مدار الشمس

مدار الشمس
برامج في مهب الريح
رشيد محمد الفريدي

هناك حكمة تقول (ليس المهم أن تعمل ما تحب.. بل أن تحب ما تعمل) وقد أمرنا ديننا الحنيف بإتقان العمل (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه).. وإذا أعدنا النظر في الوضع الراهن في شتى المجالات نجد أن مصدر المشاكل ونواحي القصور والخلل في أي مجال يعود إلى عدم إتقان العمل.. فالكثير يعمل لمجرد العمل فقط؟! وتجده يتذمر ويتهرب من عمل لأنه ليس لديه الرغبة في العمل أو بمعنى آخر لا يحب عمله.. وقد تكون أهم أسباب الفشل عدم وجود الضوابط المهنية والكفاءة في التخصص حيث تسند الأعمال إلى غير أهلها، وهذا أساس الخلل ومنبع المشكلة، ولو أخذ البرامج التلفزيونية كمثال وشاهد حي على التسيب وفوضوية العمل لكفى دليلاً قاطعاً.. فقد أصبح بمقدور أي شخص أن يستضاف ويبحر في التحليل السياسي وتحليل المباريات والأسهم وقد يفتي في أمور يجهلها؟! مما خلق في إعلامنا جواً ملوثاً من البرامج الهشة والهابطة ودخلنا في دوامة من الجدل العقيم حتى أصبح البعض نماذج مكررة (للاتجاه المعاكس)؟!!
نماذج مخجلة
لو أخذنا البرامج الشعبية التي كتبت من أجلها هذا المقال ولأنني ضد من يكتب في غير مجاله (وجهة نظر شخصية) لرأينا الكثير من البرامج التي فشلت لأن أساسها غير صحيح، فكيف ينجح برنامج ومقدمه أو مقدمته لا يمتلك الواحد منهم الموهبة ولا حتى الحد الأدنى من أساسيات المهنة؟ وها نحن نرى ونسمع برامج لا يجيد مقدمها إلقاء القصيدة بالشكل الصحيح.. وهناك أوضاع مخجلة حيث لا تجيد مقدمة البرنامج (اللهجة الخليجية أصلاً)؟!!
أمنية
أمنيتي.. أن نرى ونسمع برامج ترتقي بذائقة المتلقي وتحترم عقلية المشاهد، وأخص تلفزيوننا الحبيب الذي أصبحت برامجه الشعبية في هب الريح رغم وجود الكوادر والمبدعين في خدمة الموروث الشعبي والذين يمتلكون كل مقومات الإبداع والنجاح.. والمطلوب من القائمين على الإعلام إعطاؤهم الفرصة والوقت المناسب حتى لا تصبح برامجنا الشعبية تقليدية ورتيبة تحاصرها الشروط ويهدد فقراتها مقص الرقيب؟!
وتذاع في الأوقات الميتة.. وفي نفس الوقت نجد أن المجال أصبح مفتوحاً لكل مبدع خصوصاً بعد وجود القنوات الفضائية التي أشعلت نار التنافس وأملنا كبير بالله ثم بالقائمين على البرامج الشعبية أن يعيدوا للشعر هيبته ولبرامجه التألق ويكفي ما نحن فيه يا تلفزيوننا الحبيب؟!!
وها نحن نشاهد بعض البرامج الشعبية التي هي أبعد ما يكون عن الشعر ليجد مشاهدها نفسه يردد بعد كل حلقة وهو يصفق بيديه المثل المشهور:
(اللّي ما يعرف الصقر يشويه)
ولكم صادق الود

مدار الشمس
تضاريس الحياة..
رشيد محمد الفريدي

بداية: لأمير الشعر خالد الفيصل:

من بادي الوقت.. هذا طبع الأيامي

عذبات الأيام ما تمدي لياليها

ليا صفالك زمانك عل يا ضامي

اشرب قبل لا يحوس الطين صافيها

تظل الأيام.. أرجوحة العمر.. والحياة مسافة ما بين قوسين تبدأ بصرخة البراءة ورؤية النور وتنتهي بسكرة الموت.

ويتخلل هذه المسافة ذات التضاريس الصعبة والأحوال المتقلبة ما بين (عجاج الوقت) و(عذبات الأيام) وهي محفوفة بالمخاطر والأحداث المثيرة وتمر بنا في أجواء صافية وأماكن جميلة ولحظات لا تُنسى أشبه ما تكون بالواحة الخضراء في قلب الصحراء.

والحقيقة التي يجب علينا مواجهتها والرضاء بها (أن دوام الحال من المحال) لذلك لا نقضي العمر بالتمني والوجد على ما فات وعلى قول المثل الشهير (لا تبكِ على اللبن المراق) ففي كلتا الحالتين يجب ألا ننظر إلى الوراء ولنعلم (أن ما أخطأنا لم يكن ليصيبنا وما أصابنا لم يكن ليخطئنا) وأن نشكر في السراء ونصبر في الضراء لنكسب رضا ربنا في الحالين.

إن من ينظر إلى الحياة بنظرة التشاؤم والقنوط يقتل نفسه ويزعج من حوله بنظرته السوداوية ويرقب العالم من ثقب إبرة.

وعلينا أن نستمتع بالأيام الربيعية واللحظات السعيدة وفي نفس الوقت نحترم بالعزيمة ونتسلح بالصبر والإرادة يحدونا الأمل وحسن الظن بالله. ونطبق مبدأ (تفاءلوا بالخير تجدوه). ونحفظ قول الشاعر (كن جميلاً ترى الوجود جميلاً).

مراحل العمر

مهما طالت مسافة العمر في مراحلها الثلاث

(الطفولة - الشباب - الهرم)

تكون المرحلة الأولى جميلة والثانية أجمل ويبهت طعم ولون الحياة في المرحلة الثالثة وكما أن الشاب يحن للطفولة فإن المسن يتمنى مرحلة الشباب (ألا ليت الشباب يعود يوماً).

وخلال هذه المراحل التي تشبه مراحل الدراسة ولكن دروسها أصدق وأقسى يصعب نسيانها ولا نطبق (تعاميم) التربية والتعليم عليها، ولو سألنا كبار السن عن تجاربهم خلال قطعهم لتلك التضاريس الشاقة لعرفنا قيمة الوقت ومعنى الحياة.

حكمة المدار..

للشاعر العملاق والحكيم: رشدي الزلامي

أول حياة الفتى مشوار وعساسه

مسافة في عجاج الوقت يقطعها

وثاني حياة الفتى تدريب ودراسه

تصعب ظروف الحياة وينشغل معها

وثالث حياة الفتى يرجع على ساسه

والنقطه اللي بدا منها يراجعها

يا صل لسان الهرم ويضيع الطاسه

ويزحف مع الأرض ويخطط شوارعها

وليا تراخت متونه وانحنى راسه

ضيّع جميع العلوم اللي مجمعها

ولكم صادق الود

مدار الشمس
وصيّة سجين
رشيد الفريدي

إن المعاني الصادقة لا تحتاج إلى مقدمات.. لأنها تدلف إلى القلب بلا استئذان.. وتكون الصورة أكثر تأثيراً إذا نبعت من معاناة, عندها لا يملك من به ذرة من رحمة وإيمان إلا أن تهتز مشاعره وتخنقه العبرة.. بل تغرق عيناه بالدموع عندما يسمع الشعر الحقيقي.. ومن لم يصدقني عليه أن يقرأ هذا البوح الموجع لشاعر سجين يقبع منذ ست سنوات بسجن لا يمون.. بولاية كلورادو الأمريكية وقد كتب هذه القصيدة المبكية يصف حاله وشوقه ولهفته على والدته المكلومة والتي تنتظر عودته في رمضان الماضي عام 1427 هـ.

سادس سنة في ديرة الغرب مسجون

سجن الغثى.. والبهذله.. والأذيّه

سجّانهم قلبه من الكره مشحون

عنده حياتي.. أو مماتي سويّه

هذا رمضان اقبل وأنا فيه محزون

يا رب هوّن مشكلاتي عليّه

وسط السجن ما به معي من يصومون

مسلم.. ومن حولي وجيه أجنبيّه

دايم حزين.. وضايق الصدر مغبون

مليّت من جو السجن والأسيّه

يمّه كفايه.. وقت الإفطار تبكون

تبكون (نايف) مالكم مقدريّه

ودّي يا يمه بينكم بس وشلون؟

ودّي بتمره من يدينك هنيّه

يمّه فطوري خالي الطعم واللون

مشتاق (للمرقوق) والمحلبيّه

مشتاق للمسجد مع اللّي يصلون

اصلي الأوقات صبح وعشيّه

ودّي معي في ليلة القدر تدعون

ينفك قيد اللّي حياته شقيه

يا الله يا رحمن يا خالق الكون

تغفر لعبدك كل ذنب وخطيّه

وصيتي تكفون لا مت مدفون

في دار أبومتعب ديار الحميّه

نسأل الله الذي رد يوسف لأبيه وموسى لأمه وهم من أنبيائه أن يرد (نايف) إلى وطنه ويسعد قلب والدته برجوعه.

خروج عن النص:

للشاعر هجاج الوسوس

صحيح ما جربت أنا سكرة الموت

لكن عوضها.. سكرة فراق غالي

ولكم صادق الود.

مدار الشمس
الصياهد..والحدث المميز
رشيد الفريدي

كنت ممن تشرف بحضور مهرجان نوفا.. وكان من حسن الحظ أنني أتيت مبكراً.. وعايشت مرحلة الاستعدادات والتجهيز قبل الموعد الرسمي للحفل الختامي.. ورأيت بنفسي الجهود الجبارة والمتواصلة التي يبذلها القائمون على الحفل وعلى رأسهم صاحب السمو الأمير سلطان بن محمد.. وقد كانت هذه المناسبة من المناسبات التي تبقى في الذاكرة والتي حققت نتائج وأهدافاً مشرفة وآتت ثمارها..

وقد رافقها هالة إعلامية ضخمة من جميع وسائل الإعلام التي بلغت ما يقارب 27 وسيلة إعلامية ما بين مقروءة ومسموعة ومرئية، والتي قدمت صورة واضحة تعكس مدى الحضور الإعلامي والجماهيري لهذا الحدث الأصيل والموروث الغالي.

مزايا وصفات...

لقد أنعم الله على سمو الأمير سلطان بن سعود الكبير بصفات ومزايا.. تأسر قلوب كل من عرفوه.. وتعاملوا معه عن قرب ولعل من أبرزها.. صفة التواضع.. ولين الجانب ورحابة الصدر ولعل إخواني الإعلاميين بالذات أكثر من رأى ذلك عن قرب، خصوصاً الذين عايشوا بداية المهرجان، حيث كان يتواجد في كل الأماكن ويقف بنفسه على سير العمل، كما أنه يمتاز بسرعة البديهة وحسن الإدارة، حيث يشرف ويتابع من خلال أجهزة الاتصال اللاسلكية في الموقع إضافة إلى الهاتف ويحل المشكلات التي تواجه المشرفين على مواقع الحفل، وكان يمازح ويلاطف من يقابلهم ويكرر الترحيب.. ومن تلك العبارات الخالدة قوله أثناء تجهيز موقع الحفل.. (شعارنا النخيل والإبل) وكان حسن ذاته أنه شرّف كل من دعاه بالزيارة حسب ما يسمح به وقته.. حيث قام بزيارة أغلب أصحاب الإبل بمواقعهم.

(أم المسابقات)

في أحد اللقاءات على هامش مهرجان نوفا.. مع الأمير الشاعر عبدالعزيز الكبير (السامر) في قناة الساحة ومن هذه المسابقة (بأم المسابقات) وبالفعل كانت هذه المسابقة ثمرة الاثنتي عشرة سنة الماضية لمراحل المسابقة الأربع والتي اختتمت في هذا المهرجان الختامي الذي أذهل الجميع ونال الإعجاب وفاق التوقعات وحقق نتائج مدهشة.

آخر المدار

بيض الله وجه أبونايف على طيب المساعي

أشهد إنه شجع الموروث وأمجاد الأصالة

عشت يا سلطان بن شقران يالشيخ الشجاعي

صيرمي في حبال الطيب راهية حباله

مدار الشمس
رشيد الفريدي
كبوة جواد..

ياليتني.. لا طحت.. لا طحت.. لا طحت

ما أطيح عند اللي يسره مطيحي

كثيراً.. ما أردد هذا البيت للشاعر والصديق - عاقل الزيد - رحمه الله - ذلك الإنسان المسكون بالشعر والصدق والبياض.

ولطالما تخيلت هذه الصورة المؤثرة والوضع المؤلم.

ولأن الخطأ من صفات النفس البشرية.. ولا شك أننا لا نرضى أن نعيش تلك الحال، وتجدنا نردد مقولة (اللهم لا شماتة) عندما تحل مصيبة أو يتعثر شخص لا يهمنا أمره ولا يعني خطأه لنا شيئاً.

ولكن أقسى تلك الحالات أن يسقط أحدنا - لا سمح الله - بين من يسرهم سقوطنا ويشمتون بنا ويحاصروننا بنظرات التشفي لما حل بنا.

ولا شك أن هذه الصفة الذميمة يتصف بها أولئك الأوباش الذين لا يمتلكون الحد الأدنى من صفات الرجولة والشهامة والإنسانية وهم أصحاب قلوب سوداء تفوح برائحة الحسد والحقد.. أبعد الله ديارهم.

موقف وأبيات

ما أجمل أن نقابل الإساءة بالإحسان والخطأ بالمغفرة وأن نجد العذر للعزيزين على قلوبنا من أصدقاء أو أقارب.. أجل يا أحبتي عندما نفرد أضلاعنا وتتسع صدورنا لمن أخطأ بحقنا ونعتبر خطأه (كبوة جواد) عندها يتجول الكره إلى حب والجفاء إلى ود والخصام إلى محبة ووئام ويعلم الله أنني عشت هذه اللحظات التي لا تُنسى عندما كبحت جماح غضبي وأوجدت العذر لصديق عزيز كان خطأه كالشمس في رابعة النهار فأرسلت له هذه الأبيات (رسالة جوال) وجاءني معتذراً عما بدر منه.. أدام الله الوفاء والمحبة بين الأصدقاء وليكن بعلمكم أنني قد استأذنت صديقي الغالي بنشر هذه الأبيات التي علمتني أن العفو والتسامح صفة في غاية الروعة والجمال؛ وإليكم هذه المشاعر التي أزالت جروح الخطأ وأعادت لي صديقي العزيز:

صديت عنها وانا اشوف الخطا واضح

واجب عليَّ الصداقة غصب اقدرها

انا اشهد ان اللسان يبين الناضح

ومظاهر الناس تكشف لك مخابرها

من شان غالين ماني للخطا فاضح

اخطاء العزيزين من طبعي ما ادورها

طبع الرجاجيل مع طول المدى ياضح

وكسر الخواطر طبيب الوقت يجبرها

ولكم صادق الود.

مدار الشمس
وجهة نظر
رشيد الفريدي

حقيقة: للأمير خالد الفيصل:

كل رجلٍ في حياته له ميول

والهواية تمتلك رجَّالها

لا أعتقد أن العنصرية تقتصر على الانتماءات العرقية والأصول القبلية.. بل إن هناك آراء متطرفة تفوح بالعنصرية الممقوتة والأفكار المتورمة تحمل العبارات الحادة والمعاني الغامضة ذات المقاصد المشبوهة دون إيجاد حلول للمشاكل أو القضاء على السلبيات.

لماذا هذا الهجوم؟!!

إنني استغرب الهجوم القاسي والحملة الشرسة على مهرجانات (مزاين الإبل) بهذا القدر وبهذه الطريقة مع العلم أن هذه الفكرة بدأت بدعم ومباركة من ولاة الأمر أعزهم الله وتخصيص جائزة المؤسس في مهرجان سنوي يقام (بأم رقيبة) ثم تلاها مكرمة تمثلت في مسابقة (نوفا) لمزاين الإبل وقد فتح ولاة الأمر باب التنافس الشريف حسب شروط وضوابط مما اضفى على هذه المهرجانات جانب الشمولية لعدة جوانب: منها الثقافية والتوعوية والتراثية والتجارية ونلاحظ أنه في كل ملتقى تتضح الصورة وتتحقق أهداف رائعة ويتدارك الكثير من السلبيات والأخطاء.

ومع ذلك هناك من حاول تشويه الأشياء الجميلة والتعامي عنها وعمد إلى تضخيم السلبيات وأصبح نذير شؤم باندلاع داحس والغبرا كما يدعي؟! بل وصل الأمر بالبعض إلى التشكيك بالولاء للوطن وولاة الأمر أعزهم الله وأدامهم والبعض اعتبر هذه المشاعر الصادقة والثناء على رموز الدولة نوع من التزلف والنفاق والتسول؟!!

وإنني على يقين أن كل الأحداث أعطت صدق الأدلة على وفاء هذا الشعب العظيم وتماسكه.. ولنا الفخر والاعتزاز بهذا الوطن الغالي وهذا الموروث الأصيل في ظل آل سعود الذين كان لهم الفضل العظيم بعد الله على لم شتات القلوب والقضاء على حقبة الجهل والظلام، وإقامة الشرع والعدل.

آخر المدار

صورة معبرة للشاعر لهاب الوسيدي

تختصر الكثير من المشاعر وتجيب على الأسئلة وتلجم ألسنة من يحاول الاصطياد بالماء العكر:

هاماتنا ما تخضع الا خوف لله وابتهال

ولا البشر مهما يكون الأمر ما نلجالها

الا ولي الأمر له طاعة علينا وامتثال

حسب الحدود اللي شرعها وسخرنالها

ولياهبط سعر الذهب والنفط وانهار الريال

تبقى كرامتنا ما ينقص شي من مكيالها

لانّا منوّل ما بنيناها على جرف هيال

على العقيده والرجولة مبرمين حبالها

واكبر دليل أنا رجاجيلٍ على الدنيا ثقال

ومهما تقول الناس لا يمكن نطيع اقوالها

ولكم صادق الود

مدار الشمس
أم الحويّر
رشيد الفريدي

الرأي الآخر.. صوت يعجبني.. وأحرص على قراءته بكل تفاصيله لأنه صوت الضمير الحي والعقل المحايد ولأنه شاهد إثبات لسماع الطرف الآخر ومعرفة نبض المشاعر بعيداً عن المجاملة.. وقد أعجبني بالفعل رأي الأخ (عبدالله سليمان العمار) تحت عنوان (الأساليب المتقاربة) حيث تحدث عن مشكلة حقيقية تتمثل بالتكرار الممل والرتابة في الصور الشعرية المعقدة تحت رداء الحداثة التي شوهت وجه الشعر الجميل والأصيل، وعلى قول صاحبي عبدالله أصبح (الوقت يتنحنح)! و(الشارع يصفّر)! وأصبح (للقلب جفون) و(للشمس رصيف) و(بنا نجم سهيل خيمة)..

وأعتقد أن ظاهرة التقليد ومحاولة التجديد بالخروج عن المألوف أحد أهم أسباب هذا التدهور، ولعل من الأدلة القاطعة على هشاشة هذا الأسلوب أنه من النادر أن تجد من يتغنى أو يحفظ أو حتى يستشهد بنصوص الحداثة لأنها قشور مشاعر واكسسوارات شاعر وفلسفة لا تمت للواقع بأي صلة.

الوجه الحقيقي..

إليكم هذه الصورة الحقيقية لصوت شاعر صادق الإحساس بسيط العبارة.. عذب الأسلوب.. صوت من نجد يحمل إحساساً مرهفاً يفوح بالخزامى في ليلة مقمرة من ليالي نجد.. يصف لنا حالة الوله والشوق بأقوى عاطفة في صورة في منتهى الروعة والجمال. أترككم مع هذا النص الذي أثق أن الكثير منكم سوف يقص هذا المقال من أجل هذه الأبيات البعيدة كل البعد عن الحداثة للشاعر عبدالله بن زايد المويس (المطيري).

يا عشيري ترى ماني عليك متغيّر

دام روحي يا روحي باقيه في جسدها

ابا اعلّمك بالعلم الصحيح القصير

هرجة ما تصير بصالحك ما اعتمدها

لو يقولون عذالي تراه متطيّر

من لقى سلعة جازت لروحه حمدها

والله اني عليك اشفق من (ام الحوير)

باول ولادها قدام يجدل ولدها

ما تداني تبعّد عنه دامه صغيّر

لو يخلونها اهلها سرت به وحدها

وان درع في قوايمها وطاح متصيّر

وخرت رجلها ولا رفعت عنه يدها

ذي محبتك بالمكشوف وانت متغيّر

سكّر ابوابها ولا تبيّن وزدها

ولكم صادق الود.

مدار الشمس
أي خدمة.. وأي حاجة؟!
رشيد محمد الفريدي

عبارة اعتادت عليها أسماعنا.. وأصبحت على لسان أناس ليسوا بكفء لها.. حيث يغيبون عندما نحتاج اليهم ولا يبقى لنا إلا تلك المعادن النقية من العملات النادرة والشيكات المصدقة.. أما من اتخذ هذه العبارة عادة يتشدق بها وهو لا يدرك معناها، ولا تحتمل اكتافه الهشة مسؤولية حماية موقفه وكلمته.. حيث يذوب كما يذوب الملح في الماء وهذه لاشك سجية في بعض البشر جبلوا عليها وهي حقيقة شهد عليها الزمن وصدق الشاعر العربي عندما قال:

وما أكثر الأصحاب حين تعدهم

ولكنهم في النائبات قليل

وعلى نفس المعنى يقول الشاعر الكبير بدر الحويفي:

لا زلت الفزعة عن الماقف الحار

وقت الرخاء كل عقيدٍ برايه

وتظل التجارب والمواقف الصعبة هي المحك الحقيقي لمعادن الرجال ويظهر لنا الذهب والنحاس.. وعلينا الا نخدع ببرق الزنك والقصدير..
آخر المدار
أبيات من قصيدة للشاعر الجزل سعد بن جدلان:

ياالله المعبود قاضي كل حاجه

ان تلحقني بها الدنيا مرادي

وين صدقان الرخاء قوم اللجاجه

من كلام العام غاشيهم سوادي

فيهم اللي قال خدمه وأي حاجه

ثم عجز يا في بها عند الوكادي

لا تمدح وانت تكذب يا دجاجه

ثم تلقى واحد حاديه حادي

مدار الشمس
شاعر من ورق
رشيد الفريدي

عند الحديث عن الشعر والشعراء بصورة مباشرة أو غير مباشرة ترد عبارات وصفية على ألسنة النقاد والشعراء في وصف الشاعر وتكون على وجهين أولهما صيغة مدح فيقال (شاعر مطبوع) وثانيهما نقيض لها فيقال شاعر (مصنوع) والفرق بينهما أبعد ما بين الثرى والثريا.

المصنوع.. والمطبوع

* الشاعر المطبوع.. هو شاعر بالفطرة تنبع شاعريته عن موهبة حقيقية وتخرج قصائده على السجية.. فهي سلسلة الأسلوب.. تنساب كقطرات الندى.. ولها عذوبة المطر.. وأهم مزايا الشاعر المطبوع أنه لا يتصنع المواقف بشاعريته فقصيدته شعور صادق نتج عن مؤثر أدى إلى ردة فعل عكسي لذلك تأتيه القصيدة بلا موعد وتدخل بلا استئذان.

* الشاعر المصنوع: شاعر تقليدي (قصّاد) يمتلك الوسيلة والأداة ولا يمتلك الموهبة.. تمر قصيدته مرور الكرام ولا تحرك ساكنا لأنها مجرد عبارات مرصوفة يحكمها (سياج) الوزن والقافية ومن أبرز عيوب الشاعر المصنوع أن القارئ أو المستمع يملّ قصيدته من أول بيت فهي عديمة اللون والطعم.. باهتة المعنى.. باردة الشعور. وثقيلة الدم. كما أن الشاعر المصنوع يكتب متى ما أراد؟! حيث إن هاجسه الصناعي (يعمل على مدار الساعة) وعلى أهبة الاستعداد لطباعة آلاف الأحرف لأنها حبر بلا مشاعر.

مشكلة وحل

لعل من أهم العقبات التي تواجه الشاعر (المصنوع) هي عدم قبول الناس لما يقدم وبرود مشاعرهم تجاه (مشاعره المصطنعة) ولذلك يضطر إلى ترويج سلعته الكاسدة من خلال (حملة دعائية) تقودها أيدٍ خفية وتدعمها رابطة الشللية وهدفها تكثيف الضوء من خلال وسائل الإعلام بالإضافة إلى استخدام الشاعر أساليب ملفتة للنظر تكمن في كسر حواجز الأدب والذوق ومخالفة المألوف وتجاوز الخطوط الحمراء من أجل التشبث بالبقاء ولكن يظل عمر الشاعر المصنوع قصير جدا.. ولا يعدو كونه فقاعة صابون لأنه شاعر مصنوع من ورق.

خروج خاص

للشاعر المحترف.. لافي الغيداني:

ما لي الاّ اضرب على اكثر علاقاتي صليب

ويش ابا في رفقة حبلها في رخوه

مانبى إلا رفقة الطيب فاليوم العصيب

ما هيب رفقة مفاطيح وهروج سعوه

ولكم صادق الود

مدار الشمس
مملكة السلام.. ومنبع الإسلام
رشيد الفريدي

بداية من أعماقي:

الأرض كوكب وفيها المملكة دُرَّهْ

ونور الكواكب نبع من دار أخو نوره

الدوله اللي بقت لعيوننا قره

بالدين والعدل والإحسان معموره

أجل.. المملكة درة تتلألأ في جبين كوكب الأرض.. حباها الله بأعظم المزايا والصفات حيث تحتضن قبلة المسلمين ومركز الكون.. ومهوى الأفئدة ومنها انطلقت رسالة السلام وشعَّ نور الإسلام، حمل لواءه سيد البشر وصفوة الخلق وخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم.. الذي بلَّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

مهمة التشريف وأمانة التكليف

اقتضت حكمة الله أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين و تكفل جلَّ وعلا بحفظ كتابه العظيم حيث قيَّض لهذا الدين الحنيف رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. وكان من فضله ورحمته أن سخَّر هذه الأسرة المباركة بقيام دولة آل سعود التي أسست قواعدها على الشريعة الإسلامية ورفعة راية التوحيد فقامت على الكتاب والسنة وكان ذلك على يد المؤسس والباني الإمام الموحد الملك عبدالعزيز - طيَّب الله ثراه - وسار أبناؤه من بعده على نهجه وحققوا حلمه وحفظوا وصيته، وها هو خادم الحرمين الشريفين - أطال الله عمره وأدام عزَّه - يرسم أصدق الصور ويجسد أسمى المعاني في إقامة الحدود وحماية المقدسات وخدمة ضيوف الرحمن الذين يتجاوز عددهم سنوياً المليون ونصف المليون يجمعهم صعيدٌ واحدٌ.. حيث سخَّرت الدولة من أجلهم كافات الإمكانيات وبذلت الجهود الجبارة لحفظ أمنهم وتوفير الراحة بكافة وسائلها، وهي صورة تتكرر في كل عام لاستضافة أعظم وأكرم حشد بشري يؤدي فيه وفود الرحمن الركن الخامس جمعتهم رابطة العقيدة وقدسية المكان الطاهر وتساوى في ذلك الموقف الأسياد والسادة والأغنياء والفقراء وحَّدهم بياض لباسهم ونقاء قلوبهم التي جمعتها رابطة العقيد وكلمة التوحيد، وهي لا شك رسالة خالدة وإجابة بليغة وحجة دامغة إلى مَنْ يدَّعون العدل والإنصاف في أممهم المتحدة وهيئاتهم التي تعقد مؤتمراتها في قاعات مغلقة تحمل شعارات زائفة وقوانين ظالمة ويتشدقون بالعدل والمساواة وهم أبعد ما يكونون عنها.. وأعطوا لأنفسهم حق التدخل بشؤون الآخرين والوصاية عليهم.. فالحج هو المؤتمر العالمي السنوي الذي يجسد معاني العدل والمساواة ويلجم مَنْ يتهمنا بالعنصرية والإرهاب والتطرف.

ولكم صادق الود