04-02-09, 11:04 PM
|
المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو مؤسس وإداري سابق
| الرتبة: | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | Apr 2007 | العضوية: | 30 | الاقامة: | بوابـــة الوطـــن | الجنس: | ذكر | المواضيع: | 1582 | الردود: | 6938 | جميع المشاركات: | 8,520 [+] | بمعدل : | 1.32 يوميا | تلقى » 3 اعجاب | ارسل » 3 اعجاب | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | | نقاط التقييم: | 128 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى :
مجلس التاريخ و الأثار و الأماكن الامثال الشعبية الأمثال الشعبية
الأمثال الشعبية عصارة فكر الشعوب،
ودليل على بعدهم الفكري والثقافي،
وقوة الملاحظة والتدقيق،
والقدرة على استشراف المستقبل،
وتكثيف اللغة من خلال مقولة مختصرة تغني عن مؤلفات من الكتب،
ونحن عندما نورد مثل هذا المثل الشعبي نذكر من خلاله الى عمق التجربة وقوتها،
وندوّن للمتتبع لصفحتنا خلاصة الجهد عبر كلمات اصبحت مثلا يورد ويستشهد به في أحاديثنا اليومية
بالاضافة الى ابيات اخرى تعزز هذا المفهوم الذي نقوم بتوثيقه،
وأدب الأمثال يتعدى حدود هذا المبحث لأن للأدب مجالاً آخر.
فذلك يصحّ إذا كان المثل الشعبي أدباً وحسب.
ولكن المثل الشعبي في معظم الحالات ::
(تعبير عن نتاج تجربة شعبية طويلة تخلص إلى عبرة وحكمة،)
وتؤسس على هذه الخبرة للحضّ على سلوك معين، أو للتنبيه من سلوك معيّن.
والأمثال أشبه بالراوية الشعبية الذي يقصّ قصة موجزة فيسهم في تكوين وجدان الطفل حين يلقِّنه أركان الحكمة الشعبية ومعارج السلوك المستحبّة.
ومجموعة الأمثال الشعبيّة، على تنافر بعضها وبعض في كثير من الحالات،
تكوّن ملامح فكر شعبي ذي سمات ومعايير خاصّة.
فهي إذن جزء مهم من ملامح الشعب وقسماته وأسلوب عيشه ومعتقده ومعاييره الأخلاقية.
والمثل جملة مفيدة موجزة متوارثة شفاهةً من جيلٍ إلى جيل.
وهو جملةٌ محكَمة البناء بليغة العبارة، شائعة الاستعمال عند مختلف الطبقات.
وإذ يلخّص المثل قصة عناءٍ سابق وخبرة غابرة اختبرتها الجماعة فقد حظي عند الناس بثقة تامة،
فصدّقوه لأنه يهتدي في حلِّ مشكلة قائمة بخبرة مكتسبةٍ من مشكلة قديمة انتهت إلى عبرةٍ لا تُنسى.
وقد قيلت هذه العبرة في جملة موجزةٍ قد تغني عن رواية ما جرى.
ويدعو المثلُ الناسَ إلى التزام أحكامه إذ يُقال:::
«زي المثل واعمل».
وطمأن المثلُ الناس إلى أن الخبرة الشعبية لم تغفل أمراً::::
«ما خلّى المثل وما قال».
والمثل في قول الفارابي::::
( هو ما ترضاه العامة والخاصة في لفظه ومعناه حتى ابتذلوه فيما بينهم وقنعوا به في السرّاء والضراء، ووصلوا به إلى المطالب القصيّة، وهو أبلغ الحكمة لأن الناس لا يجتمعون على ناقص، )
ولذا فالمثل قيمة خلقية مصطلح على قبولها في شعبها.
وهو يمرّ قبل اعتماده وشيوعه في غربال معايير هذا الشعب،
وينمّ صراحةً أو ضمناً عن هذه المعايير على كل صعيدٍ وفي كل حال يتعاقب عليها الإنسان في حياته.
ويقول علماء في المثل إنه::
( ليس مجرد شكل من أشكال الفنون الشعبية.. وإنما هو عملٌ كلاميٌ يستحث قوةً ما على التحرك.)
ويعتقد قائل المثل أنه يؤثِّر أعظم الأثر في مسار الأمور وفي سلوك الناس.
فالمعنى والغاية يجتمعان في كل أمثال العالم وهي، وإن اختلفت في تركيب جملها أو في صلاحها أو مدلول حكمتها أو سخريتها، كتابٌ ضخم يتصفّح فيه القارىء أخلاق الأمة وعبقريتها وفطنتها وروحها.
أن علاقة الحكمة بالسلوك هي التي تجعل المثل تعبيراً من تعبيرات المجتمع عن روحه ومعتقداته ومعاييره وسلوكه،
فلا شك أن في هذا شأن آخر غير الأدب.
ولا بد من أن نلاحظ أن كثيراً من الأمثال لا تتفق، بل تتناقض،
لو وُضعت جنباً إلي جنب،
كمثل قولهم: «الجار للجار ولو جار»
وقولهم: «يا جاري إنت بحالك وأنا بحالي».
الأول يدعو إلي التضامن مع الجار في كل حال،
والثاني يدعو إلى الانصراف عنه.
ولو قلنا إن المثل خلاصة فكر الشعب وخزانة حكمته
لحقّ لنا القول إن هذا الفكر متناقضٌ إذ يجمع هذين المسلكين معاً.
غير أن التناقض هنا ليس سوى مظهر إباحة الاختصار.
فلو فُصّل المثلُ الأول فيه، إن الجار ملزمٌ أن ينجدَ جاره في مصيبته أو حاجته وأن يسارع إلى مواساته،
ولو بدا قبل ذلك من الجار سلوك جائر.
وأما المثل الثاني فلو فُصّل لقيل فيه: دع جارك وشأنه وانصرف إلى شأنك ولا تتدخل فيما لا يعنيك.
والحق أن المثلين لا يتناقضان لأن مواساة الجار والمسارعة إلى نجدته أمر يعنيك، ولا يضايق جارك، بل يسعده ,,,
ولكن واجب الجار حيال جاره لا يُطلق يده في كل شؤون هذا الجار.
وهذان المثلان يبيّنان أن الحكمة الشعبية ثرية ثراء لا يوصف،
إذ جعلت لكل حالٍ حكمة، ولكل احتمال عبرة.
ولكن إذا أشاد مثلٌ بالأب وجعله عمود العائلة وعمادها وناقضه مثل آخر يُعدُّ الأم ركيزة العائلة وحاضنتها
فليس لأن الفكر الشعبي متناقض،
بل لأن التجارب والحالات شديدة التنوع،
ولكل حالة وتجربة مثل.
ولو اقتصرت الأمثال على إظهار جزء من الخبرات الاجتماعية المتناقضة لما حق للدارسين أن يعدوا الأمثال صورة للفكر الشعبي وللتقاليد الاجتماعية،
ولكان ظهر جزء جزء من الصورة وخفي جزء.
ووظيفة الأمثال ليست قطعاً إظهار الشعب في مظهر منطقي متجانس أمام الدارسين.
بل الأمثال خزانة تراث تتراكم فيها صور الحياة وعبرها بكل تناقضاتها وتنوّعاتها.
والمثل الشعبي معبّر أصدق تعبير عن حياة الانسان فوق أرضه الممتدة من لبر ومن البحر ومن النهر ومن الصحراء إلى السهول ،
وسط بيئات مختلفة حسب التوضع الجغرافي،
فهناك البيئات، البحرية، الداخلية، الجبلية، والصحراوية، لذلك فإن التعدد والتنوع نتاج جغرافيا المكان والتطور التاريخي،
مما يؤدي في بعض الأحيان إلى تباين بالمفاهيم من منطقة إلى أخرى،
ولا يلغي هذا الاختلاف البسيط وحدة المفاهيم التي قام عليها المثل الشعبي
لأنه المرآة التي ترى ما بداخلها وتكشف ما حولها وكل ما يمت بصلة إليها.
ومن الأمثال ما تفرزه «حادثة» أو «حكاية»،
حيث تتلخص خبرة حياتية أو موقف في عبارة أو تعليق موجز.
وقد وجد المثل سبيله إلى البلاغة العربية فيما عرف باسم الاستعارة التمثيلية،
حيث يوحي بإجراء تشبيه بين حالتين::::
الحالة الراهنة التي يستعير فيها القول المتمثل به،
والحالة التي صدر عنها ذلك القول،
ويكون المثل إشارة موحية تتكىء على خبرة حياتية سابقة.
|
| |