28-06-09, 07:11 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | ::عضو جديد::
| الرتبة: | | البيانات | التسجيل: | Jun 2009 | العضوية: | 2193 | المواضيع: | 9 | الردود: | 1 | جميع المشاركات: | 10 [+] | بمعدل : | 0.00 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 50 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
المجلس الإسلامي رجل تصدق بصدق فأخفاها .... ( رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه )
أما بعد فاتقوا عباد الله حق التقوى واشكروه على نعمه التي تترا فقد تفضل عليكم بنعم عظيمة وآلاء جسيمة ؛ أرسل إليكم أفضل رسله ، وهداكم إلى أفضل شرائع دينه ، وجعلكم خير أمة أخرجت للناس ، وألبسكم لباس التقوى خير لباس فالحمد لله على عطائه والشكر له على فضله وامتنانه .
عباد الله / إن من الناس ، من أنعم الله عليه بشيء من المال ، فما أنكر فضل الله عليه ، بل هو ينفق بسخاء ، يتسلل إلى المساكين لواذاً ، يعلم أن من الفقراء من يحرجه علنية العطاء ، فذاك رجل تخطى عقبة الجشع . عباد الله / إن النفس بطبعها ، تميل إلى إبراز عملها ، لاسيما الصدقة ، كل هذا لتحمد ؛ فإذا ما جاهد المرء نفسه ، حق له أن يكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله والذين تشنفت آذاننا بسماع أوصافهم عبر الخطب الماضية جعلني الله وإياكم منهم ونحن اليوم على موعد مع المتصدق الباذل التقي الخفي النقي مع رجل تصدق صدقة بيمينه فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه وهذا سادس تلك الأصناف السبعة ، وإن هذا الصنف بحمد الله كثير في أمة محمد صلى الله عليه وسلم والذي وصف بأنه يعطي عطاء من لا يخشى الفقر وأصحابه وأتباعه على أثره يسيرون وبسنته يقتدون ؛ و المراد يا عباد الله من إخفائه للصدقة أي لا يعلم بها إلا الله عز وجل فالصدقة فضلها كبير وأجرها عظيم ومضاعف ، ومكفرة للسيئات قال تعالى:" إن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ " قال الإمام ابن كثير رحمه الله: وقوله ( وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها، لأنه أبعد عن الرياء ؛ إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به، فيكون أفضل من هذه الحيثية…إلى أن قال: ثم إن الآية عامة في أن إخفاء الصدقة أفضل، وإن كانت مفروضة أو مندوبة…
عباد الله / ذُكر أن علي بن الحسين زين العابدين كان يخرج في آخر الليل فيأخذ من الدقيق ومن السمن ومن الزبيب على ظهره ويمر على فقراء المدينة ويعطيهم في ظلام الليل بحيث لا يراه إلا الله .فلما مات وجاء الناس يغسلونه وجدوا أثر خيوط الحبال على كتفه .فسألوا أهله ماله ؟ قالوا هذا من كثرة ما كان يحمل من الدقيق ومن التمر والزبيب ويوزع على فقراء المدينة كلهم ؛ فهذا من الذين أخفوا صدقاتهم بحيث لا يراهم إلا الله عز وجل مدحه الفرزق الشاعر المعروف حين رأى هشام بن عبد الملك الناس توسع له عند الحجر الأسود فسأله أحد القريبين منه من هذا فقال هشام لا أعرفه وهو يعرفه ، فقال الفرزدق أنا أعرفه فارتجل قائلاً :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته و البيت يعرفه و الحل و الحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقى النقي الطاهر العلم
هذا ابن فاطمةٍ إن كنت جاهله بجده أنبياء الله قد ختموا
و ليس قولك : من هذا ؟ بضائره العرب تعرف من أنكرت و العجم
كلتا يديه غياثٌ عم نفعهما يستوكفان و لا يعروهما عدم
سهل الخليقة لا تخشى بوادره يزينه اثنان حسن الخلق و الشيم
حمال أثقال أقوامٍ إذا افتدحوا حلو الشمائل تحلو عنده نعم
ما قال : لا ، قط إلا في تشهده لولا التشهد كانت لاءه نعم
إذا رأته قريشٌ قال قائلها إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
مشتقةٌ من رسول الله نبعته طابت مغارسه و الخيم و الشيم
لا ينقص العسر بسطاً من أكفهم سيان ذلك إن أثروا و إن عدموا
عباد الله / لقد جاء الحث على الصدقة عموما وجاء ترتب الفضل على إخفائها ؛ قال الله تعالى آمراً نبيه صلى الله عليه وسلم :( قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ). والمتأمل للنصوص التي جاءت آمرة بالصدقة مرغبة فيها يدرك ما للصدقة من الفضل الذي قد لا يصل إلى مثله غيرها من الأعمال ، حتى قال عمر رضي الله عنه: ( ذكر لي أن الأعمال تباهي، فتقول الصدقة: أنا أفضلكم ) صحيح الترغيب.فما ثمراتها وما فوائدها ؟ : أولى ثمراتها: أنها تطفىء غضب الله سبحانه وتعالى كما في قوله: ( إن صدقة السر تطفىء غضب الرب تبارك وتعالى ) صحيح الترغيب. ثانيها: أنها تمحو الخطيئة ، وتذهب نارها كما في قوله : ( والصدقة تطفىء الخطيئة كما تطفىء الماء النار ) صحيح الترغيب. ثالثها: أنها وقاية من النار كما في قوله : (فاتقوا النار، ولو بشق تمرة ). رابعها: أن المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة كما في حديث عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كل امرىء في ظل صدقته ، حتى يقضى بين الناس ). قال يزيد: ( فكان أبو مرثد لا يخطئه يوم إلا تصدق فيه بشيء ولو كعكة أو بصلة ) .خامسها: أن في الصدقة دواء للأمراض البدنية كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ( داووا مرضاكم بالصدقة ). يقول ابن شقيق: ( سمعت ابن المبارك وسأله رجل: عن قرحةٍ خرجت في ركبته منذ سبع سنين ، وقد عالجها بأنواع العلاج ، وسأل الأطباء فلم ينتفع به ، فقال: اذهب فأحفر بئراً في مكان حاجة إلى الماء ، فإني أرجو أن ينبع هناك عين ويمسك عنك الدم ، ففعل الرجل فبرأ ) صحيح الترغيب. وشفاء الأمراض بسبب الصدقة معروف مجرب والشواهد عليه من الواقع كثيرة معلومة . سادسها: أن فيها دواء للأمراض القلبية كما في قوله صلى الله عليه وسلم لمن شكى إليه قسوة قلبه: ( إذا إردت تليين قلبك فأطعم المسكين، وامسح على رأس اليتيم ) رواه أحمد. سابعها: أن الله يدفع بالصدقة أنواعاً من البلاء كما في وصية يحيى عليه السلام لبني إسرائيل:( وآمركم بالصدقة ، فإن مثل ذلك رجل أسره العدو فأوثقوا يده إلى عنقه ، وقدموه ليضربوا عنقه فقال: أنا أفتدي منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه منهم ) صحيح الجامع ، فالصدقة لها تأثير عجيب في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجرٍ أو ظالمٍ بل من كافر فإن الله تعالى يدفع بها أنواعاً من البلاء، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض مقرون به لأنهم قد جربوه. ثامنها: أن العبد إنما يصل حقيقة البر بالصدقة إذا تصدق بالأفضل والأجود كما جاء في قوله تعالى: ( لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ). تاسعها: أن المنفق يدعو له الملك كل يوم بخلاف الممسك وفي ذلك يقول :( ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً ، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً) أخرجاه في الصحيحين . عاشرها: أن صاحب الصدقة يبارك له في ماله كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله:(ما نقصت صدقة من مال ) رواه مسلم . الحادي عشر: أنه لا يبقى لصاحب المال من ماله إلا ما تصدق به كما في قوله تعالى: ( وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ ) . ولما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها عن الشاة التي ذبحوها ما بقى منها: قالت: ما بقى منها إلا كتفها. فقال: (بقي كلها غير كتفها ) رواه مسلم. الثاني عشر: أن الله يضاعف للمتصدق أجره كما في قوله عز وجل:( إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ). وقوله سبحانه: ( مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ). الثالث عشر: أن فيها انشراح الصدر ، وراحة القلب وطمأنينته ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثدييهما إلى تراقيهما فأما المنفق فلا ينفق إلا اتسعت أو فرت على جلده حتى يخفى أثره ، وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئاً إلا لزقت كل حلقة مكانها فهو يوسعها ولا تتسع ) خرجاه في الصحيحين ( فالمتصدق كلما تصدق بصدقة انشرح لها قلبه ، وانفسح بها صدره ، فهو بمنزلة اتساع تلك الجبة عليه ، فكلمَّا تصدَّق اتسع وانفسح وانشرح ، وقوي فرحه ، وعظم سروره ، ولو لم يكن في الصَّدقة إلا هذه الفائدة وحدها لكان العبدُ حقيقياً بالاستكثار منها والمبادرة إليها وقد قال تعالى: ( وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ). وقانا الله وإياكم شح نفوسنا وبارك الله لنا ولكم فيما سمعنا من القرآن والسنة ونفعنا وإياكم بما فيهم من المواعظ والحكمة وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
أما بعد فاتقوا الله عباد الله في الحال والمآل وأمسكوا الفضل من الأقوال وتصدقوا بالفضل من أموالكم . عباد الله : وتأتي الثمرة الرابعة عشرة من ثمرات الصدقة عامة وصدقة السر خاصة وهي : أنَّ المنفق إذا كان من العلماء فهو بأفضل المنازل عند الله كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنَّما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ، ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل.. ) الحديث. الخامسة عشرة: أنَّ العبد موفٍ بالعهد الذي بينه وبين الله ومتممٌ للصفقة التي عقدها معه متى ما بذل نفسه وماله في سبيل الله يشير إلى ذلك قوله جل وعلا: ( إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقتَلُونَ وَعداً عَلَيْهِ حَقّاً فِى التَّورَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالقُرءَانِ وَمَنْ أَوفَى بِعَهدِهِ مِنَ اللهِ فَاستَبشِرُواْ بِبَيعِكُمُ الَّذِى بَايَعتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظِيمُ ). السادسة عشرة: أنَّ الصدقة دليلٌ على صدق العبد وإيمانه كما في قوله صلى الله عليه وسلم :(والصدقة برهان ) رواه مسلم . السابعة عشرة: أنَّ الصدقة مطهرة للمال ، تخلصه من الدَّخن الذي يصيبه من جراء اللغو ، والحلف ، والكذب ، والغفلة فقد كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يوصي التَّجار بقوله: ( يا معشر التجار ، إنَّ هذا البيع يحضره اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة ) رواه أحمد والنسائي وابن ماجة، صحيح الجامع. ألا فاتقوا الله عباد واعلموا أن أبواب الخير كثيرة مشرعة فساهموا وابذلوا وتنافسوا واصدقوا وتصدقوا واعلموا أن ذلك يحتاج إلى جهاد ومصابرة ففيه مشقة والله سبحانه يقول:"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله مع المحسنين" واعلموا أن الصدقة لا تختص بالأغنياء ولا تختص بالأموال فقد سبق درهم مائة ألف درهم فالدرهم نصف مال المتصدق الأول والمائة ألف جزء قليل من أموال المتصدق الآخر ، وقد عد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنواعاً كثيرة من الصدقة ليست من المال فليراجع ذلك في مضانه وليتأمل هذا وصلوا وسلموا ....
|
| |