسقه. وليس من الغيبة أن يذْكر الإنسانُ غيره بلقب يُعرَف به ويُشتهر، ولا يكاد يُعرف بغيره، كالأعرج والأسود.
10- كفارة الغِيبة: مَن وَقَعَتْ منه غِيبة يَجب أن يتوب منها، وذلك بالنَّدم والعزم على عدم العودة إلى المعصية، وتتمُّ التوبة باستحلال المظلوم وطلب العفو عنه، وكذلك بالاستغفار له، يقول ابن القيم: لا يَلزم استحلال كالحقوق الماليَّة، لعدم فائدة ذلك ولأنَّه ربَّما يترتَّب عليه ضرر. "غذاء الألباب ج1 ص93".
11- علاج الغيبة: علاجها يكون بالتوعية من أخطارها الدُّنيوية والأخْروية التي سبق بعضها، كما تُعالَج بانشغال الإنسان بِعُيوب نفسه بدل الانشغال بعيوب الناس، وكذلك عدم مجاملة الناس بالاشتراك فيها، وخشية الله من الحقد والحسد وحب الذات وكراهة الخير للناس، ونهْي المغتاب وعدم سماع غِيبَتِه وتعويد اللسان على الكلام الطيب وعِفَّته عن القول الخَبيث، يقول مالك بن دينار مرَّ عيسى ـ عليه السلام ـ ومعه الحواريون بجيفة كلْب، فقال الحواريون: ما أنْتَنَ ريح هذا الكلب، فقال عيسى عليه السلام: ما أشدَّ بياضَ أسنانه كأنه نهاهم عن غِيبة الكلب وذكْر القبيح هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
التعديل الأخير تم بواسطة f15 ; 17-08-09 الساعة 12:11 AM |
| |