08-05-09, 05:15 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | مشرف سابق
| الرتبة: | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Aug 2008 | العضوية: | 1293 | الاقامة: | بريدة | الجنس: | ذكر | المواضيع: | 1624 | الردود: | 5444 | جميع المشاركات: | 7,068 [+] | بمعدل : | 1.18 يوميا | تلقى » 2 اعجاب | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 121 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
مكتبة المجالس جبهة علماء الازهر... [ خنازير القلوب أشد فتكا]
(ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون) المؤمنون 76.
ماكان الله ليدع الظالم ينعم بظلمه كثيرا، أو يُمهل الباغي في بغيه على الزمان بكرة وأصيلا، فما أن يظن كل ظالم أنه نجح في مغالبة الأقدار ومعاندة الحقائق حتى ينذره الله بسوء العاقبة قبل أن يُستأصل ويُستحصد، (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) (آل عمران:179)
ما يكاد يمرعلى أهل الأرض يومٌ بغير نازلة آخذة،أو فاجعة في البر أو البحر حاصدة،أو كارثة لأشد منها ممهدة،وذلك من جرَّاء ما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا ، ففساد قلوب الناس وعقائدهم وأعمالهم يوقع الفساد في الأرض لامحالة ، ويملؤها برا، وبحرا، بهذا الفساد، ويجعله مسيطرا على أقدارها ،غالبا عليها، لايتم ذلك عبثا،ولا يقع في الكون مصادفة، إنما هو من تدبير الله جل جلاله وسننه" ليذيقهم بعض الذي عملوا" من الشر والفساد،حينما يكتوون بناره، ويتألمون لما يصيبهم منه" لعلهم يرجعون" فيعزمون على مقاومة الفساد، ويرجعون إلى الله وإلى العمل الصالح والمنهج القويم. (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم:41)
و إن في لزوم داء الصمت أمام مظاهر الفساد ومعالم الإفساد إيذان بطول أجل الانحراف في الحياة وفي الأحياء، ومنهم المظلومون؛ حتى يحل بالجميع العذاب الأليم عذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة .
سنة من سننه جل جلاله الماضية في خلقه (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (الاسراء:16) فإرادة الله تعالى قد جعلت للحياة البشرية نواميس لاتتخلف، وسننا لاتتبدل، وحين توجد الأسباب تتبعها النتائج ،فتنفذ إرادة الله وتتحقق كلمته (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (الأنعام:115) ( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها) ،قاعدة لا تتغير في الدنيا وفي الآخرة، قاعدة تجعل من عمل الإنسان قدرا مقدورا للنتائج المترتبة عليها .
إن الله تعالى يأمر بالطاعة فيعمل المترفون بالمعصية، ويأمر بالحق فيسير المترفون في الناس بالباطل لأنهم مترفون، لايعرفون للحق حرمة، ويأمرهم بالعدل فيمشون في الحياة بالظلم لأنهم مترفون لم يألفوا الإنكار أو يعرفوا على باطلهم الاستهجان من العامة، التي أسلمت لها قيادها، وهابوهم أن يأمروهم بالمعروف وينهوهم عن المنكر، فحق عليهم جميعا القول " فدمرناهم تدميرا" يقول صلى الله عليه وسلم "إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم أنت ظالم فقد تودع منهم"،وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها " أنهلك وفينا الصالحون؟ قال نعم إذا كثر الخبث"، فوجود المترفين الناعمين الذين ترهلت بالدعة والفحشاء قلوبهم، وأسنت بالرفاهية نفوسهم هو في ذاته السبب الذي من أجله سلطهم الله عليها ففسقوا، ولو أخذت العامة عليهم الطريق فلم تسمح لهم بالظهور فيها ما استحقت الهلاك ، وما سلط الله عليها من يفسق فيها ويفسد فيقودها إلى الهاوية .فوجود هؤلاء في ذاته دليل على أن الأمة قد تخلخل بناؤها،وسارت في طريق الانحلال،وأن قدر الله سيصيبها جزاءً وفاقا. فإن الإرادة الإلهية هنا ليست إرادة التوجيه القهري،ولكنها إرادة استقامة النتائج على وفق المقدمات.
وما أكثر صور الهلاك عند انتشار الخبث!!
فمن الفيروسات المتلمظة، إلى الإيدز الماحق، والأوبئة اللاهثة، (فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (العنكبوت:40)
ثم ياتي الوباء المقزز في طيِّه ونشره- انفلونزا الخنازير المركبة- وكأن البشرية هانت على ربها جل جلاله الذي بارزته بكل انواع البوائق في البر والبحر-المترفون بترفهم والجائعون بصمتهم- فسلط الله أخيراعلى الجميع وأنزل بهم مالم يكن منه جل جلاله في الظالمين المجرمين المتجبرين من قبل ؛أمثال فرعون وجنوده، فلم يعذبهم بمثل ماعذب به دول حضارات القرن الواحد والعشرين ونظمه الذين استباحوا الحرمات بأقبح الصور، وطاردوا المكارم بأفبح الوسائل، وحاصروا وأجاعوا المغلوبين ، وأحرقوا المستضعفين، وطاردوا الآمنين.
إن فرعون على جرائمه لم يبلغ في قبائحه مابلغه أدعياء حقوق الإنسان اليوم الذين استباحوا كل مُحَرَّم في المخدوعين، وانتهكوا كل مقدس من دماء وشرائع وأعراض الغافلين، لقد كان فرعون في جرائمه واضحاً (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (القصص:4)
فعوقب وقومه أولا بما قاله الله فيهم ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ) (الأعراف :133) ولما تمادي في بغيه عوقب بالتغريق (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) (القصص:40) لقد كان في جرائمه دون هؤلاء بكثير من رسل الديمقراطية الكاذبة، وأدعياء المدنية الخادعة الذين توسلوا للقبائح بكل جميل، وللجرائم بكل معسول من القول وزوره، فعُذِّب ومن معه على وفق ذنبه وذنوبهم بغير هذا العذاب الذي لم يعذب الله به من قبل أحداً من العالمين، "إنفلونزا الخنازير" فهذا هو قدر فراعين اليوم من الله الذي يملي للظالم بغير غفلة منه ولا نسيان، حتى إذا أخذه فإنه لن يفلته.(وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود:102)
وصدق الله العظيم : (وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)(الرعد : من الآية31).
إننا نرجو الجميع بعد أن نزل بالأمة أقبح نازلة – " انفلونزا الخنازير" أن يراجعوا على الحق، أنفسهم ويصححوا مع الدين مواقفهم، ومع الشعوب سياساتهم، ويراجعوا عند الله خالقهم سيرهم ونشاطهم، فإن انفلونزا خنازير القلوب التي نزلت بغيرنا من قبل لهي أشد فتكا من انفلونزا خنازير الحظائر والبيوت إن هي نزلت واستحكمت، وقد ظهرت بوادرها، واستعلنت معالمها، فسادٌ في القوانين، وانحرافٌ في الأخلاق، وميلٌ في كل شأن عن الجادة، ولقد أمهَلَنا القدر العالي كثيرا فما سمعنا على المستويات العليا متضرعا ولا رأينا منيبا ناصحا، (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً) (يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً) (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) (مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً) (نوح 10 : 13)
إن ويلات إنفلونزا خنازير القلوب التي يلبس أصحابها لنا لبوس الضأن وفي صدورهم قلوب الذئاب لَهي والله أشدُّ فتكا، والناس عنها غافلون، فهي المؤسِّسةُ لكل نازلة، والداعية لكل ماحقة، والمثمرة لكل نبت خبيث في الأمة، ومع هذا لانزال مشغولين بالبثرة عن الدُّمُل، وبآثار المرض عن أسبابه، إنها –انفلونزا خنازير القلوب- علة العلل، وهي ليست غريبة عنا، فقد عوقب بها من قبل الكثير من الملاعين المجرمين الذين حادُّوا الله ورسوله من قبل – كما يفعل الكثيرون اليوم - فصارت أفئدتهم هي أفئدة الخنازير وقلوبها (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) (المائدة:60) . وبذلك استوجبوا عقوبة الاستئصال بعد أن جعل الله منهم القردة والخنازير لأنهم أطاعوا في الناس وفي أنفسهم غير الله، فعبدوا الطاغوت الذي يعني السلطات الطاغية، والشخصيات المتجبرة، والأوضاع الجائرة التي تجاوزت كل حد في كل ميدان من ميادين الحياة ، عبدوها عبادة طاعة وخضوع، و حب وتوقير، بدلا من شرع الله الذي بدَّلوه كفرا وأحلوا قومهم بذلك دار البوار (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ) (ابراهيم 28 :29) أحبوا الانحراف وركنوا إليه في كل شأن من شؤونهم في ثقافاتهم، واقتصادهم، وقضائهم، وتعليمهم، وحربهم ،وسلمهم، فكان ذلك عبادتم إياه كما قال صلى الله عليه وسلم" وهل الإيمان إلا الحب والبغض"
وبذلك صاروا في الأمة شرا من اليهود والنصاري الذين ينقمون منها على الدوام عبادتنا لربنا في جميع شؤننا، (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (البروج:8)
يقول جل جلاله: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ) (المائدة:59) ثم يقول ( وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(المائدة:62)
فالإثم والعدوان طابع كل مجتمع حين يفسد؛ والمسارعة فيهما هو عمل هذه المجتمعات، إذ أن الإثم والعدوان في المجتمعات الهابطة الفاسدة لايقتصران على الأقوياء وذوي النفوذ؛ بل إنه يرتكبهما كذلك الضعفاء الغافلون الذين ينساقون في تيار الإثم طلبا للمنفعة الرخيصة، وإيثارا للفاني على الباقي، فيعتدي بغير نكير بعضهم على بعض ،ويعتدون مع غيرهم على حرمات الله التي هي في مثل تلك المجتمعات تمثل الحِمى المستباح الذي لا حارس له من حاكم ولا محكوم، فيسارعون جميعا في انتهاكه والاعتداء عليه وهم آمنون من مؤاخذة الحاكم أو نكيرالعلماء وغيرة الفقهاء القائمين على حماية الشريعة ، (لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْأِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (المائدة:63)
وتلك هي سمة المجتمعات التي استبد بها الفساد بفعل القوانين الفاسدة، والأحكام الجائرة، والسياسات الماكرة؛ التي تسترخص فيها الأرواح، وتستباح عندها الأقدار، وتبذل لها الحرمات، وبذلك يؤذنها القدر الأعلى بالسقوط والانهيار. أخرج ابن ماجة بسند حسن عن جابر ابن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال" كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم " ولمسلم من حديث هشام بن حكيم بن حزام " إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا " وتعذيب الناس يكون بإضاعة حقوقهم، وإهدار آدميتهم، واسترخاص أقدارهم، يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه" إنما أهلك من كان قبلكم أنهم مَنعوا الحق حتى اشتُري، وبسطوا الجور حتى افتُدي" وهل بَعُدَ شيء من هذا عن زعماء الشر اليوم ومن لُفَّ لفُّهم قِيد أنملة؟ .
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إنا جعلنا على قلوبهم أكنة ان يفقهوه وفي آذنهم وقرا )
(وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) (الكهف:59).
صدق الله العظيم (وقد خاب من افترى)
صدر عن جبهة علماء الأزهر في 9من جمادى الأولى 1430هـ الموافق 3 مايو 2009م
|
| |