قالوا: توارى النجمُ واحتجبَ القَمَر..//..وأحاط بالإنسانِ في الدنيا الخَطَرْ
نَقَلَ الوَباءُ عن الوباءِ حكايةً..//..أدْلى بها الخنزيرُ والخبرُ انتشَرْ
خبرٌ تناقلَه الرُّواةُّ وأَسرفوا..//..حتى اشتكى من سوءِ ما نَقَلُوا الخَبَرْ
جرثومةٌ خَفِيَتْ، فما بَصُرَتْ بها..//..عينُ الرَّقيبِ، ولا أحاطَ بها النَّظَرْ
تسري - نعوذ بربِّنا من شرِّها -..//..سَرَيانَ نارٍ في (هَشيمِ المُحْتَظِرْ)
بدأتْ كأخفى ما تكونُ، بدايةً..//..كالنِّار مَبْدَؤُها الصغيرُ من الشَّرَرْ
قالوا: روى الخنزيرُ أوَّلَ قِصَّةٍ..//..عنها، وحين رأى عواقِبها اعتَذَرْ
لكنَّه لما رأى الدنيا التي..//..قامتْ ولم تَقْعُدْ، تَضَعْضَع واندحَرْ
ما زال مختفياً، تقول روايةٌ..//..ورواية أخرى تقولُ: قد انتَحَرْ
هل يشعر الخنزيرُ؟ أقسمَ تاجرٌ..//..مُتَمَرِّسٌ، لولا المصائبُ ما ظَهَرْ:
أنَّ الخنازيرَ الخبيثةَ كلَّها..//..كُتَلٌ من الإحساسِ بالغةُ الأَثَرْ
لولا المشاعرُ ما رأينا لَحْمَها..//..حَمَلَ الوباءَ، ولا به الشَّحْمُ انْصَهَرْ
من ها هنا بدأتْ حكايةُ تاجرٍ..//..لولا أعاصيرُ الوَباءِ لَمَا تَجَرْ
ما زال يُعْلِنُ عن دواءٍ ناجعٍ..//..يحمي ملايينَ العبادِ من الضَّرَرْ
ويطوف في الدنيا بكمَّاماتِه..//..حَتى يُزيلَ بها عن الناسِ الكَدَرْ
مَلأَ الفضاءَ ضَجيجُ إعلاناتِه..//..حتى تمكَّنَ في المشاعرِ واستَقَرّْ
وسَرَتْ حكايا الخنازير التي..//..صارت على الشاشاتِ تُزْعِجُ مَنْ نَظَرْ
سردوا عن الأسبابِ ألْفَ حكايةٍ..//..حتى أصابَ نفوسَنا منها الضَّجَرْ
قالوا، وقالوا، لم يقولوا مَرَّةً:..//..هذا قَضاءُ اللهِ فينا والقَدَرْ
يا ويحهم لعبَتْ بهم أُرْجُوحةٌ..//..مِنْ وَهْمهم، واستعذبُوا طَعْمَ الوَضَرْ
سلكتْ بهم أهواؤهم طُرُقَ الرَّدَى..//..فتعثَّروا - مسترشدينَ - بمن عَثَرْ
ما زال يسقط كلَّ يومٍ سائرٌ..//..حتى استعاذَ الدَّرْبُ واشتكتِ الحُفَرْ
قومٌ على الخمرِ الخبيثةِ أُنْشِئُوا..//..وعلى الخنازير التي تَهْوَى القَذَرْ
دَعْني من التضليل فيما حدَّثوا..//..ومن ادِّعاءاتِ التقدُّمِ والظَّفَرْ
هُمْ كالبهائمِ، كلَّما جاعوا، سَطَوا..//..حتى إذا شبعوا أصابهم البَطَرْ
هم كالذِّئابِ وكالكلابِ، وربَّما..//..كانوا - على حالِ التجمُّل - كالبَقَرْ
قالوا عن الخنزير عن أمراضهِ..//..عمَّنْ أصابَ من العبادِ ومَنْ عَقَرْ
وأَظنُّه، لو قالَ عنهم مرّةً..//..قَوْلاً، لحذَّرَ من (خَنازيرِ البَشَرْ)
لشاعر : عبدالرحمن العشماوي