بداية مثيرة: (الإرهاب والمخدرات وجهان لعملة واحدة)؟!
عزيزي القارئ من مبدأ أن وجهة نظري (صواب يحتمل الخطأ)، أعتقد جازماً بأن هناك تشابها كبيرا وعلاقة وثيقة بين الإرهاب والمخدرات للمبررات الآتية:
أولاً: لا شك أن ما بني على باطل فهو باطل.. ومن حكمة الله أنه جعل (النجدين) وهما طريقا الخير والشر، وجعل نهاية الأول السعادة والجنة ونهاية الثاني الشقاء والنار.
ولعل أكثر الأمثلة وضوحاً على طريق الشر والضلال ما يسمى (القاعدة) وهي (بؤرة للشر والفتنة والضلال)، حيث إنها (قاعدة الفكر الضال) وهي أشبه بتلك النباتات السامة التي توجد (بذورها الشريرة) بصورة طبيعية ويصنع منها أخطر وأشهر أنواع المخدرات، وتنبت في أماكن مختلفة من العالم ومن أكثرها انتشاراً (نبات الخشخاش) و(القنب الهندي). فبداية الإرهاب (فكرة) وبداية النبات السام (بذرة).
ثانياً: يشترك كل من قادة الإرهاب وتجار المخدرات في تكوين (مافيا) تتمثل في عصابات منظمة تستخدم أسماء حركية يديرها أشرار يمتهنون التلون والاختفاء ويسكنون الأماكن المشبوهة بعيداً عن أعين الناس، ولكل من النظامين أهدافه المدمرة التي تنشر الفساد في الأرض وتهدم الأسر والمجتمعات.
ثالثاً: يتفق رؤوس الشر على أن (الغاية تبرر الوسيلة) كما يستهدفون شريحة معينة غالبيتها من الشباب العاطلين، والمنقطعين عن التعليم وعندما يحكمون السيطرة على (الضحية) يصبح أداة لتنفيذ الأوامر دون تفكير أو تردد. ولا غرابة أن يقيد (المنتحر) بسيارة مفخخة أو يحمل حزاما ناسفا، بل يصل الأمر إلى أن يتم (حشو) أمعائه بكمية من (المخدرات) أو (المتفجرات)؟!!
وتكون النهاية المأساوية.. جريمة لا يعاقب عليها النظام؟؟! هي (الانتحار)
قصة طريفة ومداعبة خفيفة، نقية المعنى، قوية المبنى تجسد لنا الوجه الجميل واللون الأصيل لفن المحاورة.. وتظهر لنا موهبة (الفتل والنقض) والقدرة على مقابلة الحجة بالحجة في شعر المحاورة.
أبطال هذه القصة الشاعر علي بن عبد الرحمن (أبو ماجد) من أهالي عنيزة وصديقه الشاعر فلاح العتيبي حيث تقابلا بعد فترة غياب طويلة وسأل فلاح صديقه أبو ماجد عن عدم زواجه بعد أن عرف أنه يعيش حياة العزوبية.. فأخبره بأن ظروفه المالية لا تساعده على ذلك.. وعندها استغل الوضع فقال اسمع يا أبو ماجد.. وجرت بينهما هذه المحاورة الجميلة:
فلاح العتيبي
يا بو ماجد كيف تقعد بالمحل عزوبي
ما تدورلك هفوف تعجب المزاحي
أبو ماجد
والله أني ما اشكي إلا من مخابي ثوبي
ما معي ما يكفي المجنون دون الصاحي
فلاح العتيبي
لو نهبته لا لقيته يلعب الرعبوبي
تنهبه من عند ربعه لو يصيح صياحي
أبو ماجد
كيف اسوي لا نهبته والعرب دريوبي
والحكومه تذبح اللي يسرق التفاحي
والمحاورة بينهما أطول من ذلك ولكن هذه نبذة مختصرة عن جمال المحاورة التي تعرضت هي الأخرى في الفترة الأخيرة إلى إعصار مدمر.. شوَّه هذا الفن حيث خف المعنى واستبدل بالحشو والعبارات الجوفاء.. وأرهق الشعراء أذهانهم بكماليات ومحسنات أشهرها الموال؟! وزاد الأمر سوءاً بالمبالغة فيه حيث تحول الموضوع إلى تقليد لأغان وفنانين أملاً في كسب الجمهور الذي هو الآخر انجرف وراء هذا التطبيل ليخرج من المحاورة بلا فائدة ويذهب إلى أقرب صيدلية لأخذ حبوب الصداع وكأنه خرج من معارض السيارات؟!
آخر المدار
في ظل الثورة العلمية والانفتاح على العالم تحت راية العولمة أصبح العالم العالم بأسره قرية صغيرة، نرى ونسمع كل ما يحدث فيها خلال وقت قياسي.. في وقتنا الحاضر أصبحت الشبكة العنكبوتية والاتصالات المتطورة تخبرنا بكل ما نريد معرفته، ففي الهاتف الحمولة تضع خدمة (عاجل) أخبار الدنيا بين يديك.. وفي المقابل تجد أن محرك البحث googleمثلاً يدخلك إلى عالم آخر.. تتجول بين أرجاء وتتخطى كل الحواجز والعوائق لتصل إلى العولمة التي تبحث عنها أو الغاية التي تريد وترى بعينيك أشخاصاً وأماكن في الطرف الآخر من الكرة الأرضية.
إن عالم الإنترنت يشبه الأحلام، بل يصل إلى درجة الكوابيس المرعبة في حالات أخرى.. في هذا العالم الافتراضي تعيش بين الوهم والحقيقة وبين العقل والجنون وتختلط كل الثقافات والأوضاع.
في هذه الشبكة المعلوماتية الضخمة التي استغلها الكثير بشكل خاطئ واتجه إلى الجانب السلبي.. الجانب الذي ينحر الأخلاق.. وتفوح من مستنقعاته الآسنة فضائح البلوتوث.. ومنتديات الاقلاع والسب والشتم وعلى الرغم من الجهود التي تبذل من قبل جهات الرقابة إلا أن قلة الوعي وقلة الأدب تجعلان طبقات ليست قليلة تتفنن في التحايل وسلك الطرق الملتوية للوصول إلى غاياتها التافهة.
ضياع ديوان العرب
كان الشعر ديوان العرب لأنه يحفظ قصصهم وأخبارهم خصوصاً القصص والقصائد التي تجسد أخلاق العرب وشيمهم من الكرم والوفاء والشجاعة والإيثار ولكن بكل أسف أضاعت فوضى الشبكة العنكبوتية هويتنا وأفقدت ديوان العرب مصداقيته.. فصار في متناول الأيدي العابثة وأصبح الكل شاعرا وناقدا وتحت أسماء وهمية يكتب الشخص ما يريد بلا رادع والمصيبة عندما يكون بلا ضمير.
منتديات الشعر
هناك كم هائل من المنتديات التي تقوم على الشعر وبالذات (الشعر الشعبي) وهذه بدورها أم الفوضى، وان كانت ظاهرة صحية من الناحية المنطقية إلا أن الواقع مرير.. وحال يرثى لها، فالباب مفتوح على مصراعيه لمن أراد فتح منتدى!!
وعندما تختار إحدى هذه المنتديات بدعوة من صديق، أو أنه يشد الانتباه فستجد ما لا يسرك.. فأغلب الأعضاء من الجنسين بأسماء مستعارة وهذا مدعاة إلى الكثير من المشاكل التي تصل إلى درجة لا تصدق وهي امتداد للشللية وصورة كربونية لصفحات ومجلات الشعر الشعبي، فصاحب الموقع والمشرفين والأعضاء يتبادلون الاتهامات وكل يستغل صلاحياته في المنتدى.. وكل يغني على ليلاه.. وهي بالمناسبة بيئة مناسبة لمن هوايتهم سرقة القصائد والنصوص، فالقضية لا تكلفه أكثر من (نسخ... ثم لصق) ويصبح المقال أو القصيدة ملكاً له.
مداريات..
إن من يرصد حال الساحة الشعبية وبالذات (الشعر الشعبي) يجد مساحة شاسعة أشبه بالفضاء.. الذي يعج بالنجوم والكواكب والأجرام السماوية ويتشكل مناخه حسب الظروف الجوية والعوامل المؤثرة.. ولو صنفنا فضاء الساحة الشعبية نجدها على النحو التالي:
* رموز الساحة الشعبية وهم أشبه بالغلاف الجوي الذي يحيط بالساحة الشعبية ولعل الشعراء الكبار والمخضرمين ومؤسسي الساحة الشعبية هم أولئك الرموز.
* نجوم الساحة الشعبية: وهم من استطاع الوصول إلى القمة ولمع في سماء الساحة الشعبية مع تفاوت درجات توهجهم وبقائهم واغلبهم يحترق..
* كواكب الساحة الشعبية.. هم من اكتسب الشهرة بطريقة غير مباشرة وهم لا يمتلكون الموهبة وهم أشبه بالكوكب الذي يعكس النور من غيره.
اختصارات لها معنى
* المجلات الشعبية (صورة غير حقيقة للشعر الشعبي)
* الشاعران: ياسر التويجري وتركي المشيقح (وجهان لعملة واحدة).
* الشاعر سليمان المانع (غربة الروح.. وسلة الأوجاع).
* الشاعر نايف صقر.. يكفي انه من قال
هناك من يكتب لمجرد الكتابة.. حين يسل قلمه السام من غمده وهو أشبه بمن يستل سيفه ليقاتل دون هدف أو غاية إن لم يكن (مع الخيل يا شقراء) مع العلم أن جرح (اللسان) أشد ألماً من جرح السنان، بل إن جرح اللسان قد لا يرجا برؤه.
ولعل من يتصفح صفحات الصحف يرى الكم الهائل من أولئك الكتاب من الجنسين الذين امتهنوا هذه المهنة (لكتابة شيء عن كل شيء) حيث يخوضون في جميع المجالات ويستفزون الآخرين بأساليب التهكم والسخرية والإساءة المتعمدة إلى الأشخاص المستهدفين مما يؤدي إلى تبادل الشتائم والاتهامات ويتحول الأمر إلى مهاترات يكون ضحيتها القارئ.
الفرق شاسع أيها الأحبة بين النقد والانتقاد؛ فالأول علم وفن والآخر عدائية وتصفية حساب.
أجل فالنقد أحد أركان الأدب وهناك علم (النقد والبلاغة) وله رجاله وأساتذته، ولعل من أهم مقوماته أن يكون الناقد ملما - إن لم يكن متخصصا - بما سوف ينتقد، وأن يقتصر النقد على النص لا شخصية كاتب النص بعيداً عن جرح مشاعره أو تحجيمه أو التطاول عليه وقد يصل في حالات إلى تكفيره.
ولعل من المؤسف أن أغلب ما نقرأ عنه في صفحاتنا يدخل تحت الانتقاد وأبعد ما يكون عن النقد الهادف.
صراع من أجل البقاء
ما يحز في النفس.. بل يثير الشفقة في أحيان كثيرة أولئك المتسكعون بين الصفحات والمنتديات لإثارة المشاكل ونقل الأقاويل ونشر الأكاذيب من أجل قضية خاسرة.. والهدف الحقيقي وراء إثارة الزوابع هو التشبث بالبقاء في النور من خلال التسلق على أكتاف الآخرين.
مثل مثير للجدل
(الشيطان أستاذ الرجل.. وتلميذ المرأة)
خروج عن النص:
للشاعر العلم رشيد الزلامي
من الواجب على كل مواطن أن يجسد روح الوفاء والانتماء لأرضه ووطنه من خلال إخلاصه وتفانيه بحيث يكون قدوة صالحة ومثلاً يقتدي به الآخرون.. ولا شك أن المواطنة الصادقة لا تكون بالشعارات الزائفة والقناعات التي تتوافق مع المصلحة وهوى النفس في سبيل اقناع الآخرين بما هو عكس الواقع وضد الحقيقة ومن أجل الانتصار للذات.
صوت الضمير
من المؤلم والمؤسف أن نقرأ ونسمع ونشاهد تلك المبررات الهشة والردود المخجلة المغلَّفة بالحجج الواهية من بعض المسؤولين عندما يواجهون بالحقيقة التي تكشف مدى عجزهم أو فشلهم في إداراتهم على الرغم من الشواهد والبراهين التي لا تقبل النقاش ولا تحتمل التأويل والفلسفة سواءً كانت هذه الحقائق المرة ناتجة عن أخطاء أو تجاوزات وقصور في إداراتهم ألحق الضرر بالآخرين أو غمط حقوقهم.
ولعل من أوضح الأمثلة على ذلك تلك الأصوات والنداءات والشكاوى التي تتعالى (بلا صدى) بشكل يومي وتنقلها لنا وسائل الإعلام على اختلافها.. ثم يفاجئنا المسؤول أو مدير العلاقات بالنفي القاطع.. ويردد عبارته الرتيبة (لا صحة لما ذُكر)! وإذا كان من هواة الملاسنة والجدل فإنه يتصدر الصحف ويعتلي المنابر الإعلامية متوشحاً سيف التبرير والمبارزة من باب (الحجة بالحجة) من أجل حفظ ماء وجهه ودفاعاً عن منصبه.
سؤال؟!
السؤال الذي يطرح نفسه متى نرى المسؤول الذي يعترف بخطئه وتقصيره ويعتذر لمجرد الاعتذار، فنحن لا نطالب باستقالة سعادته.
كبوة جواد
الإهداء إلى تلفزيوننا الحبيب (البرامج الشعبية) على لسان الشاعر مساعد الرشيدي:
من بداية الكتب التي لا أمل من إعادة قراءتها كتاب (حياة في الإدارة) للدكتور غازي القصيبي والذي يعتبر بحق من أهم وأشهر رموز الإدارة وأحد فطاحلة الشعر الفصيح، علاوة على كونه أديباً لا يشق له غبار وله عدة مولفات في الشعر والقصة والرواية وإليكم هذه (المزحة الطريفة):
يروي لنا معالي الوزير في كتابه (حياة في الإدارة) صفحة (265) أحد المواقف التي يعتبرها من أطرف المواقف التي مرت به رغم كثرتها.. (حينما كان وزيراً للصحة قدم له أحد الأطباء طلب توظيف اشتمل على مؤهلاته، وقد سلم طلبه للوزير (مناولة) ومن باب الحرص وتأكيد فرصة قبوله أرفق مع طلبه قصيدة (بالشعر الفصيح) يمدح فيها الوزير؟؟؟ وعندما اطلع عليها الوزير وجدها ركيكة وتحتوي على الكثير من الأخطاء فوجه بالأمر إلى مدير شؤون الموظفين بقبول الطبيب وأخذ (تعهد خطي)؟؟؟ عليه بعدم كتابة الشعر؟؟؟ وفي حالة ثبوت ذلك فإنه يحق للوزارة فصله؟؟ وعندما أكمل (الطبيب الشاعر) إجراءات قبوله فوجئ بالشرط الذي يستوجب تعبئة نموذج التعهد وخرج مندهشاً حيث عاد إلى الوزير متذمراً من هذا الإجراء وعندها.. لم يتمالك الوزير نفسه من الضحك؟؟ ورد عليه بقوله (أمزح معك) ولا مانع من كتابتك للشعر بشرط ألا تصل قصائدك إلى مكتب الوزير، وبعد أن عاد الطبيب مرة أخرى إلى إدارة شؤون الموظفين.. قال لأحدهم (أول مرة أشوف وزير يمزح)؟؟؟؟
* يذكرني هذا الموقف الطريف والهادف من رجل بقامة وفكر وأخلاق الدكتور غازي القصيبي عبارة تاريخية لوزير التربية والتعليم السابق د. أحمد الرشيد عندما قال (أدركت بالعلوم الغانمة ما لم أدرك بقوة النظام) كم نحن بحاجة إلى مثل هذا التعامل الراقي واحترام الآخرين بعيداً عن المركزية وحب السيطرة التي ينتهجها بعض المسؤولين وأصحاب المناصب مما جعلهم يعيشون في أبراج عاجية بعيداً عن الآخرين، ومنهم من علق خلف مكتبه لوحة فخمة تحمل العبارة التالية: (القادة كالصقور.. لا يعشقون التجمعات)؟؟؟
عندما يحزن القلب ويعتصره الألم.. يمر المرء بلحظات تشبه سكرة الموت.. وهي لحظة بكاء القلب.. عندها تكون العاطفة في قمة انفعالها وتأججها.. لأن الدموع من العين تصبح عادية وطبيعية مقارنة ببكاء القلب.. هذه الصورة من صدق العاطفة يصورها لنا مهندس الكلمة الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن حين يقول:
لا ما عليّ لو دمع عيني هماليل
الموت دمع القلب لا صار همال
إن الشاعر الحقيقي هو من يستصرخ مشاعرنا حين ينزف مشاعره بعبارات مؤثرة تجعلنا نشاركه شعوره.. ونردد أبياته بل نحفرها على جدران الذاكرة.. ونستشهد بها كلما مررنا بتجربته أو سمعنا ما يشبهها.
الروح.. والجسد
هناك علاقة وثيقة ورباط أبدي بين الشعر والعاطفة يشبه ارتباط الروح بالجسد، فمتى فارقت الروح الجسد أصبح جثة هامدة.. وكلما كانت التجربة قاسية والموقف مؤثر انعكس ذلك على عاطفة الشاعر؛ لأنه بطبيعته مرهف الإحساس ومتى بردت عواطفه أصبحت الأبيات مجرد نظم من الكلام المرتب تحكمه (الوزن والقافية) فهي سليمة المبنى باردة المعنى والعاطفة.
آخر المدار
تظل المرأة هي منبع العاطفة ونبض الإحساس فهي ملهمة الشعراء ورمز العاطفة والجمال على الكرة الأرضية..
ولعل هذه الأبيات أحد صور العاطفة الصادقة للنصف الآخر لشاعرة لا أعرف اسمها إلا أنني أثق أنها صادقة العاطفة:
بطاقة بيضاء:. طالما أن البياض هو رمز النقاء وأصل الألوان، حيث تأخذ منه القلوب النقية وصفها ويكسو الأرض بردائه الناصع في فصل الشتاء ويجمع شتات الورد والسحاب.
لذلك أكتب على وجهه الأبيض الصافي بأحرف من دم قلبي، وأوقع على (بياض) وأنا بكامل قواي إنني قد وهبت روحي فداء لهذا الوطن العظيم والأرض الساحرة.. والله على ما أقول شهيد.
* بطاقة خضراء:. بكل ما تحمل من مضامين التفاؤل والأمل أهديها إلى من بذل جهده ووقته وماله لإعادة موروثنا إلى سابق أمجاده وإظهار صوته الأصيل وصورته الحقيقية والمشرقة في الوقت الذي عبثت به الأيدي وأصبح (مهنة من لا مهنة له)؟!!
ولا يفوتني أن أشكر وأهنئ أسرة (مجلة العرّاب) التي رأت النور هذه الأيام، وعلى الرغم من أنها ولدت في جو ملوث بالأقمار الاصطناعية والأطباق التي تتلقف ما هبَّ ودبَّ مما لوث ذائقة القارئ والمستمع والمشاهد. ولعل ما لفت نظري وأسعدني في هذه المبطوعة الجديدة هو أسلوب العرض المحتشم والبعيد عن عرض (تجارة الجسد) والمساحيق، واحتوت على العديد من الموضوعات الهادفة والطرح الراقي، وأدعو لهم بالتوفيق وإلى الأمام.
* بطاقة صفراء:. أحذر بها الشعراء الشباب المبتدئين والمندفعين بقوة إلى منصة الشهرة، حيث أغرتهم أضواء الكاميرات وصخب الأمسيات وأصابتهم حلة من هيستيريا البحث وحب الظهور.. وأملي بهم أن لا يحرقوا أنفسهم بهذه الهالة ويدفنوا مواهبهم في زحام الوجوه والأصوات، فقط عليهم أن يختاروا نصوصهم بعناية وأن يستشيروا كبار الشعراء ويحرصوا على مجالس الأدب والعلم.
* بطاقة حمراء:. نرفعها في وجه كل فكر منحرف وقلم حاقد.. من أصحاب المفاهيم المقلوبة والقناعات المبطنة والنوايا السوداء.. إلى تلك العقول البائسة التي تحاول عبثاً الاصطياد في الماء العكر.. ونفث آرائها العنصرية والمزدوجة في محاولة يائسة لتشويه موروثنا الأصيل وتراثنا العريق في الوقت الذي تعتز فيه شعوب الأرض بتراثها وحضاراتها وماضيها.
كم هي حاقدة تلك الأصوات التي تعتبر الشيم العربية والتقاليد الأصيلة صوراً من صور التخلف والرجعية. وما تلك النساء المسترجلات عبر الصحف والقنوات والمطبلون لهن من المتحررين والمتباكين على حال المرأة وهم يلبسون أقنعة الكذب وجلود الذئاب وفي نظرتهم القاصرة أن (ابن الصحراء) لا يبني حضارة. وحمداً لله أن رواياتهم وأداءهم بقيت حبيسة الأدراج لم تر النور.. وستبقى جزيرة العرب منبع الأصالة ومهد القيم. ولا شك أن التاريخ يعيد نفسه وذاكرته لا تنسى.
قد يشاركني الكثير في هذا الشعور وهذه القناعة.. ولاشك أن الخطأ من سمات النفس البشرية لم يعصم منه إلا صفوة الخلق صلى الله عليه وسلم.
كما أن الخطأ يعتبر مسألة نسبية ترتبط بنوع الخطأ ومصدره ويتأثر بالعوامل والظروف المصاحبة والتي قد تساهم في إضرام نار الغضب وتزيد من فداحة الخطأ ومنها ظروف الزمان والمكان والحالة النفسية.
ومن أقسى وأمر مصادر الخطأ إذا كان من ذوي القربى أو من إنسان عزيز والذي تجسدت صورته المؤلمة بالبيت الشهير:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهند
لذلك امتدح الله عز وجل فئة نادرة من الناس يمتلكون أعلى درجات الصبر ويحملون أغلى أوسمة النبل والسمو، حيث وصفهم بصفة عظيمة وميزة فريدة هي (كظم الغيظ) بقوله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.
فالانسان العاقل الحكيم هو من يمتلك هذا الكنز وهو بذلك يشبه إلى حد كبير (العود الأزرق) لأنه من أنفس وأجود أنواع الطيب الذي تظهر جودته وتفوح رائحته الزكية عندما يحترق.. لذلك يظل هذا النوع من الطيب رمز الحفاوة والكرم في مجالس كرام العرب وتتوارثه أجيالهم ويكون أول مستقبل وآخر مودع لضيوفهم.. ولا أعتبر نفسي أتيت بجديد عندما قلت:
الآدمي مخبر ومظهر ومنطوق
وعن غيب مكنونه يدلّك نطاقه
والطيب له مبدأ.. وله ساس وعروق
والعود الازرق ميزته باحتراقه
لغز المدار..؟!
بحكم معرفتي لسياسة زملائي القائمين على صفحة مدارات بعدم وجود زاوية للألغاز.. فإنني أستميحهم العذر في طرح هذه الفقرة ضمن هذه المساحة التي شرفوني بها، وأعتبر لغز المدار مجرد تواصل مع عشاق (رياضة العقل) مع العلم أن المقال القادم بإذن الله سيتضمن فقرة تبين حل هذا اللغز الخفيف والذي يظهر جزء من حله في هذا المقال الماثل بين أيديكم.