ضغوط الحياة ومشكلاتها لا تنتهى، فالدنيا ليست دار قرار، بل هى دار ابتلاء واختبار، وحين نواجه هذه المشكلات بثقة فى الله تمر بسلام، إلا أن هناك من آثر الهروب من مشكلاته بعد أن سقط فى هوة اليأس والقنوط فكان الانتحار قي نظره هو الحل الوحيد.
وهذا التحقيق محاولة للوقوف على أسباب الانتحار ودوافع المنتحرين، وكيف نقى أبناءنا وشبابنا من الوقوع فى اليأس والقنوط.
ويفسر الدكتور محمود عبد الرحمن حمودة - أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، والحائز على جائزة الدولة فى الطب النفسى - ارتفاع نسبة محاولات الانتحار لدى السيدات قائلاً: إذا كانت السيدات أكثر فى محاولات الانتحار، إلا أن الرجال أكثر انتحارًا مقارنة بالسيدات بنسبة 3:1؛ لأن الوسائل التى ينفذ الرجال بها الانتحار عنيفة مقارنة بالوسائل التى يحاول بها السيدات الانتحار.
ويضيف: إذا كان الاضطراب النفسى الذى يوصل المريض لليأس وفقد الحيلة سببًا رئيسًا للانتحار، فإن هناك عوامل مصاحبة ومؤثرة فى حالات المنتحرين، فقد يكون سوء الحالة الصحية الجسمانية، ومعاناة الشخص من العديد من الأمراض الميئوس من شفائها، وكذلك الشعور بالوحدة من عوامل الانتحار، واعتقاد الشخص بأن الموت لا يختلف عن الحياة، فكلاهما وحدة وعزلة، وقد يكون ما يعانيه كبار السن من أمراض صحية ووحدة واكتئاب عاملاً مؤثرًا فى انتحار بعضهم.
يقول الدكتور عبد الصبور شاهين - الأستاذ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة: الانتحار يأس من روح الله ورحمته، والحق تبارك وتعالى يقول على لسان نبيه يعقوب (عليه السلام): {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}، فمهما كانت المشكلات التى تواجهنى عليّ أن أفزع إلى رحمة الله، وأعالج المشكلة بدلاً من الهروب منها، فالهروب جبن وضعف، والرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) يقول: «المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف».
ومن ثَمَّ لابد أن نجعل حياتنا فى يد الله لا فى يد الشيطان، ونتخلق بالصبر والرضا بقضاء الله، فهما يحميان الفرد من الوقوع فى حفرة اليأس.
{إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}، فالدنيا دار ابتلاء، وليست دار قرار، فعلينا أن نتزود منها بما يُصلح أمر أخرانا، لا أن نجعلها سببًا فى عذابنا بنار جهنم.
ويوصى كل مسلم بالإكثار من قول: «لا حول ولا قوة إلا بالله» ، و الاستغفار فالنبى (صلى الله عليه وسلم) يقول: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب»، فالله سبحانه قادر على تفريج الكربات مهما اشتدت.
وأختم كلامى بقوله (صلى الله عليه وسلم): «ما أصاب مسلمًا قط هم أو حزن فقال: اللهم إنى عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتى بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدلٌ فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته فى كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به فى علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبى، ونور صدرى، وجلاء حزنى، وذهاب همى، إلا أذهب الله همه، وأبدله مكان حزنه فرحًا».